29 نوفمبر 2016
في ذكرى جريمة "رابعة"
مجزرة، إبادة جماعية، قتل خارج القانون، جرائم ضد الانسانية، جريمة العصر، سَمّها ما شئت، وصف ما تستطيع الكلمات أن تعبر عنه، ومهما حاولت وأعدت المحاولة، لن تستطيع أن تصف ما حدث، لن تقدر أن تصف شعور الأم التي تشاهد طفلها لا يستطيع التنفس من جراء القنابل المسيلة للدموع، والتي تنهمر من كل صوب وحدب. ولن تتمكن من نقل شعور أب يرى ابنه، وقد انشطرت رأسه نصفين من جراء تصويب الجيش والشرطة على المعتصمين العزّل، لن تستوعب النداء الشهير للطفل الذي يستجدي أمه، لكي تعود إلى الحياة، بعدما قتلها مجرمو العسكر بلا ذنب، لن يصل عقلك إلى تخيّل أن جرافات ترفع الجثث بالعشرات بلا حرمة لموت، أو ترى من يحرق الجرحى والموتى بلا أي إنسانية، حتى يزيل بعض آثار جريمته.
إنها جريمة العصر التي لن تمحوها الأيام من الذاكرة، ولن يفلت مرتكبوها من العقاب، مهما بعدت الأيام، لأنها ببساطة أنشأت جيلاً يكفر بدعاوى واهية، لطالما تغنى بها الأجداد والآباء من وطنية العسكر واستحالة إقدامهم على قتل شعبهم، فإذا بهم يتلقون كل أنواع الرصاصات، وبلا رحمة، من هؤلاء الأشاوس حماة الأرض. راهن السذج والمغرر بهم سنوات عديدة، والكاتب ليس بعيداً عنهم، على عقيدة الجيش التي تعرف عدوها الحقيقي، وتأبى أن تجعل من الشعب العدو، فإذا بها تفعل وبقسوة فاقت إجرام أعداء الأمة في حروبهم، فالعدو الصهيوني، مع إجرامه، لم يقتل في يوم واحد مثل ما قتله الجيش المصري في مذبحة فض الاعتصام في ميدان رابعة العدوية في القاهرة.
وبعد مرور عامين على الحدث الجلل، والذي يتباهى به عبد الفتاح السيسي، ويذكّر المصريين به، مازالت آلة القتل مستمرة، وتتخذ أشكالاً جديدة، مثل التصفية الجسدية، سواء عند الاعتقال أو بعد الاعتقال والتعذيب، وما حادث تعذيب وقتل خمسة شباب في محافظة الفيوم في جنوب مصر منا بعيداً. ولكن، ما هي آثار هذه الجرائم على الحياة في مصر؟ وهل مرت جريمة الفض ونجح العسكر في تطويع الشعب؟
أحدثت الجريمة شرخاً في بناء المجتمع المصري، وتسببت بتقطع نسيج الشعب الواحد، وفقد الجيش المصري تاريخه وشعبيته واحترامه لدى كثيرين من أبناء الشعب، ولم يعد خافياً على أحد أن مواجهات العسكر مع مسلحي سيناء لا تحظى بأي تعاطف من جزء ليس قليلاً من الشعب، ولعل بيانات المتحدث العسكري التي تتحدث عن رصد شماتة بعضهم تؤكد ذلك، ولربما انهارت معنويات الجنود أنفسهم الذين لا يعرفون لماذا يقتلون أو يقتلون؟ فبنية الجيش المصري أصبحت واهية، ولا تحمل عقيدة قتالية ضد عدو ظاهر، سوى الترهات الإعلامية التي لا يصدقها سوى البسطاء عن الإرهاب المحتمل، وما يؤكد هذا الاستنتاج نتائج المواجهات العسكرية التي دائماً حصيلتها قتلى وجرحى من الجنود والاستيلاء على المعدات والدبابات بكل سهولة، وما يجيده العسكر التحليق بالطائرات لقتل الأبرياء، وإصدار البيانات الإعلامية التي تفتقد إلى أقل درجات المصداقية، ولا تحترم عقلية متلقي البيان. لم تنجح جريمة القتل الجماعي في تطويع الشعب، ووقف أشكال المقاومة السلمية للانقلاب، ومن غير المتوقع أن تظل سلمية في المستقبل القريب.
ويبقى السؤال الذي لا يجد إجابة من الذي قتل المصريين في ميداني رابعة العدوية والنهضة؟ وأين هو من المحاسبة، وما نتيجة تقارير حقوق الإنسان التي صدرت في هذا الشأن؟ وهل قتل أكثر من ألف شخص، بينهم نساء وأطفال، مع سبق الإصرار والترصد، وفقاً لتقرير "هيومن رايتس ووتش" لا تحتاج إلى فتح تحقيق، ولو بصورة صورية لذر الرماد في العيون؟
ما يجب أن نعترف به أن العسكر فهموا ما لم يفهمه الثوار عن النظام العالمي الجديد. لذا، لم يكلفوا أنفسهم بفتح تحقيقات صورية في الجريمة، فقد علموا أنه ليس لدى العالم المتحضر المبادئ التي ينادي بها، فها هي فرنسا تضع مبادئ ثورتها جانباً، وتحتفي بالقاتل المصادر للحريات من أجل صفقة طائرات "رافال"، وأميركا والغرب دهسوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدولي للحقوق المدنية والسياسية، من أجل مصالح آنية.
