في شمال غرب جزيرة العرب، على الطريق الواصل بين جنوبها وبلاد الشام، مدائن صالح، التي أضحت منذ عام 2008 مسجلة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.
منطقة قبور - قصور، ومعابد، ونقوش وكتابات بحروف نبطية أو عربية ثمودية، هنا ملتقى روافد حضارية شتّى، تؤلّف كلّها معًا آثار عمران الأنباط، المختصين بحفر الجبال والصخور، وتطويع الطبيعة لتحمل بصمة الإنسان الأولى، أي العمارة.
تُعرف إحدى تجمعات القبور - القصور بـ"مقابر قصر البنت"، كذا تنسب المجموعة الموزّعة على جبلين؛ كبير وصغير، إلى "الجنس اللطيف". تضمّ مجموعة الجبل الكبير تسعة وعشرين مقبرة - قصراً، أما الصغير فلا يضم إلا اثنين.
للرقم (2) دلالات ومعانٍ في كلّ الحضارات القديمة، ومقابلات شتّى. شيء سحري يحفّ به. ولغتنا، لغة الضاد، ميّزت الرقم بصيغة لم تندثر؛ المثنى.
مقبرتان - قصران ومثنى، إذن لا بدّ من قصّة عاطفية. وكذا كان. فالمكان الأسطوري الباذخ، وانفراد المثنى في جبل صغير مكنّى بالبنت، تمثّل كلّها الأرضية الصلبة للحكايات الشفهية المنتقلة من جيل لآخر. الحكاية الشفهية، ليست إلا ناقلة الوجدان الجمعي للشعوب. تقول القصّة إن مقبرة - قصراً تعود للبنت وأخرى لحبيبها. هي الجميلة وهو النحّات أو الصانع الذي أبدع الحفر في الصخر.
اقرأ أيضاً: شباب الربيع ضد "الدواعش الآثارية"
الجمال محجوب في الأعلى في قمة الجبل، إذ إن والد البنت أراد أن يخفي حسنها عن العيون، لئلا... لكن عين الصانع الماهر وقعت عليها، فوقع الاثنان في الغرام، ونشأ المثنى.
البنت سجينة في الأعالي والصانع ينحت الصخر ليراها، فالحبّ أوّل عتباته النظر. وثانيه الرغبة في اللقاء. يُقال إن للبنت شعراً طويلاً جميلاً لا تليق به إلا معلّقات الجاهلية. فكّرت البنت أن ترسل شعرها كبيت القصيد صوب الصانع العاشق، فيصعد إليها عبر حبالها الحريرية الطبيعية تلك. وكذا كان. لقاء فآخر والمثنى يزداد توهّجًا كما في معلّقة امرئ القيس. وإذ حضر الملك الضّليل، امتزجت الحكاية الشفهية بالشعر. فالبنت العاشقة تلزمها الاستعارة؛ زارها "جنّ من وادي عبقر"، وألهمها بيتان: "وويل الحدري لو يدري/ بثينة عشـّرت بدري/ يا حدري لو أنك تدري/ ضربت رأسك بالجدري". حدري هو اسم أبيها، أمّا اسمها بثينة، فلأن موقع مدائن صالح، كان طريق السفر بين جزيرة العرب وبلاد الشام. وفي السفر كانت الناس تتسلّى بشعر عربي فريد، ليس إلا الشعر العذري. لم يكن اختيار اسم بثينة من قبل الوجدان الشعبي، إلا دليلٌ وبرهان على توالد الحكايات الشفهية المستمّر. فمن غيرها، هي والذي كُنّي باسمها؛ جميل بثينة، أكثر جدارة بمثنى الغرام؟
منطقة قبور - قصور، ومعابد، ونقوش وكتابات بحروف نبطية أو عربية ثمودية، هنا ملتقى روافد حضارية شتّى، تؤلّف كلّها معًا آثار عمران الأنباط، المختصين بحفر الجبال والصخور، وتطويع الطبيعة لتحمل بصمة الإنسان الأولى، أي العمارة.
تُعرف إحدى تجمعات القبور - القصور بـ"مقابر قصر البنت"، كذا تنسب المجموعة الموزّعة على جبلين؛ كبير وصغير، إلى "الجنس اللطيف". تضمّ مجموعة الجبل الكبير تسعة وعشرين مقبرة - قصراً، أما الصغير فلا يضم إلا اثنين.
للرقم (2) دلالات ومعانٍ في كلّ الحضارات القديمة، ومقابلات شتّى. شيء سحري يحفّ به. ولغتنا، لغة الضاد، ميّزت الرقم بصيغة لم تندثر؛ المثنى.
مقبرتان - قصران ومثنى، إذن لا بدّ من قصّة عاطفية. وكذا كان. فالمكان الأسطوري الباذخ، وانفراد المثنى في جبل صغير مكنّى بالبنت، تمثّل كلّها الأرضية الصلبة للحكايات الشفهية المنتقلة من جيل لآخر. الحكاية الشفهية، ليست إلا ناقلة الوجدان الجمعي للشعوب. تقول القصّة إن مقبرة - قصراً تعود للبنت وأخرى لحبيبها. هي الجميلة وهو النحّات أو الصانع الذي أبدع الحفر في الصخر.
اقرأ أيضاً: شباب الربيع ضد "الدواعش الآثارية"
الجمال محجوب في الأعلى في قمة الجبل، إذ إن والد البنت أراد أن يخفي حسنها عن العيون، لئلا... لكن عين الصانع الماهر وقعت عليها، فوقع الاثنان في الغرام، ونشأ المثنى.
البنت سجينة في الأعالي والصانع ينحت الصخر ليراها، فالحبّ أوّل عتباته النظر. وثانيه الرغبة في اللقاء. يُقال إن للبنت شعراً طويلاً جميلاً لا تليق به إلا معلّقات الجاهلية. فكّرت البنت أن ترسل شعرها كبيت القصيد صوب الصانع العاشق، فيصعد إليها عبر حبالها الحريرية الطبيعية تلك. وكذا كان. لقاء فآخر والمثنى يزداد توهّجًا كما في معلّقة امرئ القيس. وإذ حضر الملك الضّليل، امتزجت الحكاية الشفهية بالشعر. فالبنت العاشقة تلزمها الاستعارة؛ زارها "جنّ من وادي عبقر"، وألهمها بيتان: "وويل الحدري لو يدري/ بثينة عشـّرت بدري/ يا حدري لو أنك تدري/ ضربت رأسك بالجدري". حدري هو اسم أبيها، أمّا اسمها بثينة، فلأن موقع مدائن صالح، كان طريق السفر بين جزيرة العرب وبلاد الشام. وفي السفر كانت الناس تتسلّى بشعر عربي فريد، ليس إلا الشعر العذري. لم يكن اختيار اسم بثينة من قبل الوجدان الشعبي، إلا دليلٌ وبرهان على توالد الحكايات الشفهية المستمّر. فمن غيرها، هي والذي كُنّي باسمها؛ جميل بثينة، أكثر جدارة بمثنى الغرام؟