يلتقي مسؤولون في الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس، في فيينا، قادة في دول غرب البلقان؛ في قمة قلبت جدول أعمالها أزمة المهاجرين الذين أصبحت هذه المنطقة إحدى البوابات الرئيسية لدخولهم إلى أوروبا الغربية.
وكان يفترض أن تتناول هذه القمة، التي أعلن عنها العام الماضي، وستحضرها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، التعاون الإقليمي وآفاق توسيع الاتحاد ليشمل بعض دول هذه المنطقة.
لكن "طريق غرب البلقان" الذي يسلكه آلاف المهاجرين الراغبين في التوجه إلى الغرب بات مركز الاهتمام في أسوأ أزمة للاجئين منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في الاتحاد الأوروبي.
ويعبر سوريون وعراقيون فارّون من الحرب، وكذلك ألبان وكوسوفيون وصرب، بحثا عن حياة جديدة، هذا الطريق. وهم يمرون تحت الأسلاك الشائكة أو يقتحمون القطارات أو الحافلات في مشاهد فوضى تشهد تزايدا في شرق أوروبا مع تقدم هؤلاء المهاجرين باتجاه الغرب.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الأربعاء "الدول في أوروبا وغيرها إلى البرهنة على تعاطف وبذل جهود أكبر بكثير من أجل حل أزمة" الهجرة هذه.
وأكَّد المفوض السامي لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ضرورة مساعدة المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا، قائلاً "بالتأكيد أوروبا في وضع صعب، إلا أنَّ عدد المهاجرين متدنٍ مقارنة بعدد سكانها، وهى تمتلك القدرة على مجابهة هذه الأزمة".
كما شدد غوتيريس في المؤتمر الصحافي الذي عقده، مساء أمس الأربعاء، مع وزير الداخلية الفرنسي، برنارد كازنوف، على ضرورة مكافحة الاتجار بالبشر، قائلاً "لو قمنا بوضع نظام جديد للجوء يستطيع من خلاله الأشخاص الراغبون بالوصول إلى أوروبا تقديم طلبات لجوء، لتمكنا من مجابهة هذه الأزمة".
وذكر المسؤول الأممي أنَّ من أهدافهم في المرحلة المقبة دعم الهيئات الإغاثية لتتمكن من مساعدة اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا والأردن.
وبحسب تقرير صادر عن الوكالة الأوروبية المكلفة بمراقبة الحدود الخارجية لفضاء شينغن (فرونتكس)، في 18 أغسطس/آب الجاري، فإن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين سجلوا عند نقاط الحدود في دول الاتحاد الأوروبي، تجاوز 100 ألف شخص في يوليو/ تموز الماضي.
وأشار التقرير، إلى أن عدد المهاجرين، القادمين انطلاقًا من السواحل الليبية، بلغ 67 ألفًا، و261 شخصًا، ما بين يناير/ كانون الثاني، إلى يونيو/ حزيران 2015، بزيادة وقدرها 5%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأمس الأربعاء، واصلت أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين، تدفقها إلى مقدونيا قادمين من الأراضي اليونانية، في محاولة منهم للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد أعلنت دخول ما معدله ثلاثة آلاف شخص يومياً إلى صربيا قادمين من مقدونيا.
واعلنت المجر، التي تواجه عددا قياسيا من المهاجرين الذين تدفقوا على حدودها مع صربيا، أنها سترسل قريبا 2100 شرطي الى الحدود، بينما اقترح الحزب الحاكم اللجوء إلى الجيش "للدفاع عن الحدود".
واندلعت مواجهات أيضا أمام مركز الاستقبال الرئيسي في روسكي، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لمنع نحو مئتي شخص من مغادرة المبنى المخصص لتسجيل المهاجرين.
وسجل رقم قياسي جديد في يوم واحد الثلاثاء، في المجر، بوصول 2500 شخص من سوريين وأفغان وباكستانيين وغيرهم، من صربيا.
ومنذ يناير/كانون الثاني سجلت بودابست مئة ألف طلب لجوء، وبدأت بناء سياج على امتداد الحدود التي يبلغ طولها 175 كلم مع صربيا، يفترض أن ينتهي في 31 أغسطس/آب.