حطمت مجزرة رابعة وما تلاها من ردود أفعال محلية ودولية، واستمرار القاتل في جرائمه، أغلوطات وأوهاماً، لطالما تغنى بها الأجداد، منها وطنية الجيش الذي يستحيل أن يصوب بندقيته نحو العزل من شعبه، فها هو يصوب بندقيته ودباباته، بل وطائراته، نحو الأطفال والنساء، وأن الديمقراطية هي السبيل الأمثل لتداول السلطة في بلاد العالم الثالث، فقد شاهدوا أن الدبابة تدهس صندوق الانتخاب، وسط صمت عالمي، ودعم من دول إقليمية لا تعرف الحرية في بلادها.
أوجدت المذبحة في ميدان رابعة جيلاً يكفر بالديمقراطية، ويكتشف زيف ادعاءات المنادين بها في الداخل والخارج، وأنشأت أرضاً خصبة لكل الدواعش، وإذا لم تتوقف آلة القتل، ويحدث القصاص العادل، فمن المتوقع أن تخرج الأمور عن السيطرة، وسيدفع الجميع الثمن، والغرب ليس بعيداً عن ذلك.
وبعد مرور عامين على الحدث الجلل، والذي يتباهى به عبد الفتاح السيسي، ويذكّر المصريين به، مازالت آلة القتل مستمرة، وتتخذ أشكالاً جديدة، مثل التصفية الجسدية، سواء عند الاعتقال أو بعد الاعتقال والتعذيب، وما حادث تعذيب وقتل خمسة شباب في محافظة الفيوم في جنوب مصر منا بعيداً. ولكن، ما هي آثار هذه الجرائم على الحياة في مصر؟ وهل مرت جريمة الفض ونجح العسكر في تطويع الشعب؟
أحدثت الجريمة شرخاً في بناء المجتمع المصري، وتسببت بتقطع نسيج الشعب الواحد، وفقد الجيش المصري تاريخه وشعبيته واحترامه لدى كثيرين من أبناء الشعب، ولم يعد خافياً على أحد أن مواجهات العسكر مع مسلحي سيناء لا تحظى بأي تعاطف من جزء ليس قليلاً من الشعب، ولعل بيانات المتحدث العسكري التي تتحدث عن رصد شماتة بعضهم تؤكد ذلك، ولربما انهارت معنويات الجنود أنفسهم الذين لا يعرفون لماذا يقتلون أو يقتلون؟ فبنية الجيش المصري أصبحت واهية، ولا تحمل عقيدة قتالية ضد عدو ظاهر، سوى الترهات الإعلامية التي لا يصدقها سوى البسطاء عن الإرهاب المحتمل، وما يؤكد هذا الاستنتاج نتائج المواجهات العسكرية التي دائماً حصيلتها قتلى وجرحى من الجنود والاستيلاء على المعدات والدبابات بكل سهولة، وما يجيده العسكر التحليق بالطائرات لقتل الأبرياء، وإصدار البيانات الإعلامية التي تفتقد إلى أقل درجات المصداقية، ولا تحترم عقلية متلقي البيان. لم تنجح جريمة القتل الجماعي في تطويع الشعب، ووقف أشكال المقاومة السلمية للانقلاب، ومن غير المتوقع أن تظل سلمية في المستقبل القريب.
ويبقى السؤال الذي لا يجد إجابة من الذي قتل المصريين في ميداني رابعة العدوية والنهضة؟ وأين هو من المحاسبة، وما نتيجة تقارير حقوق الإنسان التي صدرت في هذا الشأن؟ وهل قتل أكثر من ألف شخص، بينهم نساء وأطفال، مع سبق الإصرار والترصد، وفقاً لتقرير "هيومن رايتس ووتش" لا تحتاج إلى فتح تحقيق، ولو بصورة صورية لذر الرماد في العيون؟
ما يجب أن نعترف به أن العسكر فهموا ما لم يفهمه الثوار عن النظام العالمي الجديد. لذا، لم يكلفوا أنفسهم بفتح تحقيقات صورية في الجريمة، فقد علموا أنه ليس لدى العالم المتحضر المبادئ التي ينادي بها، فها هي فرنسا تضع مبادئ ثورتها جانباً، وتحتفي بالقاتل المصادر للحريات من أجل صفقة طائرات "رافال"، وأميركا والغرب دهسوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدولي للحقوق المدنية والسياسية، من أجل مصالح آنية.
حطمت مجزرة رابعة وما تلاها من ردود أفعال محلية ودولية، واستمرار القاتل في جرائمه، أغلوطات وأوهاماً، لطالما تغنى بها الأجداد، منها وطنية الجيش الذي يستحيل أن يصوب بندقيته نحو العزل من شعبه، فها هو يصوب بندقيته ودباباته، بل وطائراته، نحو الأطفال والنساء، وأن الديمقراطية هي السبيل الأمثل لتداول السلطة في بلاد العالم الثالث، فقد شاهدوا أن الدبابة تدهس صندوق الانتخاب، وسط صمت عالمي، ودعم من دول إقليمية لا تعرف الحرية في بلادها.
أوجدت المذبحة في ميدان رابعة جيلاً يكفر بالديمقراطية، ويكتشف زيف ادعاءات المنادين بها في الداخل والخارج، وأنشأت أرضاً خصبة لكل الدواعش، وإذا لم تتوقف آلة القتل، ويحدث القصاص العادل، فمن المتوقع أن تخرج الأمور عن السيطرة، وسيدفع الجميع الثمن، والغرب ليس بعيداً عن ذلك.