للمرة الثانية وفي غضون أقل من عام، تُسقط عدسات الكاميرا مصادفة القناع عن شخصية اعتبارية لبنانية، لتكشف للمتابعين زيف هذا المجتمع بساسته ونخبته وأكاديميه. والكلام عن لبنان ينسحب على الوطن العربي بأسره.
أمس بثت قناة "الجديد" اللبنانية تقريراً مصوراً، لرجل يتشاجر مع امرأة تجلس خلف مقود سيارتها المتوقفة في الشارع، ثم يتطور النقاش إلى تعدٍ واضح، إذ يظهر الرجل وهو يسدد "لكمة" للسيدة الجالسة في سيارتها، ومن ثم يجرها من شعرها بعنف ليخرج نصف جسدها من نافذة السيارة.
أن تتعرض امرأة للاعتداء في شوارعنا العربية، سواء بالضرب أو التحرش، بات أمراً أقل من عادي، غير أن ما منح الحدث الأخير طبيعة خاصة هو تفصيل صغير أوردته محطة "الجديد" حول هوية المعتدي والمعتدى عليها، إذ ذكرت القناة أن الرجل محامٍ مسجل قانونياً في لبنان، وأنه يعمل رئيساً لإحدى البلديات، وأن السيدة هي زوجته، وأن الخلاف عائلي.
أشد ما كان يلفت الانتباه في الجرائم العائلية، والتي طفت على السطح مؤخراً في لبنان، طبيعة الجرائم التي يقوم بها الأزواج ضد زوجاتهم، والتي تكاد تكون أقرب إلى حفلات تعذيب غايتها إزهاق الروح، كما حدث مع تلك التي رماها زوجها من الطابق الثاني، ومع سارة الأمين التي اخترقت جسدها سبع عشرة رصاصة.
كذلك يلفت الانتباه، ومن خلال ما نشرت وسائل الإعلام، أنه لم يبد أن أيهن أظهرت مقاومة تذكر، بل على العكس، كن مستسلمات استسلام اليائس لقدر محتوم، وتختزل حادثة المحامي رئيس البلدية أمس، كل شيء، إذ يظهر المسؤول عن حماية الحقوق منتهكاً لها.
وقبل أقل من عام ظهرت لقطات فيديو لوزير الخارجية، جبران باسيل، وهو يسيء لصورة المرأة اللبنانية، خلال لقاء مع نظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان في نيويورك، حيث ظهر باسيل إلى جانب وزير التربية والتعليم رفقة دبلوماسيين يناقشون شؤون المنطقة، ثم فجأة يسأل الوزير اللبناني: "رامي وين كارولاين؟ فيسأله وزير الخارجية الإماراتي بدوره: من كارولاين؟". ليرد باسيل غامزاً بعينه وبحركة من يده بدت ترجمتها واضحة لكثيرين: "كارولاين شغلة بتعجبك".
فإن كانت نخبة المجتمع يحلون مشكلاتهم على هذه الطريقة، فلم العتب إذاً على المواطن العادي الذي قد يجد الحل الأمثل لمشكلاته في العنف الذي يصل حد إزهاق الروح كما حدث مع سارة الأمين قبل أقل من أسبوعين. وما القيمة المضافة من كونهم درسوا القانون ومارسوه؟ ثم أليس بمثل هؤلاء تؤسس ثقافة المجتمع فيتطور أو ينحدر؟
الحديث عن أوضاع المرأة في مجتمعنا العربي، طويل وشائك وحزين، لا يختلف كثيراً عن الحزن حيال أوضاع الرجل، لا سيما في مجتمع يمارس العنف على الجميع، بغض النظر عن الجنس أو العمر. لكن قد يكون الأكثر إيلاماً فيه، تعاطي ما يسمى بـ "النخبة" في مجتمعاتنا معه، إذ بات واضحاً أنها لا تفرق عن العامة بشيء، إن لم تكن أسوأ، نخبة أضحت معها المرأة إما كائناً من الدرجة الثانية، أو سلعة يتاجر بها.