في المقابل، وفي البحر المتوسط، أطلقت عشر عمليات إنقاذ الأربعاء، لانتشال مهاجرين على متن مراكب أو زوارق مطاطية تواجه صعوبات في قناة صقلية غير البعيدة عن سواحل ليبيا. وأعلن خفر السواحل الإيطالي أنه تم إنقاذ ثلاثة آلاف شخص.
اقرأ أيضا:العثور على جثث 40مهاجراً غير شرعي قبالة سواحل ليبيا
لكن المصدر نفسه أعلن العثور على جثث 55 مهاجرا على متن ثلاثة مراكب، بينهم 51 كانوا في قعر أحدها. ويبدو أن هؤلاء توفوا اختناقا بالغازات المنبعثة من محرك المركب الصغير، كما ذكرت معلومات صحافية غير مؤكدة. وكانت البحرية الإيطالية وبعثة تريتون الأوروبية قد أنقذتا الأسبوع الماضي 5300 شخص.
وفي مواجهة تدفق هذا العدد الكبير جدا من المهاجرين، تلقّت إيطاليا واليونان والمجر انتقادات من بعض شركائها للسماح لهم بالمرور.
وردا على الانتقادات، قال وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، إن بلاده تشكل "نموذجا إيجابيا" بإنقاذها "عشرات الآلاف من الأرواح البشرية" في المتوسط.
وأضاف الوزير الإيطالي أن "أوروبا تحتاج إلى السير في اتجاه معاكس تماما لذلك الذي يقضي بانتقاد الدول الواقعة على الحدود الخارجية"، مشددا على ضرورة "إدارة أوروبية لتدفق" اللاجئين.
وتابع أن "المهاجرين يصلون إلى أوروبا وليس إلى ايطاليا أو اليونان أو ألمانيا أو المجر. الأمور كما تجري الآن يمكن أن تعرض شينغن للخطر".
ودعا أحد نواب رئيس الحكومة التشيكي، أندريه بابيس، من جهته إلى "إغلاق" الحدود الخارجية لمجال شينغن من أجل "الدفاع" عن منطقة التنقل الحر هذه.
ولم تتمكن الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد من الاتفاق على توزيع عادل لطالبي اللجوء بينها، وتواجه صعوبة في إقامة المراكز التي يفترض أن تخفف من أعباء الدول التي يصل إليها المهاجرون أولا من أجل الفصل بين القادمين لأسباب اقتصادية واللاجئين.
وبدأت محطات القطار في بودابست تشبه مخيمات لاستقبال اللاجئين نتيجة اشتداد أزمة المهاجرين التي تعصف بالمجر، وبات مئات الأشخاص يفترشون الأرض، ويعمدون إلى تجفيف ثيابهم على الأدراج.
وبصخب، يطلب بعض من هؤلاء الأشخاص الذين يجلسون على أغطية، الماء والمساعدة الطبية من أفراد منظمة غير حكومة تساعد المهاجرين، وتستعين بالشعب المجري عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتوزع هباتهم منذ يونيو/حزيران.ولا يتوقف بكاء الأطفال تقريبا. وأحيانا يتنكر متطوعو المنظمة غير الحكومية بلباس مهرجين لتسلية الأطفال، أو يعطونهم طباشير للرسم على الأرض. وقالت جوديت موزير (60 عاما) التي أتت لتقديم ألعاب للأطفال "يحزنني جدا أن أرى الأطفال في محنة".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، عمدت بلدية بودابست إلى اقامة حمامات ومراحيض في مناطق الترانزيت في المحطات.
وتسجل أسماء المهاجرين لدى وصولهم بصفتهم طالبي لجوء، وتطلب منهم السلطات التوجه بالقطار عبر بودابست إلى واحد من المخيمات الرسمية للاجئين في البلاد. لكن كثرا يختارون البقاء فترة أطول في محطات العاصمة، ينتظرون أفراد عائلاتهم أو حتى يقرروا الخطوة التالية التي سيقومون بها، كما قال أحد المتطوعين.
ومنذ بداية السنة، دخل أكثر من 140 ألف مهاجر المجر، وجميعهم تقريبا عبر صربيا، كما تقول الشرطة. وفاق العدد اليومي للواصلين الجدد 2000 في أغسطس/آب، في مقابل ما بين 250 و500 في بداية السنة.
اقرأ أيضا:أوروبا واللاجئون... أزمة تتفاقم وحلول تنتظر التوافق