اندلعت، مساء الثلاثاء، مواجهات ساخنة بين أحزاب المعارضة المغربية، وبعض الوزراء في الحكومة، تحت قبة البرلمان، تخللتها كلمات نابية وتبادل للشتائم والاتهامات، كادت أن تتطور إلى عراك بالأيدي بين الطرفين، ما أعاد مصداقية العمل البرلماني إلى واجهة الأحداث بالمغرب.
وانطلق الهرج والمرج في مجلس النواب على خلفية موضوع ارتفاع الأسعار، بعدما وجه وزير الشؤون العامة، محمد الوفا، كلمة "نابية" لأحد برلمانيي حزب الاستقلال المعارض، ما جعل البرلمان يقوم ولا يقعد، جراء الملاسنات والاشتباكات.
تجاذبات حادّة
وبدأت قصة الاشتباك الذي حصل في البرلمان المغربي، عندما لم يستسغ الوزير محمد الوفا تدخل نائب معارِض، ليوجه له كلمة وُصفت بأنها غير أخلاقية، ما جعل أحزاب المعارضة تتكتل للتنديد بتصرف الوزير، والمطالبة بإقالته. ووصف حزب الاستقلال المعارض، في بيان، أحداث البرلمان بكونها "انزلاقات خطيرة، وتصرفات لامسؤولة، وتعامل غير لائق من طرف الحكومة".
وقال الحزب إن الوزير الوفا "مسّ بسمعة المؤسسة التشريعية من خلال ما تلفظ به من كلام ساقط وألفاظ مشينة لا تليق بحكومة المملكة المغربية"، معتبراً أن "هذا السلوك يعتبر سابقة في حياة البرلمان وانتهاكاً لحرمته".
وأشار الحزب المعارض إلى أن "حادثة البرلمان ليست واقعة معزولة، بل ممارسة ممنهجة من طرف الحكومة للتهرب من تقديم إجابات صحيحة حول قضايا المجتمع والانتظارات الملحة للمواطنين"، وفق تعبيره.
ودعم حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، المعارض أيضاً، هذا الموقف، من خلال التنديد بتصرف الحكومة ممثلة بأحد وزرائها، إذ أكد رئيس الحزب، إدريس لشكر، على "ضرورة اعتذار الحكومة، لأن البرلمان هو من يراقب عمل الحكومة، وليس العكس".
في المقابل، حاول الحزب الذي يقود الحكومة، حزب العدالة والتنمية، التهوين من الحادثة وتداعياتها، معتبراً أن "الوزير الوفا لم يقصد إهانة البرلمان"، مشيراً إلى أن "هناك جهات سياسية تسعى لتعطيل عمل مجلس النواب عبر إثارة قضايا جانبية وهامشية".
البرلمان والعزوف السياسي
ويعلق الدكتور عثمان الزياني، أستاذ القانون الدستوري، على ما حدث ويحدث في المؤسسة التشريعية المغربية، بالقول إنها "ليست ظاهرة جديدة على مستوى الممارسة البرلمانية المغربية، لكنها آخذة في الانتشار والاستفحال" على حد قوله.
وقال الزياني، لـ"العربي الجديد"، إن هذه السلوكيات تعبر عن الجوانب المَرَضية في الفعل البرلماني المغربي، لافتاً إلى أن تكلفتها تكون كبيرة على مستوى الممارسة السياسية، وتزيد من منسوب تدنيس صورة البرلمان والبرلماني لدى الرأي العام".
وأكد المحلل أن "مثل هذه الممارسات تساهم في تعزيز العزوف السياسي للمواطنين في الانتخابات التشريعية المقبلة، وستزيد من العداء تجاه السياسة والسياسيين، وخصوصاً أعضاء البرلمان، وتعبر عن وعي برلماني معتل وواقع برلماني مختل بامتياز".
واستطرد أنه "بدل أن يتم استثمار الجهد البرلماني في مناقشة الأفكار والتصورات بخصوص نقاش السياسات العمومية، فإنه يُختزل في كثير من الأحيان في السباب والكلام النابي والمنحط والقذف وتبادل الاتهامات، مما يعرقل تطور الممارسة البرلمانية".
وتابع المتخصص في الشأن البرلماني أن "هذه السلوكيات تتناقض مع ما تفرضه الوظيفة البرلمانية من احترافية، بعيداً عن منطق المزايدات السياسية والصراعات الحزبية والشخصية الفارغة" وفق تعبيره.