منذ افتتاح أول فندق في المغرب لا يقدّم الكحول عام 2005، على غرار ما هو سائد في مختلف فنادق البلاد، حتى كثرت الفنادق والمتاجر التي اختارت بدورها الامتناع عن تقديم الكحول ضمن خدماتها للزبائن. خيارُ هؤلاء لم يؤثر كثيراً على حركة السياحة، وما زال خاضعاً للجدال بين مؤيدين ورافضين.
تجدر الإشارة إلى أن القانون المغربي يمنع بيع الكحول للمسلمين، وينص على أنه "يمنع على مستغل كل مؤسسة أن يبيع أو يقدم المشروبات الكحولية مجاناً أو تلك الممزوجة بالكحول، إلى المغاربة المسلمين". لكن ذلك لم يمنع التجار من بيعها بطرق مختلفة.
في السياق نفسه، تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن المغاربة يستهلكون في العام الواحد نحو 131 مليون ليتر من المشروبات الكحولية تشمل 400 مليون قنينة جعة، و38 مليون قنينة نبيذ، ومليون ونصف مليون قنينة ويسكي، ومليون قنينة فودكا، و140 ألف قنينة شامبانيا. وخلال السنوات السابقة، لم تكن الحكومة تسمح بإنشاء فنادق تحظر تقديم الكحول، لأن الأمر قد يقلص من توافد السياح إلى البلاد. يذكر أن إيرادات القطاع السياحي في المغرب تأتي في المرتبة الثانية، لكنها تراجعت بعد السماح بوجود فنادق لا تبيع الكحول.
خوف
عُرف رجل الأعمال المغربي ميلود الشعبي، بإنشائه فنادق ومتاجر عدة لا تقدم الكحول ولا تبيعها. قبل نحو تسع سنوات، شيّد فندقاً خمس نجوم في مراكش لا يبيع الكحول، ما دفع بعدد من المستثمرين إلى حذو حذوه. تجربةٌ دفعت كثيرين إلى خوض غمار إنشاء متاجر كبيرة لا تقدم الكحول أيضاً في العديد من مدن المملكة. وأبدى كثيرون خشيتهم من فشل هذه المؤسسات السياحية والتجارية، باعتبار أن الكحول تعدّ سبباً رئيسياً لجذب السياح الأجانب بالإضافة إلى أنها تدرّ مالاً كثيراً على أصحاب تلك المشاريع.
لكن يبدو أن هذا الخوف سرعان ما تبدد بعد سنوات من بدء هذه التجربة في المغرب. ولم تتأثر الفنادق والأسواق التجارية الكبرى التي تبنت شعار لا للكحول لناحية جذب السياح، كذلك أتت أرباحها جيدة.
في السياق نفسه، يقول الشعبي لـ "العربي الجديد" إن الذين راهنوا على إفلاس فنادق ومتاجر كبرى لا تقدم مشروبات كحولية ضمن خدماتها، خسروا، خصوصاً وأن هذه المؤسسات أثبتت نجاحها في مختلف أنحاء البلاد. ويوضح أن "السائح الأجنبي عندما يأتي إلى المغرب، لا يكترث إن كانت الفنادق أو المتاجر تقدّم الكحول، بل يأتي من أجل اعتبارات مختلفة، لاكتشاف حضارة هذا البلد وتاريخه والاطلاع على تقاليده وعاداته".
بالنسبة إلى الشعبي الذي بدأ حياته راعياً للغنم، فإنه وبعيداً عن النص الديني الذي يحرّم بيع الكحول وترويجها، يساهم امتناع تقديمها للناس في تقليص حوادث السير ويحدّ من ارتفاع نسبة الجرائم في البلاد بالإضافة إلى تقليص التفكك الأسري في بعض الأحيان.
يضيف الشعبي أنه وبحسب إحصائيات قامت بها مجموعته الصناعية والتجارية، ترتفع نسبة الزبائن الذي يعودون كل سنة إلى تلك الفنادق، ما يعني أن الزبون أو السائح لا يأتي إلى تلك الفنادق والمتاجر من أجل الكحول فقط.
مواقف مختلفة
ما زالت الفنادق أو المتاجر الكبرى التي تمتنع عن تقديم الكحول، محصورة في عدد من المناطق وهي لم تنتشر في كل أنحاء المغرب. كذلك ثمّة اختلاف في الآراء بين مؤيد ومعارض. وقد صدرت فتاوى عدة، بعضها دعمت الأمر وأخرى عارضته. فالفقيه أحمد الريسوني سبق أن حرّم التسوق من المحال التي تبيع الكحول لـ "درء المنكر".
في المقابل، رفض الشيخ عبد الباري الزمزمي الأمر وقال إنه من العسير إجبار الناس على عدم دخول فنادق أو محال تجارية لأنها تبيع الكحول، لافتاً إلى أنه بإمكانهم شراء المواد الاستهلاكية التي يحتاجونها من المحال الكبرى التي تبيع المشروبات الروحية.
من جهته، يقول محمد بوزديف وهو تاجر في إحدى المحال التجارية في الرباط لـ "العربي الجديد"، إنه "يحبذ فكرة وجود فنادق ومتاجر لا تبيع الكحول، لأن المغرب بلد إسلامي أولاً، بالإضافة إلى أن ذلك يساهم في الحدّ من السلبيات التي قد تنشأ عن استهلاك هذه المشروبات التي تباع في الفنادق وعدد من المحلات". أما شريف شحطان وهو موظف في فندق في الرباط، فيرى أن "تقديم الكحول في الفنادق والمحال التجارية ليس موجهاً للمغاربة، بل للسياح الأجانب الذين لا يمكن أن نمنع عنهم المشروبات الروحية، ونفرض عليهم معتقداتنا".