22 نوفمبر 2024
قمم مكة: شيك بلا رصيد
على عجل، تم الإعداد لثلاث قمم في مكة بدعوة من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، "لمواجهة التحديات في المنطقة"، وذلك في ظل تصعيد غير مسبوق، كانت وما زالت، تشهده منطقة الخليج العربي، وتحديداً بين بعض دولها وإيران، ومع دخول أميركي مباشر على الخط. ثلاث قمم انعقدت خلال الأيام الماضية، ولم تخرج عن التوقعات التي سبقت اجتماعها، إذ صبت كامل بنود بياناتها في مواجهة إيران "وتدخلاتها في المنطقة" و"تهديدها للأمن فيها". انفضّ الجمع وكلٌّ عاد إلى بلاده، غير أن تساؤلاتٍ عدة لا تزال قائمة: ما هي الغاية الأساس من انعقاد القمم الخليجية والعربية والإسلامية؟ وماذا أرادت السعودية من ورائها؟ وأي دور أميركي كان وراء هذا الجمع؟ وهل فعلاً إيران الوحيدة المستهدفة، أم هناك أهداف أخرى خفية من وراء هذا المهرجان، والذي شابه إلى حد كبير المهرجان الذي دعت له السعودية في مستهل ولاية دونالد ترامب، وأدى إلى تغيير وجه المنطقة، على الأقل سياسياً؟
لم تختلف المقرّرات التي صدرت عن القمم الثلاث عن التصريحات الأميركية الكثيرة التي سبقتها، وحملت جملة من التهديدات الموجهة إلى إيران، وتحذير من مرحلة تصعيد جديدة قد تكون المنطقة مقبلةً عليها. كان بالإمكان الاستغناء عن الجموع كلها، وإعادة إصدار مواقف دونالد ترامب وجون بولتون من المنبر السعودي، وهو عملياً ما حصل، لكن ضمن شبه إجماع خليجي وعربي، فيما خلا بيان القمة الإسلامية من إشارةٍ مباشرةٍ إلى إيران، بفعل التباين الشديد الذي قد يكون حصل داخل الغرف المغلقة حول الموضوع، خصوصاً في ظل وجود تركيا وماليزيا، وإيران أيضاً، وهو ما كانت السعودية تدركه مسبقاً، إذ إنها كانت على يقين أنها لن تحصل من القمة الإسلامية على الدعم الذي تريده في ما يخص مواجهة إيران. ومع ذلك، أصرّت على عقدها لتوجيه رسالة معينة، تماماً مثل الرسائل التي كانت في القمتين العربية والخليجية، مع الفارق أن الرسالة لم تخرج في البيان الختامي.
من الواضح أن القمم الثلاث كانت تحمل تبليغاً من السعودية وحلفائها للحاضرين أن المنطقة قد تكون مقبلةً على تصعيدٍ من نوع جديد، قد لا يكون بشكل مباشر مع إيران، لكن مع الأطراف التي تديرها طهران في المنطقة، ولا سيما الحوثيين في اليمن. وهو تبليغٌ يبدو أنه يأتي برغبة أميركية مباشرة، خصوصاً بعد كلام جون بولتون الذي واكب انعقاد القمم، والإشارات اللاحقة من المتحدث باسم التحالف العربي، والذي كشف عن دور للحوثيين في تفجيرات الفجيرة التي استهدفت سفناً في المياه الإقليمية الإماراتية. لكن هل يعني التبليغ أن الإدارة الأميركية، وبعد أن حصلت على "الإجماع" الذي تريده من السعودية بشأن مواجهة إيران، من شأنها الدخول فعلياً في هذا التصعيد؟ من المؤكّد أن الأمور لن تكون كذلك، وأن الدعم الذي نالته السعودية والإمارات في وجه إيران سيبقى شيكاً بلا رصيد لا يمكن صرفه لدى الإدارة الأميركية، المهتمة أساساً الآن بترويج صفقة القرن، وهي لا شك أيضاً استخدمت هذه القمم لهذه الغاية. وعلى هذا الأساس، حضرت فلسطين بخجل في البيانين الختامين، العربي والخليجي، فيما استحوذت على مجمل مقرّرات البيان الإسلامي، وذلك لأن إيران مسألة خلافية لا يمكن الوصول إلى تفاهم إسلامي حولها.
