تعدّ البورصة المصرية واحدة من أقدم بورصات الشرق الأوسط، إذ تأسّست في عام 1883 تحت اسم "بورصة الإسكندرية". وقد تم ذلك بفضل جهود التجار الأجانب الذين أبرموا مع السوق المصرية صفقات عقود القطن. وبعد مرور عشرين عاماً تأسَّست بورصة القاهرة في عام 1903، من خلال مجموعة من التجّار الأجانب، بهدف جذب اهتمام حكوماتهم، لتمويل مشاريعهم في مصر.
آنذاك كانت سوق المال المصرية بأفضل عصورها، وصنفت ضمن أفضل خمس بورصات على مستوى العالم. إلا أن الأحوال انقلبت رأساً على عقب مع قيام ثورة 1952، واتجاه النظام الجديد لتأميم الشركات. ولكن بعد مرور أربعة عقود وتحول الدولة من الاشتراكية إلى سياسة الانفتاح، أحيت البلاد البورصة من جديد، بخصخصة مجموعة من الشركات الحكومية، وطرح شركات خاصة أخرى.
تطوير القوانين والأنظمة
يقولُ رئيسُ مجلس إدارة شركة "ثمار للوساطة" في الأوراق الماليَّة عادل عبد الفتاح، إنّ مَصر بدأت في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، في تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي يقوم على توسيع دور القطاع الخاص. فمكَّنت الدولةُ الشركات من الدخولِ في مشاريعِ البترول والصحّة والتعليم والأسمدة والمقاولات.
ويشير عبد الفتاح إلى أنه في الوقت نفسه، طرحت الدولة عدداً من الشركات في البورصة، مثل المطاحن والبتروكيماويات والصناعات الغذائية والكيماوية والعقارات والمقاولات.
"ينصبُّ تركيزُ البورصة والهيئة العامَّة للرقابة الماليَّة الآن، على تطوير القوانين ونظُم الرّقابة على التداول من أجل حماية المستثمرين"، حسب عبد الفتاح الذي يؤكد أن هذا التوجُّه تزامن مع تطوير قواعد القيد بالبورصة مطلع العام الحالي، من أجل توسيع قاعدة الشركات المتداولة، ما يلعبُ دوراً في جَذبِ المزيدِ من المُتعاملين وزيادة أحجام التداول.
من جهة أخرى، يبلغ عدد الشركات المتداولة بالبورصة المصرية 218 شركة، تغطي عدداً كبيراً من القطاعات المتنوعة. أبرزها الأسمدة والبتروكيماويات والاتصالات والإعلام والتعليم والأدوية والرعاية الصحية والكيماويات والصناعات الغذائية والزراعة والبنوك والخدمات المالية والعقارات والمقاولات والسياحة وصناعة الأسمنت والحديد والتعدين.
ويقولُ رئيسُ مَجلسِ إدارة شركة "الشروق لوساطة الأوراق المالية"، هاني حلمي: "هذا التنوع الملحوظ في القطاعات، خلق ما يعرف اقتصادياً بـ عمقِ السوق. وهو مصطلح يعني توفير قاعدة واسعة من الشركات أمام المتعاملين، لانتقاء الأسهم التي تناسب الاستراتيجية الاستثمارية لكل مستثمر، سواء إن كان المستثمرُ يميل نحو المخاطرة، أو يريد خلق محفظة أسهم تتسم بمستوى مُخاطرة متّزن أو منخفض".
ويرى حلمي، أن هذا العمق السوقي، هو أحد أبرز المزايا التنافسية التي تميز البورصة المصرية بين أسواق المنطقة وتحديداً الخليج.
الاستفادة من النماذج القائمة
ووفقاً للموقع الإلكتروني للبورصة المصرية، فإن رأس المال السوقي للبورصة المصرية يبلغ 73 مليار دولار، وهو مؤشر يقيس القيمة السوقية لإجمالي الأسهم المتداولة. في حين يتجاوز عدد شركات الوساطة في الأوراق المالية المرخص لها بخدمة المستثمرين 100 شركة.
وفي محاولة لفتح أفق تمويل أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، قامت مصر بإطلاق بورصة النيل منتصف عام 2010، وذلك لإتاحة الفرصة لطرح أسهم هذه الشركات وجذب مستثمرين جدد.
