الإنجاز الذي تحقق، الخميس، وأسقط في يد الاحتلال، تبعه نهج الانتقام الحاقد المشحون بالكراهية العمياء والاستخفاف بحجم ورفعة المكانة الخاصة التي تحتلها مدينة القدس وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
هي مكانة دينية خاصة، نعم، وقومية، نعم، وسياسية أيضاً، لأن الصراع مع الاحتلال هو نتاج صراع تاريخي مع الحركة الصهيونية، وهو صراع يحمل كل المركبات الدينية والتاريخية والسياسية والحضارية، ولا يمكن وليس صحيحاً الادعاء بأن الاحتلال يدفع باتجاه تحويل الصراع في القدس إلى صراع ديني. جذور الصراع مع الحركة الصهيونية، أصلاً، وإن كانت الأخيرة ادعت ولا زالت أنها حركة تحرر قومية، وأن صراعها وأطماعها في فلسطين هي أطماع قومية فقط، لا يمكن عزلها عن "أساطير توراتية ودينية"، ليس أدل على ذلك من استخدام الاحتلال وإصراره على تسمية المسجد الأقصى بجبل الهيكل، استناداً للأساطير الدينية المؤسسة للحركة نفسها.
وإذا كان هذا غير كافٍ فيمكن لفت نظر من يحاول نفي البعد الديني عن الصراع إلى حقيقة أن الاحتلال يحرص عند كل دورة تجنيد جديدة، على أن يقسّم جنوده، بمن فيهم من يعلنون أنهم علمانيون، لا يؤمنون بخالق أو إله، عند ساحة البراق وفي طقوس دينية توراتية تتغنى بالوعد الإلهي.
لن تنتهي الأحداث في وحول المسجد الأقصى، ولن يكلّ الفلسطينيون والمقدسيون، مسلمون ومسيحيون، كما ثبت أمس الأول، من التحدي والمواجهة والثبات والرباط، لأن المعركة حتى في بعدها الديني، تهدد أيضاً، بعد الأقصى، بقية المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء في القدس المحتلة، خصوصاً في ظل مواصلة عبث البطريركية اليونانية في تصفية الأوقاف المسيحية في القدس وتسريبها لشركات استثمار وبناء إسرائيلية.