في كل الأحوال، هذا لا يمنع تلاقي الأجندتين السعودية والأميركية في الهدف الأبعد للقمم الثلاث، فالرياض وحلفاؤها يرون في صفقة القرن فرصةً لطي ملف القضية الفلسطينية نهائياً، والتفرغ لمواجهة "العدو الجديد" المتمثل بإيران، والاستقواء بالولايات المتحدة في ذلك. غير أن حسابات المواجهة هي التي تختلف بين الطرفين، فالمحور السعودي يعوّل على عمل ميداني لا تزال الولايات المتحدة بعيدة جداً عنه، خصوصاً في ظل مفاهيم "البيزنس" التي تقود خيارات ترامب.
لم تختلف المقرّرات التي صدرت عن القمم الثلاث عن التصريحات الأميركية الكثيرة التي سبقتها، وحملت جملة من التهديدات الموجهة إلى إيران، وتحذير من مرحلة تصعيد جديدة قد تكون المنطقة مقبلةً عليها. كان بالإمكان الاستغناء عن الجموع كلها، وإعادة إصدار مواقف دونالد ترامب وجون بولتون من المنبر السعودي، وهو عملياً ما حصل، لكن ضمن شبه إجماع خليجي وعربي، فيما خلا بيان القمة الإسلامية من إشارةٍ مباشرةٍ إلى إيران، بفعل التباين الشديد الذي قد يكون حصل داخل الغرف المغلقة حول الموضوع، خصوصاً في ظل وجود تركيا وماليزيا، وإيران أيضاً، وهو ما كانت السعودية تدركه مسبقاً، إذ إنها كانت على يقين أنها لن تحصل من القمة الإسلامية على الدعم الذي تريده في ما يخص مواجهة إيران. ومع ذلك، أصرّت على عقدها لتوجيه رسالة معينة، تماماً مثل الرسائل التي كانت في القمتين العربية والخليجية، مع الفارق أن الرسالة لم تخرج في البيان الختامي.
من الواضح أن القمم الثلاث كانت تحمل تبليغاً من السعودية وحلفائها للحاضرين أن المنطقة قد تكون مقبلةً على تصعيدٍ من نوع جديد، قد لا يكون بشكل مباشر مع إيران، لكن مع الأطراف التي تديرها طهران في المنطقة، ولا سيما الحوثيين في اليمن. وهو تبليغٌ يبدو أنه يأتي برغبة أميركية مباشرة، خصوصاً بعد كلام جون بولتون الذي واكب انعقاد القمم، والإشارات اللاحقة من المتحدث باسم التحالف العربي، والذي كشف عن دور للحوثيين في تفجيرات الفجيرة التي استهدفت سفناً في المياه الإقليمية الإماراتية. لكن هل يعني التبليغ أن الإدارة الأميركية، وبعد أن حصلت على "الإجماع" الذي تريده من السعودية بشأن مواجهة إيران، من شأنها الدخول فعلياً في هذا التصعيد؟ من المؤكّد أن الأمور لن تكون كذلك، وأن الدعم الذي نالته السعودية والإمارات في وجه إيران سيبقى شيكاً بلا رصيد لا يمكن صرفه لدى الإدارة الأميركية، المهتمة أساساً الآن بترويج صفقة القرن، وهي لا شك أيضاً استخدمت هذه القمم لهذه الغاية. وعلى هذا الأساس، حضرت فلسطين بخجل في البيانين الختامين، العربي والخليجي، فيما استحوذت على مجمل مقرّرات البيان الإسلامي، وذلك لأن إيران مسألة خلافية لا يمكن الوصول إلى تفاهم إسلامي حولها.
في كل الأحوال، هذا لا يمنع تلاقي الأجندتين السعودية والأميركية في الهدف الأبعد للقمم الثلاث، فالرياض وحلفاؤها يرون في صفقة القرن فرصةً لطي ملف القضية الفلسطينية نهائياً، والتفرغ لمواجهة "العدو الجديد" المتمثل بإيران، والاستقواء بالولايات المتحدة في ذلك. غير أن حسابات المواجهة هي التي تختلف بين الطرفين، فالمحور السعودي يعوّل على عمل ميداني لا تزال الولايات المتحدة بعيدة جداً عنه، خصوصاً في ظل مفاهيم "البيزنس" التي تقود خيارات ترامب.