قلق اقتصادي بلبنان من استمرار خلو منصب "الرئيس"

13 مايو 2014
خلال الجلسة الأخيرة لانتخاب الرئيس (بلال جاويش،وكالة الأناضول، getty)
+ الخط -

لا تزال الخلافات مستمرة، حول اسم الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية، مع اقتراب موعد انتهاء مهلة انتخاب الرئيس في 25 مايو/أيار الجاري، ويرتفع منسوب التوقعات التي تشير الى إمكان استفحال الأزمة الاقتصادية في حال فشل عملية الانتخاب.
ولبنان ليس بلداً رئاسياً وفق التصنيفات الدولية، وصلاحيات رئيس الجمهورية اللبنانية، بحسب الدستور، لا تشمل فرض أي رؤية اقتصادية على الحكومة، ولا تشمل كذلك فرض رؤيته على البرلمان.
ووفق الدستور، فإن صلاحيات رئاسة الجمهورية تنتقل بكاملها إلى الحكومة في حال شغر المنصب الرئاسي. 
ورغم ذلك، يرى خبراء الاقتصاد في لبنان، أن وجود الرئيس في أعلى مؤسسة دستورية له تأثيراته البديهية على الثقة بلبنان استثمارياً، وعلى ثقة المستهلك اللبناني بعدم حدوث مشكلات سياسية قد تؤثر على استمرارية عمله وعلى قدرته الشرائية.
في حين يقلل البعض من حجم التأثيرات على الاقتصاد، على اعتبار أن سيناريو شغور موقع الرئاسة لن يشكل صدمة سلبية للأسواق اللبنانية، كونه متوقعاً.

قلق من المستقبل

لبنان على موعد مع استحقاقه الرئاسي بعد 12 يوماً. وتاريخ 25 مايو/أيار الجاري سيكون الموعد النهائي لانتخاب البرلمان اللبناني رئيساً جديداً للجمهورية. وذلك، بعدما فشلت الجلسة الانتخابية الأولى في اختيار الرئيس منذ حوالي أسبوعين.

كل السيناريوهات محتملة. قد يتم الاتفاق على رئيس، أو لا يتم، وقد يصبح موقع الرئاسة شاغراً إلى أمد غير معلوم. والشغور في السلطات ليس جديداً على لبنان. فقد مر هذا البلد بشغور رئاسي في العام 2007 استمر حتى 25 أيار من العام 2008، حين انتُخِب الرئيس الحالي ميشال سليمان.
كذلك، شغر موقع رئاسة الحكومة غير مرة، آخرها العام الماضي. وانقضت المدة الدستورية لانتخاب برلمان جديد، فتم التمديد للبرلمان الحالي.
ما يعني أن شغور موقع الرئاسة بعد أقل من أسبوعين، لن يكون غريباً عن تداعيات الخلافات السياسية في لبنان.

يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، إن رئيس الجمهورية هو من ضمن السلطة التنفيذية في لبنان، وله تأثيره على الحكومة، وإن كانت آراؤه وبرنامجه غير ملزمة لمجلس الوزراء.
ويشرح يشوعي في حديث لـ"العربي الجديد" أن موقع رئاسة الجمهورية مهم جداً، كونه يؤمن سير العمل الحكومي، ويفرض نوعاً من الطمأنينة في البلاد.

ويؤكد يشوعي أن رئيس الجمورية ليس لديه صلاحية لفرض رؤيته على الحكومة أو مجلس النواب، كون نظام الحكم في لبنان ليس نظاماً رئاسياً، إلا أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية يُدخل لبنان في مرحلة من عدم الثقة الدولية والمحلية؛ ما يؤثر سلباً على الاقتصاد بشكل عام.

ويلفت يشوعي إلى أن التأثيرات يمكن أن تطال آلية المبادلات بشكل عام، من الاستثمارات والحركة الاستهلاكية المحلية، وتطور العمالة وافتتاح المشاريع الجديدة وأعمال التنمية، بالإضافة الى النمو الاقتصادي الذي يرتبط مباشرة بالدورة الإنتاجية، وكذلك، يؤثر شغور موقع رئاسة الجمهورية على ازدياد القلق الاجتماعي من مآل شغور موقع الرئاسة.

