يجب على العمل والتحليل السياسي رصد التباينات الكامنة والظاهرة بين مختلف الفرقاء، ولاسيما بين اللاعبين المؤثرين عالمياً وإقليمياً، بغرض استثمار هذا التباين بما يخدم مصالح أصحاب القضية، وهو ما ينطلق منه بعض دعاة الاستفادة من التباين الأميركي- الأوروبي تجاه قضية الشعب الفلسطيني منذ زمن طويل، دون أن يسفر ذلك عن أي تغيير حقيقي في مآلات قضيتنا العادلة، وهو ما يدفعني الآن لإبراز أهم مواضع الخلل في ذلك. حيث يتوه البعض بين تباين التصريحات وربما الأسلوب من جهة، وبين الاختلاف في المصالح والتحالفات والنظرة المستقبلية من جهة أخرى، إذ لا يمكن البناء على التباين الشكلي المبني على مجرد اختلاف لغة الخطاب، أو حتى أسلوب تحقيق الأهداف المبتغاة، إن لم يعكس اختلافا حقيقيا في الأهداف والتوجهات والمصالح، وبالتالي في التحالفات الوثيقة، وهو ما ينطبق على التباين الشكلي بين الموقف الأميركي والأوروبي عموما.
إذ تعبر بعض تصريحات المسؤولين الأوروبيين عن غضب عارم تجاه الممارسات الصهيونية التي تقوض حل الدولتين، كالبناء والتوسع الاستيطاني، وبناء جدار الفصل العنصري، وحصار غزة، وتقسيم أراضي الضفة، والتحكم المطلق والتعسفي باقتصاد مناطق السلطة ومستحقاتها المالية، وصولا إلى الغضب من قرار حكومة الكيان الأخير المعروف بقرار الضم. لكنه غضب شكلي وتصريحات جوفاء، لا تعبر عن حقيقة المصالح الأوروبية القائمة على اعتبار دولة الكيان حليفا وثيقا يتمتع بخصوصية استثنائية لا يحظى بها أي طرف آخر، وهو ما ينعكس في محدودية الفعل الأوروبي المقيد لأي من الممارسات الإجرامية الصهيونية سابقة الذكر، رغم امتلاكهم العديد من وسائل الضغط والمحاسبة وصولا إلى الإجبار، سواء أكانت تلك الوسائل اقتصادية أم سياسية أم قانونية أم إعلامية. طبعا قد يجادل البعض بشأن محدودية الفعل الأوروبي على اعتباره شكلا من أشكال العجز والضعف أمام القرارات والتوجهات الأميركية، استنادا إلى محدودية الفعل الأوروبي في أكثر من قضية ومسألة عالمية، وهي نظرة أو تحليل صحيح لكنه مجتزأ عن سياقه الكامل، الذي يوضح ترابطا وثيقا في المصالح الأوروبية والأميركية الآنية والمستقبلية؛ على المدى المنظور بالحد الأدنى؛ حتى ولو اختلفوا مرة أخرى حول أسلوب تحقيق هذه المصالح وكيفية توزيع الحصص في ما بينهم.
لكن وبالعودة للموقف الأوروبي من ممارسات الكيان نلحظ توجها مركزيا ثابتا فيها، يستند إلى التمسك بحل الدولتين ظاهريا؛ ودعم وحماية الكيان اقتصاديا وقانونيا وسياسيا وأمميا، فأمن الكيان ومصالحه الحيوية والاستراتيجية تقبع على رأس الأولويات الأوروبية، وهو ما يتبدى في صياغة الاتفاقات التي رعاها أو ساهم في رعايتها الاتحاد الأوروبي كاتفاق باريس الاقتصادي، الذي يجسد سيطرة الكيان على مفاصل الحياة الاقتصادية والمالية الفلسطينية أو السلطوية، مما يقوض إمكانية بناء دولة فلسطينية مستقلة. وعليه لا تكترث البنية السياسية الأوروبية بمآلات الوضع الفلسطيني، ولا بحل الدولتين، بقدر ما تكترث بتطورات الصراع وانعكاساته على الأرض، لذا يلعب الأوروبيون دور صمام الأمان القادر على ضبط رد الفعل الفلسطيني؛ وامتصاص الغضب ولو كان الرسمي منه فقط، مع محاولتهم السيطرة على الغضب الشعبي أيضا عبر إشاعة أجواء توحي بدعم الحق الفلسطيني؛ المنقوص أساسا وفق حل الدولتين أو وفق اتفاق أوسلو المشؤوم؛ وعلى قاعدة الاعتراف بكامل حقوق الكيان المزعومة.
طبعا لا يعني ذلك التنكر لأهمية النضال الخارجي؛ ولاسيما الحقوقي والتوعوي؛ المنطلق من مركزية تعريف الآخر بقضيتنا وحقوقنا، بقدر ما أحاول نقد الانحرافات التي حولته إلى مجرد استجداء لموقف رسمي أوروبي مغاير عن الموقف الأميركي إعلاميا وسياسيا، لا يتعدى حدود إدانة الكيان ومناشدته التريث والتراجع عن خطواته التعسفية والإجرامية ولو قليلا. إذ يجدر بنا توجيه نضالنا الخارجي نحو الشعوب، بخطاب حقوقي مدعم بالحقائق التاريخية والإنسانية الموثقة، من أجل دحض الرواية الصهيونية؛ والأميركية والأوروبية ضمنا؛ والتعريف بالرواية الفلسطينية الشرعية والوحيدة المعبرة عن وحدة الأرض والشعب والقضية. من أجل بناء رأي عام شعبي مناصر للحق الفلسطيني الكامل دون أي اجتزاء أو تحريف، فقد لمسنا ثمن تحريف واجتزاء روايتنا الشرعية التاريخية من خلال منح رواية الكيان الزائفة صفة شرعية كاذبة مما قوض إمكانيات الفعل الفلسطيني المضاد، وكذلك من خلال سلب قضيتنا أهم عوامل قوتها المتمثلة في وحدة الشعب والأرض والقضية.
