أطاح الحزب الحاكم "زانو بي اف" في زيمبابوي، الأحد، رئيس البلاد روبرت موغابي، الذي يتولى السلطة منذ 37 عاماً، وعيّن الحزب الحاكم خلفاً له نائب الرئيس السابق، إمرسون منانغاغوا، الذي أقاله موغابي، قبل أسبوعين، بحسب ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وجاءت هذه الإطاحة بسبب إخفاقات موغابي السياسية والاقتصادية، فقد حطم الرئيس المُقال، خلال الـ37 عاماً التي حكم فيها، اقتصاد زيمبابوي وأوصله إلى الدرجة التي تجادلت فيها جامعة "جون هوبكنز" الأميركية مع مجلة " إيكونومست" البريطانية، حول الخانة الرقمية التي يوضع فيها معدل التضخم في البلاد، وهل يوضع في خانة المليارات أو الزيليونات، والزيليون رقم يحمل 15 صفراً، وما يعادل ألف تريليون.
كما تحول المواطنون من العملة الوطنية إلى استخدام الدولار الأميركي في المعاملات، وتحول الاقتصاد والمعاملات التجارية تدريجياً خلال العقد الجاري من الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد الأسود.
ويعد موغابي سابقة في التاريخ المعاصر، حيث يبلغ عمره 93 عاماً ويعاني من المرض ولايزال يريد الاستمرار في الحكم.
وتقدر آخر إحصائيات أصدرها البنك الدولي في عام 2013 لحجم الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بحوالى 13.828 مليار دولار، ويقدر عدد المواطنين بحوالى 12 مليون نسمة. وهذا المعدل من الحجم الاقتصادي يساوي حجم موجودات أي شركة صغيرة في الدول الغربية.
ويعاني المواطنون في زيمبابوي حالياً من الفقر المدقع والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، حيث تعتمد البلاد على الطاقة الكهرومائية كمصدر أساسي للطاقة، وتستورد الكهرباء من دولة موزمبيق المجاورة ودول مجاورة أخرى، لكن بسبب تراكم الديون على زيمبابوي، خفضت موزمبيق حجم التيار الكهربائي الواصل منها إلى زيمبابوي، ليبدأ بعد ذلك توفير الكهرباء للمناطق الحضرية فقط لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، وبالتالي زادت نسبة إزالة الغابات من قِبَل السكان لاستخدامهم الخشب والحطب وقوداً، بجانب عدم وجود كهرباء من الأساس في المناطق الريفية قبل ظهور هذه المشكلة.
وعلى الرغم من كل هذا، صُنفت زيمبابوي من قبل الأمم المتحدة، بجانب مالطا على أنهما من أفضل البلدان من حيث المناخ المناسب للعيش من قبل الإنسان.
وحسب بيانات البنك الدولي، تعد الزراعة المصدر الرئيسي للدخل في زيمبابوي. ويعمل بالزراعة حوالى 69% من القوة العاملة، وأبرز الحاصلات الزراعية الذرة والقمح والأرز، ومن الحاصلات النقدية القطن وقصب السكر، كما تتوفر البلاد على ثروة حيوانية ضخمة، متمثلة في قطعان الماشية التي ترعى حشائش السافانا المنبسطة في السهول المجاورة لجنوب أفريقيا.
ولزيمبابوي شهرة في إنتاج المعادن، حيث بلغ إنتاجها في فترات الازدهار في عام 1980 حوالي 27 ألف طن، ومن خام النيكل حوالي 15ألف طن، والذهب حوالي 367 كيلوغراماً، والكروم حوالي 553 ألف طن. وكانت تسيطر الأقلية البيضاء على أخصب الأراضي والمناجم وتربية الثروة الحيوانية، وقدرت ثروة البلاد الحيوانية في سنة 1988 بحوالي 5.7 ملايين رأس من الأبقار، و580 ألفاً من الأغنام وحوالى 1.65 مليون رأس من الماعز.
ويضاف إلى هذه الثروة، توفر البلاد على ميزات سياحية، حيث تقع معظم زيمبابوي في نطاق السافانا، إلا في مناطق من شرق البلاد ذات المناخ الرطب الجبلي الذي تظهر فيه نباتات استوائية دائمة الخضرة وغابات من الخشب الصلد كأشجار الماهوغني. وهناك حوالي 350 نوعاً من الثدييات في زيمبابوي، من بينها الأفيال، وكثير من الزرافات والحيوانات المتوحشة التي تجعل منها بلداً جاذباً للسياحة مثلما هو الحال في كينيا.
وحينما استلم موغابي الحكم في عام 1980، بعد محادثات فندق "لانكستر غيت" في لندن في عام 1979، من الاستعمار البريطاني، كان ينظر له على أساس أنه بطل أفريقي، حيث إن حركة المقاومة التي قادها مع زميلة جوشوا نوكومو نجحت أخيراً في تحرير زيمبابوي من الاستعمار. وذلك بمساعدة من الحكومة الصينية التي كان يقودها الزعيم ماو تسي تونغ.