ترقب الموسم السياحي

بدوره، يعتبر الخبير الاقتصادي وليد بو سليمان أن الاقتصاد اللبناني مبني على الاستقرار الأمني والسياسي، وفشل انتخاب رئيس الجمهورية يعتبر خللاً في تحقيق الاستقرار، ما يؤثر سلباً على ثقة المستهلك والمستثمر على السواء.
ويشرح بو سليمان أن شغور موقع الرئاسة يمكن أن يعطل العجلة الاقتصادية، بعد نشوء صدمة سلبية تطال القطاعات قبل موعد الاصطياف الذي يعوّل عليه الاقتصاد اللبناني بشكل كبير.

ويضيف بو سليمان أن "التمديد للبرلمان والتخبط في تشكيل الحكومة لمدة 11 شهراً كلها عوامل أثرت على الاقتصاد. وبالتالي فان فشل البرلمان في انتخاب الرئيس بعد أسبوعين، يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التراجع في قطاع السياحة، خصوصاً في حال استمر الاصطفاف العمودي بين القوى الحزبية اللبنانية، ما ينجم عنه إعادة نظر السياح في المجيء إلى لبنان خلال فصل الصيف. علماً أن السياحة تشكل حوالي 24 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق المزيد من التراجع في هذا القطاع يعني حصول تراجع في الدورة الاقتصادية كلها.

من جهة أخرى، يلفت بو سليمان الانتباه إلى أن عدم انتخاب رئيس جديد سيؤدي الى استمرار الجمود الحاصل في القطاع العقاري، وسيبقى القطاع قيد الترقب إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية. كذلك سيتأثر القطاع التجاري ودورة الاستهلاك المحلية، خصوصاً أنه توجد خشية مجتمعية مؤجلة من مستقبل البلد، بدأت تداعياتها تلقي بظلالها على الأسواق. 

إنها مشكلة نظام

في المقابل يقلل الخبير الاقتصادي لويس حبيقة من حجم التأثيرات المباشرة لشغور سدة الرئاسة على الاقتصاد.
ويقول حبيقة لـ"العربي الجديد": "بكل صراحة لا توجد تأثيرات كبيرة، فالناس تتوقع الشغور، فهذه ليست حالة وفاة مفاجئة، وإنما توجد توقعات بنسبة 80 في المائة أنه لن يتم انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي هذا أمر منتظَر".
ويشرح حبيقة أن "حصول شغور في موقع الرئاسة لأسابيع لا يشكل كارثة على الاقتصاد، خصوصاً أن الحكومة يمكن أن تقوم بالإجراءات التنفيذية اللازمة لضمان سير العجلة الاقتصادية. إلا أنه في حال طال أمد الشغور عندها يمكن الحديث عن مشكلات كبيرة لا تتعلق حصراً بالوضع الاقتصادي، وإنما ترتبط بالنظام اللبناني بأكمله، الذي أصبح غير قادر على إنتاج رئيس للجمهورية.

ويلفت حبيقة النظر إلى أن البطالة هي أبرز المؤشرات السلبية الموجودة في لبنان حالياً، وذلك بعدما ارتفعت نسبتها إلى 30 في المائة. وللبطالة تاثيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة. في حين أن المؤشر الثاني يرتبط بانخفاض معدلات النمو، بينما يتعلق المؤشر الثالث بضعف المساعدات الدولية للبنان لإيجاد حلول لأزمة اللاجئين السوريين، والحلول ههنا هي إدارية ومالية وإنسانية. ويشير حبيقة إلى أن الأسواق اللبنانية تعاني حالياً من الإحجام عن الاستهلاك، وذلك نتيجة الوضع العام في لبنان، والتخوف الأمني، والخضّات المتواصلة التي تضرب بنية النظام بأكمله.

 

 

المساهمون