إذ تعبر بعض تصريحات المسؤولين الأوروبيين عن غضب عارم تجاه الممارسات الصهيونية التي تقوض حل الدولتين، كالبناء والتوسع الاستيطاني، وبناء جدار الفصل العنصري، وحصار غزة، وتقسيم أراضي الضفة، والتحكم المطلق والتعسفي باقتصاد مناطق السلطة ومستحقاتها المالية، وصولا إلى الغضب من قرار حكومة الكيان الأخير المعروف بقرار الضم. لكنه غضب شكلي وتصريحات جوفاء، لا تعبر عن حقيقة المصالح الأوروبية القائمة على اعتبار دولة الكيان حليفا وثيقا يتمتع بخصوصية استثنائية لا يحظى بها أي طرف آخر، وهو ما ينعكس في محدودية الفعل الأوروبي المقيد لأي من الممارسات الإجرامية الصهيونية سابقة الذكر، رغم امتلاكهم العديد من وسائل الضغط والمحاسبة وصولا إلى الإجبار، سواء أكانت تلك الوسائل اقتصادية أم سياسية أم قانونية أم إعلامية. طبعا قد يجادل البعض بشأن محدودية الفعل الأوروبي على اعتباره شكلا من أشكال العجز والضعف أمام القرارات والتوجهات الأميركية، استنادا إلى محدودية الفعل الأوروبي في أكثر من قضية ومسألة عالمية، وهي نظرة أو تحليل صحيح لكنه مجتزأ عن سياقه الكامل، الذي يوضح ترابطا وثيقا في المصالح الأوروبية والأميركية الآنية والمستقبلية؛ على المدى المنظور بالحد الأدنى؛ حتى ولو اختلفوا مرة أخرى حول أسلوب تحقيق هذه المصالح وكيفية توزيع الحصص في ما بينهم.
لكن وبالعودة للموقف الأوروبي من ممارسات الكيان نلحظ توجها مركزيا ثابتا فيها، يستند إلى التمسك بحل الدولتين ظاهريا؛ ودعم وحماية الكيان اقتصاديا وقانونيا وسياسيا وأمميا، فأمن الكيان ومصالحه الحيوية والاستراتيجية تقبع على رأس الأولويات الأوروبية، وهو ما يتبدى في صياغة الاتفاقات التي رعاها أو ساهم في رعايتها الاتحاد الأوروبي كاتفاق باريس الاقتصادي، الذي يجسد سيطرة الكيان على مفاصل الحياة الاقتصادية والمالية الفلسطينية أو السلطوية، مما يقوض إمكانية بناء دولة فلسطينية مستقلة. وعليه لا تكترث البنية السياسية الأوروبية بمآلات الوضع الفلسطيني، ولا بحل الدولتين، بقدر ما تكترث بتطورات الصراع وانعكاساته على الأرض، لذا يلعب الأوروبيون دور صمام الأمان القادر على ضبط رد الفعل الفلسطيني؛ وامتصاص الغضب ولو كان الرسمي منه فقط، مع محاولتهم السيطرة على الغضب الشعبي أيضا عبر إشاعة أجواء توحي بدعم الحق الفلسطيني؛ المنقوص أساسا وفق حل الدولتين أو وفق اتفاق أوسلو المشؤوم؛ وعلى قاعدة الاعتراف بكامل حقوق الكيان المزعومة.
طبعا لا يعني ذلك التنكر لأهمية النضال الخارجي؛ ولاسيما الحقوقي والتوعوي؛ المنطلق من مركزية تعريف الآخر بقضيتنا وحقوقنا، بقدر ما أحاول نقد الانحرافات التي حولته إلى مجرد استجداء لموقف رسمي أوروبي مغاير عن الموقف الأميركي إعلاميا وسياسيا، لا يتعدى حدود إدانة الكيان ومناشدته التريث والتراجع عن خطواته التعسفية والإجرامية ولو قليلا. إذ يجدر بنا توجيه نضالنا الخارجي نحو الشعوب، بخطاب حقوقي مدعم بالحقائق التاريخية والإنسانية الموثقة، من أجل دحض الرواية الصهيونية؛ والأميركية والأوروبية ضمنا؛ والتعريف بالرواية الفلسطينية الشرعية والوحيدة المعبرة عن وحدة الأرض والشعب والقضية. من أجل بناء رأي عام شعبي مناصر للحق الفلسطيني الكامل دون أي اجتزاء أو تحريف، فقد لمسنا ثمن تحريف واجتزاء روايتنا الشرعية التاريخية من خلال منح رواية الكيان الزائفة صفة شرعية كاذبة مما قوض إمكانيات الفعل الفلسطيني المضاد، وكذلك من خلال سلب قضيتنا أهم عوامل قوتها المتمثلة في وحدة الشعب والأرض والقضية.