تتصاعد مؤشرات اقتراب مصر من حالة كساد، تهدد بتوقف الكثير من المصانع وتسريحات واسعة في صفوف العاملين، ما ينذر بدخول الدولة في مخاطر اجتماعية كبيرة، تتسع هوتها مع ارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، جراء السياسات التي يتبعها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ قرابة 6 سنوات.
وتظهر مؤشرات العديد من القطاعات ونتائج أعمال كبريات الشركات، أن السوق تخطت مرحلة الركود التي لازمتها على مدار الأشهر الماضية، وباتت على أعتاب الكساد، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ما تسبب في انخفاض الاستهلاك وأضحت عشرات السلع لا تجد سبيلا للتصريف.
وأكد مسؤول في اتحاد الصناعات المصرية لـ"العربي الجديد" أن بعض شركات الحديد، اضطرت إلى خفض أسعار منتجاتها في الآونة الأخيرة لحاجتها إلى سيولة نقدية لتسديد فوائد القروض المصرفية، مشيرا إلى ارتفاع الراكد في المخازن إلى 900 ألف طن.
ولفت إلى أن الأسعار وصلت إلى حدود 10 آلاف جنيه للطن، بعد أن لامست 13 ألف جنيه للطن عقب قرار تعويم سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية قبل نحو ثلاث سنوات.
كما تراجعت مبيعات 4 شركات إسمنت، من أصل 6 مسجلة في البورصة المصرية، بنسب تراوحت بين 3 و29 في المائة خلال الربع الأول من 2019، فيما توقعت تقارير متخصصة خروج 6 ملايين طن من الطاقة الإنتاجية خلال عام، إذا استمرت المبيعات في التراجع، لافتة إلى أن إنقاذ القطاع يقتضي حدوث ارتفاع في الطلب لا تقل نسبته عن 47 في المائة.
وتُقدر الطاقة الإنتاجية، لمصانع الإسمنت بنحو 85 مليون طن سنوياً، في حين تصل حاجة السوق إلى 50 مليون طن، ما يعني وجود فائض بنحو 35 مليون طن.
ولا تقتصر المخاطر على المنتجات الصناعية، وإنما تمتد إلى حاصلات زراعية ظلت لسنوات ماضية أساسية في قائمة الصادرات المصرية.
ويعاني مزارعو القطن هذا العام من أزمة في تسويق منتجهم، رغم تقليص المساحة المزروعة وانخفاض الإنتاج. ويبلغ حجم إنتاجية محصول 2019 قرابة 1.6 مليون قنطار، مقابل 2.4 مليون قنطار العام الماضي (القنطار يعادل 100 كيلوغرام).
وعزا صاحب إحدى شركات تجارة وتصدير الأقطان، أزمة المزارعين إلى إحجام الشركات الخاصة عن الشراء لوجود مخزون من العام الماضي لم يتم تصريفه بعد، كما أن الأسعار المعلنة لا تشجع المصدرين لتراجع السعر العالمي.
وفي قطاع الأغذية، تراجعت مبيعات اللحوم الحية في الأسواق وفقًا لمصادر تجارية بنسب وصلت إلى 50 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، نتيجة تهاوي القدرات الشرائية للمواطنين.
ويقول مصطفى شاهين، الخبير الاقتصادي، إن الأسواق المصرية تخطت مرحلة الركود، وهي الآن على أبواب الكساد، نتيجة المعروض الزائد الذي لا يقابله طلب، ما يعني أنه لا توجد قدرة شرائية تستطيع شراء كل المعروض أو جزء مهم منه.
ويشير شاهين إلى أن ارتفاع الأسعار يؤدي الى ضعف القدرة الشرائية للمواطن وبالتالي يقل استهلاكه، فينخفض الطلب فيضطر المنتجون لخفض الأسعار لتحريك الطلب وهو ما يمكن وصفه بأن السوق يعاقب المنتج في مصر.
ويحذر من أن الوضع الاقتصادي يسير نحو الأسوأ طالما أن الحكومة مصرة على المضي في طريقها نحو فرض المزيد من الضرائب وإلغاء الدعم، وهو ما يؤدي إلى تحجيم الطلب والوصول لمرحلة الكساد.