27 سبتمبر 2018
في قضية القدس
أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اعترافه بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، وقرَّر نقل السفارة الأميركية إليها. وكانت روسيا قد اعترفت بها عاصمة للدولة الصهيونية، على الرغم من أنها "عدَّلت" من موقفها بعد الاعتراف الأميركي بأن أكدت أن "القدس الغربية" هي عاصمة الدولة الصهيونية، والشرقية عاصمة "الدولة الفلسطينية". وقد استثار الموقف الأميركي كثيرا من ردود الفعل، والحراك، والرفض. ليس من العرب، شعوبا فقط، بل كذلك من الدول الرأسمالية التي لمست خطر هذه الخطوة، وأيضاً من شعوب عديدة العالم، لكن ذلك كله لم يغيّر شيئاً مما حدث، حيث يبدو أن ترامب يريد فرض "الأمر الواقع"، لكي يكون كل حديث عن تفاوض و"سلام" متجاوزاً واقع أن القدس هي عاصمة الدولة الصهيونية.
بالطبع، لن يغيّر كل الحراك الذي حدث، على الرغم من أهميته، من واقع أن أميركا اعترفت بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، وأنه لن يؤدي إلى تغيير جدّي (مع أهميته كما أشرت)، حيث إن الخطوة الأميركية مرتبطة بمنظور إلى وضع المنطقة يبدأ بفرض الوجود الفعلي للدولة الصهيونية، وبتفوّقها على مجمل المنطقة. ولا شك في أن المنظور الأميركي الذي يظهر مع مرحلة ترامب ينطلق من فرض الأمر الواقع، ومن أن الدولة الصهيونية مركزية في المنطقة، على الرغم من أن الاهتمام الأكبر بات لمنطقة جنوب شرق آسيا، وللخطر الصيني. لكن يبدو أن أميركا ترامب تريد أن تطمئن لوضع الدولة الصهيونية وهي تبتعد قليلاً، بحيث تصبح جزءاً "طبيعياً" من المنطقة، ويجري الاعتراف بها على هذا الأساس.
هنا لا يمكن فصل ما جرى بخصوص القدس عن "صفقة القرن" التي جرى ترويجها منذ مدة، والتي تعني إعادة ترتيب المنطقة بما يضمن بقاء الدولة الصهيونية، وبقاء قدرتها المتفوّقة، وضمان هيمنتها. وإذا كانت أميركا تفعل ذلك، فلا شك في أن روسيا ليست بعيدة عن ذلك، لهذا أقرَّت بأن القدس هي عاصمة الدولة الصهيونية، وإنْ كانت قد أردفت إلى تحديد أنها تقصد القدس الغربية. وبهذا، ما يبدو واضحاً هو الإقرار بأن القدس هي عاصمة الدولة الصهيونية، وهو الأمر الذي يعني الإقرار بالوجود الصهيوني ذاته.
وإذا كان قد ظهر أن العرب، في مختلف بلدانهم، يرفضون هذا الأمر، وأنه حتى الدول الإمبريالية لا توافق السياسة الأميركية في هذا الأمر، فإن المسألة لم تتعدّ الرفض والاحتجاج، والتذمر، ولم يكن رد فعل النظم العربية في مستوى ما جرى. على العكس، يبدو أن الأمر تعدّى ذلك للمشاركة في ترتيب مشترك مع الدولة الصهيونية.
ماذا يعني ذلك كله غير أن الوضع الفسطيني بات يحتاج معالجة مختلفة عما كان يحدث طوال عقود من ردود الفعل التي لم تثمر شيئاً غير إظهار "النيات الحسنة"، من الشعوب، والتغطية على الموقف الفعلي من النظم؟ هذا ما يحدث، حيث لم تعد "النيات الحسنة" تفيد، ولم تعد التغطية تنطلي على أحد، بعد أن باتت الأمور تسير نحو تحقيق ما باتت تسمى "صفقة القرن" التي هي في جوهرها مصالحة مع الدولة الصهيونية، وتحقيق لتحالف "إستراتيجي" بين النظم وهذه الدولة. بمعنى أن الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية هو مقدمة لصفقةٍ أوسع، تفرض هذه الدول مركز سيطرةٍ على المنطقة، والأمر هنا لا يتعلق بفرضٍ بالقوة، بل بقبولٍ بهذه السيطرة، وميل إلى تحقيق تحالف "تحت السيطرة".
