بعث معهد "فيان"(Viyan) للغة والأدب الكردي في مقاطعة عفرين، شمال غربي سورية، الأمل والطموح لدى طلابه لمتابعة دراساتهم بعدما تقطّعت بهم السبل جراء ظروف الحرب التي تعصف بسورية منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضدّ نظام بشار الأسد في مارس/ آذار 2011.
مديرة المعهد، رندا مصطفى، تقول لوكالة "الأناضول"، إنّ "معهد فيان للغة والأدب الكردي، الذي أنشئ قبل شهرين، هو أوّل معهد من نوعه في ما يسميها الأكراد (روج آفا)، (المناطق ذات الغالبية الكردية شمالي سورية)، وسورية عموماّ، ويتبع هيئة التربية والتعليم في حكومة الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة عفرين".
"فيان"، يعني "الإرادة والمحبة" باللغة الكردية، وهو "يهتمّ بتدريس اللغة والأدب الكردي، وهدفه الأساسي تخريج معلمين ومعلمات متخصّصين للتدريس باللغة الكردية. فالتعليم في الصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية (المرحلة الأولى من التعليم الأساسي)، الآن، هو باللغة الكردية في المقاطعة".
ومطلع العام الدراسي الحالي، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أدرجت الهيئة مادة اللغة الكردية للتدريس في المدارس الرسمية في المقاطعة. وبحسب الهيئة، يوجد الآن أكثر من 800 معلّم ومعلّمة للغة الكردية.
وعن الدراسة في المعهد، الذي يضم 320 طالباً يتلقون تعليمهم بالمجّان، توضح مديرته أنّ "مدّتها سنتان يحصل الطالب في نهايتهما على شهادة تخرّج تخوله التدريس في مدارس المقاطعة. ويضم المعهد 17 مدرساً ومدرّسة تم إعدادهم وتأهيلهم للتعليم".
وبحسب رودين جاويش، وهو أحد أساتذة المعهد، فإنّ "المعهد يعتبر إنجازاً بالنسبة لنا كي نستطيع من خلاله تطوير اللغة والأدب الكردي بشكل أكاديمي"، مضيفاً أنّه "في عهد النظام السوري كان أيّ نشاط علمي أو ثقافي يتعلق بالشعب الكردي في سورية محظوراً".
ويتابع جاويش، في حديث مع "الأناضول"، أن "منهاج المعهد يشتمل كلّ سنة على 5 مواد تعليمية". ويوضح أنّه "خلال إعداد المناهج، استعنّا بالمعهد الكردي في (ولاية) ديار بكر (جنوب شرقي تركيا)، والمعهد الكردي في اسطنبول، والمعهد الكردي في باريس، فزوّدونا بخبراتهم وبمجموعة كبيرة من الكتب والمراجع".
وأوجد افتتاح هذا المعهد حالة من التفاؤل بين المهتمين والراغبين في دراسة اللغة الكردية.
ويقول شيرزاد عمر، وهو أحد طلاب المعهد، إنّ "المعهد يمثل فرصة جيدة لاستكمال تعليمي بعد نيلي للشهادة الثانوية". ويضيف أنه "كنا نتناقل الأدب الكردي في ما مضى بشكل شفهي أو من خلال منشورات وكتب نتداولها سرّاً، أما الآن فقد أتاح المعهد المجال للطلاب لكي يبحثوا ويدرسوا اللغة والأدب الكردي بشكل علمي. فمكتبة المعهد تحتوي على مئات الكتب والمراجع".
وعلى الرغم من أن الأكراد في سورية ثاني أكبر قومية في البلاد بعد القومية العربية بنسبة تتجاوز 15 في المئة من عدد السكان، بحسب مصادر كردية، إلا أنّ النظام السوري كان يحرمهم من حقوق كثيرة أهمّها المواطنة والتكلّم بلغتهم، قبل أن يصدر، مع بداية الثورة ضدّه، تسهيلات بهدف تسجيلهم واعتبارهم مواطنين سوريين، وذلك في محاولة لكسب ودهم أو تحييدهم عن الانضواء في صفوف المعارضين له.
ولا يقتصر المعهد على الطلاب الأكراد فقط، فهناك طلاب عرب أيضاً، بينهم أمينة حمدو، التي تقول لـ"الأناضول": "لستُ من عفرين، لكنّني كبرت وترعرعت فيها، وأتقن التكلم باللغة الكردية، وتسجيلي (للدراسة) في معهد اللغة الكردية، سيزيد معرفتي بالأدب والثقافة الكردية التي لطالما أحببتها".
ومقاطعة عفرين، ذات الغالبية الكردية، هي واحدة من مقاطعات الإدارة الذاتية الثلاث، التي أعلن عنها مطلع العام الماضي شمالي سورية من قبل مجموعة من الأحزاب والمنظمات الكردية والعربية والسريانية، وتتبع لها 366 قرية.
وارتفع عدد سكان عفرين من 650 ألف نسمة، قبل اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد النظام السوري في مارس/ آذار 2011، إلى أكثر من مليون نسمة، بحسب مصادر كردية، بعدما توجّه إليها نازحون من المناطق المجاورة ومن مدينة حلب، كونها لا تتعرّض عادة لقصف من قوات النظام السوري.