ويقول حلمي إن البورصة المصرية استهدفت تكرار نماذج البورصات الصغيرة والمتوسطة الناجحة في لندن وتركيا وجنوب أفريقيا. وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات، نجحت بورصة النيل في جذب قرابة 50 شركة، تعمل بقطاعات مختلفة. وعلى الرغم من نجاح بورصة النيل في قيد هذا العدد من الشركات، إلا أنها ما زالت في مراحلها الأولى، إذْ يقتصر متوسط قيمة التداول الشهري فيها على 8.9 ملايين دولار.
ووسط كل ذلك، تسعى مصر إلى إطلاق بورصة لتداول السلع العالمية في دمياط، كالحبوب مثلاً بهدف استغلال موقعها الاستراتيجي، الواقع بين ثلاث قارات هي أفريقيا وآسيا وأوروبا.
من جهة أخرى، تعدُّ البورصة المصرية واحدة من بين ثلاث بورصات عربية فقط، مدرجة بمؤشر "مورجان ستانلي" للأسواق الناشئة. وهو مؤشر يتيح للأسواق المدرجة فيه، استقبال استثمارات مجموعة من صناديق الاستثمار العالمية، التي تبحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة بالأسواق الناشئة.
ارتفاع مساهمة الأجانب
وشهدت البورصة المصرية في نهاية عام 2013 تحدياً صعباً في الالتزام بتحويل أموال الأجانب، حيث أدى التآكل السريع للنقد الأجنبي، إلى تأخر تحويل مستحقات مجموعة من المستثمرين. ما كان يهدد بشطب مصر من مؤشر "مورجان ستانلي"، بيد أن البنك المركزي نجح في إتمام تحويل هذه الأموال خلال الربع الثاني من العام الحالي.
في حين شهد هذا العام زيادة في نسبة المتعاملين الأجانب في البورصة المصرية. ويشير تقرير البورصة عن الأسبوع الماضي، إلى أن تعاملات المصريين استحوذت على نسبة 83.7% من إجمالي تعاملات البورصة خلال الأسبوع الحالي، فيما بلغت نسبة استحواذ الأجانب 10.4%، وسيطر المستثمرون العرب على النسبة المتبقية.
واستحوذت المؤسسات على 48.78% من المعاملات في البورصة، وكان باقي المعاملات من نصيب الأفراد بنسبة 51.22%.
ولعل العامل الرئيسي في توجه المستثمرين الأجانب نحو سوق المال المصرية، يتمثل في مرونة التشريعات التي لا تحدد سقفاً لنسبة ملكيتهم في الشركات. علماً أنَّ القانون المصري يحظر تملك الأجانب لأية أسهم بشركات سيناء، مثل أسمنت سيناء، وذلك نظراً للبعد الأمني التي تتسم به شبه جزيرة سيناء.
(محمد...)
آنذاك كانت سوق المال المصرية بأفضل عصورها، وصنفت ضمن أفضل خمس بورصات على مستوى العالم. إلا أن الأحوال انقلبت رأساً على عقب مع قيام ثورة 1952، واتجاه النظام الجديد لتأميم الشركات. ولكن بعد مرور أربعة عقود وتحول الدولة من الاشتراكية إلى سياسة الانفتاح، أحيت البلاد البورصة من جديد، بخصخصة مجموعة من الشركات الحكومية، وطرح شركات خاصة أخرى.
تطوير القوانين والأنظمة
يقولُ رئيسُ مجلس إدارة شركة "ثمار للوساطة" في الأوراق الماليَّة عادل عبد الفتاح، إنّ مَصر بدأت في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، في تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي يقوم على توسيع دور القطاع الخاص. فمكَّنت الدولةُ الشركات من الدخولِ في مشاريعِ البترول والصحّة والتعليم والأسمدة والمقاولات.
ويشير عبد الفتاح إلى أنه في الوقت نفسه، طرحت الدولة عدداً من الشركات في البورصة، مثل المطاحن والبتروكيماويات والصناعات الغذائية والكيماوية والعقارات والمقاولات.
"ينصبُّ تركيزُ البورصة والهيئة العامَّة للرقابة الماليَّة الآن، على تطوير القوانين ونظُم الرّقابة على التداول من أجل حماية المستثمرين"، حسب عبد الفتاح الذي يؤكد أن هذا التوجُّه تزامن مع تطوير قواعد القيد بالبورصة مطلع العام الحالي، من أجل توسيع قاعدة الشركات المتداولة، ما يلعبُ دوراً في جَذبِ المزيدِ من المُتعاملين وزيادة أحجام التداول.