لا يغامر ترامب بلا حسابات، على الرغم من أن ما قام به هو مغامرة، فهو يعرف أن نظماً باتت مستعدة لـ "التحالف" مع الدولة الصهيونية، ولتقديم كل الخدمات التي تحتاجها، وهو ما سيظهر حين البدء بـ "إنجاز" صفقة القرن هذه التي تلفظ بها حكام عرب عديدون. والمرحلة المقبلة هي مرحلة قبول النظم العربية بالدولة الصهيونية حليفا، ولهذا لا بد من تطوير صراع الشعوب، أولاً ضد النظم ذاتها من المحيط إلى الخليج.
بالطبع، لن يغيّر كل الحراك الذي حدث، على الرغم من أهميته، من واقع أن أميركا اعترفت بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، وأنه لن يؤدي إلى تغيير جدّي (مع أهميته كما أشرت)، حيث إن الخطوة الأميركية مرتبطة بمنظور إلى وضع المنطقة يبدأ بفرض الوجود الفعلي للدولة الصهيونية، وبتفوّقها على مجمل المنطقة. ولا شك في أن المنظور الأميركي الذي يظهر مع مرحلة ترامب ينطلق من فرض الأمر الواقع، ومن أن الدولة الصهيونية مركزية في المنطقة، على الرغم من أن الاهتمام الأكبر بات لمنطقة جنوب شرق آسيا، وللخطر الصيني. لكن يبدو أن أميركا ترامب تريد أن تطمئن لوضع الدولة الصهيونية وهي تبتعد قليلاً، بحيث تصبح جزءاً "طبيعياً" من المنطقة، ويجري الاعتراف بها على هذا الأساس.
هنا لا يمكن فصل ما جرى بخصوص القدس عن "صفقة القرن" التي جرى ترويجها منذ مدة، والتي تعني إعادة ترتيب المنطقة بما يضمن بقاء الدولة الصهيونية، وبقاء قدرتها المتفوّقة، وضمان هيمنتها. وإذا كانت أميركا تفعل ذلك، فلا شك في أن روسيا ليست بعيدة عن ذلك، لهذا أقرَّت بأن القدس هي عاصمة الدولة الصهيونية، وإنْ كانت قد أردفت إلى تحديد أنها تقصد القدس الغربية. وبهذا، ما يبدو واضحاً هو الإقرار بأن القدس هي عاصمة الدولة الصهيونية، وهو الأمر الذي يعني الإقرار بالوجود الصهيوني ذاته.
وإذا كان قد ظهر أن العرب، في مختلف بلدانهم، يرفضون هذا الأمر، وأنه حتى الدول الإمبريالية لا توافق السياسة الأميركية في هذا الأمر، فإن المسألة لم تتعدّ الرفض والاحتجاج، والتذمر، ولم يكن رد فعل النظم العربية في مستوى ما جرى. على العكس، يبدو أن الأمر تعدّى ذلك للمشاركة في ترتيب مشترك مع الدولة الصهيونية.
ماذا يعني ذلك كله غير أن الوضع الفسطيني بات يحتاج معالجة مختلفة عما كان يحدث طوال عقود من ردود الفعل التي لم تثمر شيئاً غير إظهار "النيات الحسنة"، من الشعوب، والتغطية على الموقف الفعلي من النظم؟ هذا ما يحدث، حيث لم تعد "النيات الحسنة" تفيد، ولم تعد التغطية تنطلي على أحد، بعد أن باتت الأمور تسير نحو تحقيق ما باتت تسمى "صفقة القرن" التي هي في جوهرها مصالحة مع الدولة الصهيونية، وتحقيق لتحالف "إستراتيجي" بين النظم وهذه الدولة. بمعنى أن الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية هو مقدمة لصفقةٍ أوسع، تفرض هذه الدول مركز سيطرةٍ على المنطقة، والأمر هنا لا يتعلق بفرضٍ بالقوة، بل بقبولٍ بهذه السيطرة، وميل إلى تحقيق تحالف "تحت السيطرة".
لا يغامر ترامب بلا حسابات، على الرغم من أن ما قام به هو مغامرة، فهو يعرف أن نظماً باتت مستعدة لـ "التحالف" مع الدولة الصهيونية، ولتقديم كل الخدمات التي تحتاجها، وهو ما سيظهر حين البدء بـ "إنجاز" صفقة القرن هذه التي تلفظ بها حكام عرب عديدون. والمرحلة المقبلة هي مرحلة قبول النظم العربية بالدولة الصهيونية حليفا، ولهذا لا بد من تطوير صراع الشعوب، أولاً ضد النظم ذاتها من المحيط إلى الخليج.