نظّم قضاة ومحامو تونس، الخميس، "يوم غضب" أمام المحكمة الابتدائية ببن عروس، تنديدا باقتحام أمنيين مسلحين قاعة المحكمة مباشرة بعد إيقاف ثلاثة أمنيين بشبهة تعذيب موقوف، مؤكدين أن ما حصل تجاوز خطير، واعتداء على الدفاع والمحاماة واستقلال السلطة القضائية، منبهين إلى خطورة التشجيع على الإفلات من العقاب.
وتأتي هذه الوقفة التي شارك فيها عدد كبير من القضاة والمحامين، ببادرة من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين، والفرع الجهوي للمحامين والجمعية التونسية للمحامين الشباب، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب "مكتب تونس".
وقال رئيس جمعية القضاة، أنيس الحمايدي، إنّ "اقتحام عدد من الأمنيين المحكمة وتطويقها يعتبر تجاوزا خطيرا، إذ لا يمكن للقضاة أن يعملوا تحت التهديدات والضغوطات"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن القاضي يمارس مهامه طبقا للقانون، ولا مبرر لمثل هذه الوقائع المخيفة والمخجلة.
وبيّن أن ما دفع القضاة والمحامين إلى إعلان "يوم غضب" في كامل محاكم الجمهورية التونسية، هو التنديد بما حصل، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اقتحام المحكمة من قبل أعوان أمن، إذ سبق أن دخل أمنيون المحكمة الابتدائية بسوسة وقفصة وجندوبة وتونس، وبالتالي لا يمكن السكوت عن هذه التجاوزات، مشيرا إلى ضرورة تطبيق الإجراءات على الجميع وعلى قدم المساواة، وليس بمثل هذه التجاوزات التي تدعو إلى التمييز بين أشخاص تحت طائلة القانون وآخرين لا يطبق عليهم.
وأشار إلى أنه لا يمكن السكوت على ما حصل، وسيتم اتخاذ القرارات المناسبة، داعيا إلى تأمين كافة محاكم تونس بجهاز خاص يخضع لسلطة وزارة العدل وتحت سلطة النيابة العمومية ولا يخضع للإملاءات.
بدوره قال عميد المحامين عامر المحرزي لـ"العربي الجديد" إنّ اقتحام عدد من الأمنيين بهو المحكمة وهم يحملون السلاح وبالزي الرسمي، تحت شعار التضامن مع زملائهم الموقوفين يعتبر تجاوزا خطيرا واعتداءً على مرفق العدالة، ولا يجب أن يتكرر هذا الأمر وسيتم التصدي لمثل هذه الممارسات، مبينا أن على السلطة السياسية تحمل مسؤوليتها وواجبها في الدفاع عن مرفق العدالة، وأن على القضاة تحمل مسؤوليتهم وألا يتركوا من اعتدى على حرمة المحكمة في منأى عن المحاسبة.
وأضاف المحرزي أنهم بصدد الاتصال بالجهات المعنية من وزارتي الداخلية والعدل لتحمل مسوؤليتهما وفتح تحريات جدية فيما حصل.
وأشار إلى أن تصريحات النقابات الأمنية بأحقيتهم في الاحتجاج كبقية الأسلاك مردود عليها، لأنهم مكلفون بحماية المحاكم والمقرات وليس العكس، كما أنهم يحملون سلاحا وغيرهم لا يملكه، مبينا أنّ ما حصل لم يكن وقفة بل اقتحاما لقاعات الجلسة وممرات المحكمة ما يضرب مرفق العدالة.
وأكد رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان، ياسين اليونسي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّه كان موجودا أثناء الوقفة التي قام بها الأمنيون، حيث طوقوا المحكمة ووجد المحامون يومها صعوبة في ممارسة مهامهم، مبينا أن ما حصل أثّر على تطبيق القانون، وأضاف أنهم كوّنوا لجنة من 20 محاميا لرفع قضية لحل النقابات الأمنية.
وأكد أن الاحتجاج مكفول بالدستور، لكن ليس بحمل السلاح أمام مكتب قاضي التحقيق، مبينا أنه لو لم يتم إطلاق سراح الموقوفين لربما حصلت كارثة.
Twitter Post
|
من جهته، اعتبر رئيس الغرفة الجهوية للمحامين بتونس، لطفي العربي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ المحامين والقضاة كانوا دوما نصير التونسيين في نيل حقوقهم سواء كانوا أمنيين أو مواطنين عاديين"، مضيفا أنه يومها تطوع أكثر من 15 محاميا لإنابة الأمنيين الموقوفين، وبالتالي لم يكن هناك أي داع لاقتحام المحكمة، مشيرا إلى أن القضاة والمحامين يقومون بدورهم وكذلك الأمنيون، في إطار ما يسمح به القانون، فالأمن يجب أن يكون جمهوريا ويحمي مؤسسات الدولة بعيدا عن التجاوزات الخطيرة، وممارسة احتجاجاتهم في إطار احترام القانون والقضاء، الذي يعتبر الضامن الوحيد للحقوق والحريات.