من جهة أخرى، يبلغ عدد الشركات المتداولة بالبورصة المصرية 218 شركة، تغطي عدداً كبيراً من القطاعات المتنوعة. أبرزها الأسمدة والبتروكيماويات والاتصالات والإعلام والتعليم والأدوية والرعاية الصحية والكيماويات والصناعات الغذائية والزراعة والبنوك والخدمات المالية والعقارات والمقاولات والسياحة وصناعة الأسمنت والحديد والتعدين.
ويقولُ رئيسُ مَجلسِ إدارة شركة "الشروق لوساطة الأوراق المالية"، هاني حلمي: "هذا التنوع الملحوظ في القطاعات، خلق ما يعرف اقتصادياً بـ عمقِ السوق. وهو مصطلح يعني توفير قاعدة واسعة من الشركات أمام المتعاملين، لانتقاء الأسهم التي تناسب الاستراتيجية الاستثمارية لكل مستثمر، سواء إن كان المستثمرُ يميل نحو المخاطرة، أو يريد خلق محفظة أسهم تتسم بمستوى مُخاطرة متّزن أو منخفض".
ويرى حلمي، أن هذا العمق السوقي، هو أحد أبرز المزايا التنافسية التي تميز البورصة المصرية بين أسواق المنطقة وتحديداً الخليج.
الاستفادة من النماذج القائمة
ووفقاً للموقع الإلكتروني للبورصة المصرية، فإن رأس المال السوقي للبورصة المصرية يبلغ 73 مليار دولار، وهو مؤشر يقيس القيمة السوقية لإجمالي الأسهم المتداولة. في حين يتجاوز عدد شركات الوساطة في الأوراق المالية المرخص لها بخدمة المستثمرين 100 شركة.
وفي محاولة لفتح أفق تمويل أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، قامت مصر بإطلاق بورصة النيل منتصف عام 2010، وذلك لإتاحة الفرصة لطرح أسهم هذه الشركات وجذب مستثمرين جدد.
ويقول حلمي إن البورصة المصرية استهدفت تكرار نماذج البورصات الصغيرة والمتوسطة الناجحة في لندن وتركيا وجنوب أفريقيا. وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات، نجحت بورصة النيل في جذب قرابة 50 شركة، تعمل بقطاعات مختلفة. وعلى الرغم من نجاح بورصة النيل في قيد هذا العدد من الشركات، إلا أنها ما زالت في مراحلها الأولى، إذْ يقتصر متوسط قيمة التداول الشهري فيها على 8.9 ملايين دولار.
ووسط كل ذلك، تسعى مصر إلى إطلاق بورصة لتداول السلع العالمية في دمياط، كالحبوب مثلاً بهدف استغلال موقعها الاستراتيجي، الواقع بين ثلاث قارات هي أفريقيا وآسيا وأوروبا.
من جهة أخرى، تعدُّ البورصة المصرية واحدة من بين ثلاث بورصات عربية فقط، مدرجة بمؤشر "مورجان ستانلي" للأسواق الناشئة. وهو مؤشر يتيح للأسواق المدرجة فيه، استقبال استثمارات مجموعة من صناديق الاستثمار العالمية، التي تبحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة بالأسواق الناشئة.
ارتفاع مساهمة الأجانب
وشهدت البورصة المصرية في نهاية عام 2013 تحدياً صعباً في الالتزام بتحويل أموال الأجانب، حيث أدى التآكل السريع للنقد الأجنبي، إلى تأخر تحويل مستحقات مجموعة من المستثمرين. ما كان يهدد بشطب مصر من مؤشر "مورجان ستانلي"، بيد أن البنك المركزي نجح في إتمام تحويل هذه الأموال خلال الربع الثاني من العام الحالي.
في حين شهد هذا العام زيادة في نسبة المتعاملين الأجانب في البورصة المصرية. ويشير تقرير البورصة عن الأسبوع الماضي، إلى أن تعاملات المصريين استحوذت على نسبة 83.7% من إجمالي تعاملات البورصة خلال الأسبوع الحالي، فيما بلغت نسبة استحواذ الأجانب 10.4%، وسيطر المستثمرون العرب على النسبة المتبقية.
واستحوذت المؤسسات على 48.78% من المعاملات في البورصة، وكان باقي المعاملات من نصيب الأفراد بنسبة 51.22%.
ولعل العامل الرئيسي في توجه المستثمرين الأجانب نحو سوق المال المصرية، يتمثل في مرونة التشريعات التي لا تحدد سقفاً لنسبة ملكيتهم في الشركات. علماً أنَّ القانون المصري يحظر تملك الأجانب لأية أسهم بشركات سيناء، مثل أسمنت سيناء، وذلك نظراً للبعد الأمني التي تتسم به شبه جزيرة سيناء.
(محمد...)