أما الباب الثاني فيشتمل على أربعة فصول تطبيقية تتناول رواياته: "فقهاء الظلام"، "الريش"، "معسكرات الأبد". وقد بدأ الناقد بتلخيصها، ثم انتقل إلى استخلاص الأنساق التي تقوم عليها، قبل الكشف عن دلالاتها وتأويلها في سياقات ثقافية أو معرفية.
وفي هذا السياق، كشف الناقد عن أربعة أنساق تقوم عليها الروايات المذكورة: واقعي وتاريخي وميتافيزيقي وعجائبي. ثم عمد إلى تجلية دلالة السرد لدى بركات بالكشف عن أنساق بنائه، وذلك عبر ثلاث مقولات: الفعل والعيش والكينونة.
فالفعل المرتبط باليومي للشخصيات الروائية يرينا أن الروايات الثلاث تلاحق مسار عائلات كردية صغيرة، تعيش شمال سوريا، وتتسم طبيعة حياتها بالقسوة والعنف، وتكابد معاناة اجتماعية واقتصادية (الصراع على لقمة العيش)، ومعاناة وجودية (الافتقاد إلى الهوية)، ومعاناة سياسية (اضطهادها كأقلية). وبينما نرى العيش في جرح الذات الكردية، ترتبط الكينونة بسؤال الوجود.
وإذا كانت الشخصيات تعيش وجودها من خلال صور الألم، فإن سليم بركات، وهو يكشف هذه الصور الكارثية، يؤثث سيرة الأكراد كجماعة. فالإشكال الفردي يتحوّل إلى إشكال جماعي تاريخي خلال عملية التخييل المضاعفة.