وإن كانت الخطورة تكمن في الأولى، بانتهاكها وسلبها حقوقها وتحويلها إلى كائن يحتسب كعدد، فإن الخطورة في الثانية تكمن بتشويه مفهوم التحضر والحرية والتطور، والذي يتعدى بالتأكيد ما تطمح إليه المرأة العربية اليوم وما هي بأمس الحاجة له، إنه تحضر ينظر إليها بوصفها إنساناً ومواطناً كامل الحقوق ومصان الكرامة، وأن تكون إلى جانب الرجل خطوة بخطوة، لا خلفه كحُرمة، ولا أمامه كمزهرية على طاولته.
أشد ما كان يلفت الانتباه في الجرائم العائلية، والتي طفت على السطح مؤخراً في لبنان، طبيعة الجرائم التي يقوم بها الأزواج ضد زوجاتهم، والتي تكاد تكون أقرب إلى حفلات تعذيب غايتها إزهاق الروح، كما حدث مع تلك التي رماها زوجها من الطابق الثاني، ومع سارة الأمين التي اخترقت جسدها سبع عشرة رصاصة.
كذلك يلفت الانتباه، ومن خلال ما نشرت وسائل الإعلام، أنه لم يبد أن أيهن أظهرت مقاومة تذكر، بل على العكس، كن مستسلمات استسلام اليائس لقدر محتوم، وتختزل حادثة المحامي رئيس البلدية أمس، كل شيء، إذ يظهر المسؤول عن حماية الحقوق منتهكاً لها.
وقبل أقل من عام ظهرت لقطات فيديو لوزير الخارجية، جبران باسيل، وهو يسيء لصورة المرأة اللبنانية، خلال لقاء مع نظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان في نيويورك، حيث ظهر باسيل إلى جانب وزير التربية والتعليم رفقة دبلوماسيين يناقشون شؤون المنطقة، ثم فجأة يسأل الوزير اللبناني: "رامي وين كارولاين؟ فيسأله وزير الخارجية الإماراتي بدوره: من كارولاين؟". ليرد باسيل غامزاً بعينه وبحركة من يده بدت ترجمتها واضحة لكثيرين: "كارولاين شغلة بتعجبك".
فإن كانت نخبة المجتمع يحلون مشكلاتهم على هذه الطريقة، فلم العتب إذاً على المواطن العادي الذي قد يجد الحل الأمثل لمشكلاته في العنف الذي يصل حد إزهاق الروح كما حدث مع سارة الأمين قبل أقل من أسبوعين. وما القيمة المضافة من كونهم درسوا القانون ومارسوه؟ ثم أليس بمثل هؤلاء تؤسس ثقافة المجتمع فيتطور أو ينحدر؟
الحديث عن أوضاع المرأة في مجتمعنا العربي، طويل وشائك وحزين، لا يختلف كثيراً عن الحزن حيال أوضاع الرجل، لا سيما في مجتمع يمارس العنف على الجميع، بغض النظر عن الجنس أو العمر. لكن قد يكون الأكثر إيلاماً فيه، تعاطي ما يسمى بـ "النخبة" في مجتمعاتنا معه، إذ بات واضحاً أنها لا تفرق عن العامة بشيء، إن لم تكن أسوأ، نخبة أضحت معها المرأة إما كائناً من الدرجة الثانية، أو سلعة يتاجر بها.
وإن كانت الخطورة تكمن في الأولى، بانتهاكها وسلبها حقوقها وتحويلها إلى كائن يحتسب كعدد، فإن الخطورة في الثانية تكمن بتشويه مفهوم التحضر والحرية والتطور، والذي يتعدى بالتأكيد ما تطمح إليه المرأة العربية اليوم وما هي بأمس الحاجة له، إنه تحضر ينظر إليها بوصفها إنساناً ومواطناً كامل الحقوق ومصان الكرامة، وأن تكون إلى جانب الرجل خطوة بخطوة، لا خلفه كحُرمة، ولا أمامه كمزهرية على طاولته.