يشتبك اسم قرية قصر حدادة الواقعة في جنوب شرق تونس في ولاية تطاوين، مع اسم قصر فيها. لن يتوه أحد في الطريق إليه، إذ هو واقع في وسط القرية على تلّة صغيرة.
"القصر" قصرٌ مجازًا فقط، فهو مبنى قديم حفّت به الأقاويل والأساطير، باعتباره قصرًا هائلًا مؤلّفًا من خمسمائة وسبع وستين غرفة، متشابكة ومترابطة ومتراكبة وممتدة على مساحة ستة آلاف وأربعمائة متر مربع. للمرء إذن أن يتخيّل وراء هذا "القصر" الهائل مملكة ما، أغفلت كتب التاريخ ذكرها. لكن بُناة المكان، البربر لم يتقصّدوا بناء "قصر"، بل راموا شيئًا آخر.
فهذه الغرف المتراكبة كالخلايا، ذات القبب والنوافذ المنحنية والأبواب الكثيرة، تبدو "غريبة"، وتشيع جوًا من الغموض والرعب البارد، خاصّة مع تلك الأدراج التي تصل بينها، وتلك الباحات الداخلية، المخفية عن العيون. لكأنّ "القصر" متاهة مصنوعة من حجر وحصى وتربة رملية.
كلّ ما في المكان يشحذ الخيال، ويزيّن للناظر تصوّر حيوات أقوام غريبة فيه، داخلين إلى الغرف المقبّبة، صاعدين على الأدراج بخفّة ثم متوارين في الباحات الداخلية.
هكذا اصطاد المكان الغرائبي خيال المخرج الأميركي جورج لوكاس، فاختاره عام 1997 لتصوير الجزء الأوّل من فيلم حرب النجوم؛ تهديد الشبح. لم يحتج المكان إلى جهود في الديكور، وتمّ "خلق" قرية موس إسبا فيه، على أساس أنها تقع على كوكب اسمه تطاوين تيمنًا باسم ولاية تطاوين التونسية.
لكن قصر حدادة، قرية وقصرًا، لم تكن مملكة بائدة ولا قصرًا متاهة، بل كانت صوامع بناها البربر لتخزين الحبوب والقمح والزيتون وغيرها من المحاصيل، من أجل مواجهة المناخ الجاف والقاسي في تلك البقعة الجنوبية التونسية.
التكيّف مع المناخ القاسي، ولّد الحاجة إلى التخزين. كذا نظر البربر إلى المواد المحلية المتوفرة في البيئة حولهم، فاختاروا الحصى والحجارة وجذوع النخل، خلطوها معًا، وتكفّلت التربة الطينية بلصق المواد معًا، على نحوٍ صمدت فيه الغرف المقبّبة المتراكبة لعصور طويلة، وأدّت وظيفتها التي صمّمت معماريًا من أجلها.
اقرأ أيضاً: بيت الحكمة
أن يتبع التصميم المعماري وظيفة بعينها لسكّان تقصدوها، كي يتكيّفوا مع الموضع الجغرافي والمناخ والنبات والحيوان والمصادر الطبيعية المتوفرة، يسمّى في علم الهندسة المعمارية: العمارة المحلية العامة (من العوام) L’architecture vernaculaire. لا يتعلّق هذا المصطلح بالمواد المستعملة والتصميم فحسب، بل يرتبط أيضًا بالعرق والمعتقدات الروحانية والمستوى المعرفي. وتتّخذ "مظاهر" تلك العمارة دور "العلامات"، إذ لم يكن البربر في حاجة ليصفوا تلك الغرف المتراكبة بـ القصر.
"القصر" قصرٌ مجازًا فقط، فهو مبنى قديم حفّت به الأقاويل والأساطير، باعتباره قصرًا هائلًا مؤلّفًا من خمسمائة وسبع وستين غرفة، متشابكة ومترابطة ومتراكبة وممتدة على مساحة ستة آلاف وأربعمائة متر مربع. للمرء إذن أن يتخيّل وراء هذا "القصر" الهائل مملكة ما، أغفلت كتب التاريخ ذكرها. لكن بُناة المكان، البربر لم يتقصّدوا بناء "قصر"، بل راموا شيئًا آخر.
فهذه الغرف المتراكبة كالخلايا، ذات القبب والنوافذ المنحنية والأبواب الكثيرة، تبدو "غريبة"، وتشيع جوًا من الغموض والرعب البارد، خاصّة مع تلك الأدراج التي تصل بينها، وتلك الباحات الداخلية، المخفية عن العيون. لكأنّ "القصر" متاهة مصنوعة من حجر وحصى وتربة رملية.
كلّ ما في المكان يشحذ الخيال، ويزيّن للناظر تصوّر حيوات أقوام غريبة فيه، داخلين إلى الغرف المقبّبة، صاعدين على الأدراج بخفّة ثم متوارين في الباحات الداخلية.
هكذا اصطاد المكان الغرائبي خيال المخرج الأميركي جورج لوكاس، فاختاره عام 1997 لتصوير الجزء الأوّل من فيلم حرب النجوم؛ تهديد الشبح. لم يحتج المكان إلى جهود في الديكور، وتمّ "خلق" قرية موس إسبا فيه، على أساس أنها تقع على كوكب اسمه تطاوين تيمنًا باسم ولاية تطاوين التونسية.
لكن قصر حدادة، قرية وقصرًا، لم تكن مملكة بائدة ولا قصرًا متاهة، بل كانت صوامع بناها البربر لتخزين الحبوب والقمح والزيتون وغيرها من المحاصيل، من أجل مواجهة المناخ الجاف والقاسي في تلك البقعة الجنوبية التونسية.
التكيّف مع المناخ القاسي، ولّد الحاجة إلى التخزين. كذا نظر البربر إلى المواد المحلية المتوفرة في البيئة حولهم، فاختاروا الحصى والحجارة وجذوع النخل، خلطوها معًا، وتكفّلت التربة الطينية بلصق المواد معًا، على نحوٍ صمدت فيه الغرف المقبّبة المتراكبة لعصور طويلة، وأدّت وظيفتها التي صمّمت معماريًا من أجلها.
اقرأ أيضاً: بيت الحكمة
أن يتبع التصميم المعماري وظيفة بعينها لسكّان تقصدوها، كي يتكيّفوا مع الموضع الجغرافي والمناخ والنبات والحيوان والمصادر الطبيعية المتوفرة، يسمّى في علم الهندسة المعمارية: العمارة المحلية العامة (من العوام) L’architecture vernaculaire. لا يتعلّق هذا المصطلح بالمواد المستعملة والتصميم فحسب، بل يرتبط أيضًا بالعرق والمعتقدات الروحانية والمستوى المعرفي. وتتّخذ "مظاهر" تلك العمارة دور "العلامات"، إذ لم يكن البربر في حاجة ليصفوا تلك الغرف المتراكبة بـ القصر.