لكن سرعان ما ارتكب الرئيس موغابي أخطاء فادحة في السياسة الزراعية، حولته من بطل قومي إلى رئيس فاشل، كما انتهت سياساته بإفقار شعب زيمبابوي وحولته من الغنى الزراعي إلى طلب المعونات من دول العالم.
وحسب بيانات نشرتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، ففي عام 2000 أجبر الرئيس موغابي حوالى 4000 من أصحاب المزارع من البيض على التخلي عن مزارعهم دون أن يمنحهم تعويضات مجزية.
وإن كانت حملة استعادة الأراضي من البيض إلى أصحابها حملة عادلة كما يرى عدد من المواطنين، إلا أن الكثير من المراقبين انتقدوا الطريقة العدوانية التي نفذت بها وعدم الحكمة في الاحتفاظ بالخبرات والتخلص التدريجي من الهيمنة البيضاء على الثروة الزراعية بالبلاد.
وهو ما أفضى لاحقاً إلى عداوات مع العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا. وبالتالي فشلت حملة تأميم الأراضي فشلاً مريعاً بسبب الأخطاء التي ارتكبها موغابي.
وعانت البلاد من المجاعة في عام 2001، أي أول عام بعد تأميم الأراضي من البيض وإعادتها للسود، ثم ضربها القحط في عامين متتاليين. وهنا بدأت السحب السوداء تتراكم في سماء السياسة الزيمبابوية.
ومثال على فشل السياسة الزراعية التي نفذها موغابي، انخفض الإنتاج الزراعي من 320 ألف طن في عام 1990 إلى 20 ألف طن في العام الماضي. كما انخفض إنتاج المعادن رغم تدخل الشركات الصينية في الاستثمار.
لكن رغم كل ذلك لا تزال زيمبابوي دولة غنية بالموارد إن وجدت إدارة حكومية ناجحة، حيث أطلق عليها اقتصاديون غربيون لقب "سلة غذاء أفريقيا" في العقود الأخيرة من القرن الماضي. وزيمبابوي ليست غنية فقط بالزراعة، ولكن كذلك غنية بالمعادن، خاصة الذهب والبلاتين والألماس.
مشكلة نزع الأراضي
بعدما فتحت اتفاقية فندق "لانكاستر هاوس"، باب الديمقراطية في زيمبابوي، انتخب روبرت موغابي في فبراير/شباط 1980. لم تسمح الاتفاقية التي وقعتها الحكومة البريطانية مع حركة التحرير التي يقودها موغابي وزميله جوشوا نكومو، بالتصرف في الأراضي الزراعية لمدة عشر سنوات من الاستقلال.
كان الزيمبابويون البيض، الذين مثّلوا نسبة لا تزيد على 1% من عدد السكان، يملكون أكثر من 70% من الأراضي الصالحة للزراعة.
وبناء على ذلك، سعت حكومة موغابي بعد انتهاء السنوات العشر إلى وضع يدها على كثير من الأراضي التي يملكها البيض، أحيانا عن طريق استعمال القوة، وأحياناً عبر ما سمّته عمليات الاستصلاح، حيث لم تبقِ للبيض سوى 300 من 4500 مزرعة تجارية.
وهو ما أفقد زيمبابوي التقنيات الحديثة في الزراعة التي كان يستخدمها المزارعون البيض في الإنتاج الزراعي، كما أن البيض بحكم علاقتهم ببريطانيا، كانوا يسوقون المحاصيل الزراعية ويحصلون منها على أثمان مجزية، لكن نتيجة لطردهم من المزارع فقدت البلاد التقنية الزراعية الحديثة، كما فقدت كذلك سلسلة التسويق مع أوروبا. وهو ما وصفه موغابي لاحقاً بأنه مؤامرة ضده وضد شعبه.
وعانت زيمبابوي من مشاكل اقتصادية في أعقاب طرد المزارعين البيض كان أكبرها كارثة المجاعة التي ضربت 30% من سكان البلاد، ومنذ ذلك الوقت لم تتحسن أوضاع البلاد حتى استلام الجيش للسلطة الاربعاء الماضي.
اقــرأ أيضاً
وجاءت هذه الإطاحة بسبب إخفاقات موغابي السياسية والاقتصادية، فقد حطم الرئيس المُقال، خلال الـ37 عاماً التي حكم فيها، اقتصاد زيمبابوي وأوصله إلى الدرجة التي تجادلت فيها جامعة "جون هوبكنز" الأميركية مع مجلة " إيكونومست" البريطانية، حول الخانة الرقمية التي يوضع فيها معدل التضخم في البلاد، وهل يوضع في خانة المليارات أو الزيليونات، والزيليون رقم يحمل 15 صفراً، وما يعادل ألف تريليون.
كما تحول المواطنون من العملة الوطنية إلى استخدام الدولار الأميركي في المعاملات، وتحول الاقتصاد والمعاملات التجارية تدريجياً خلال العقد الجاري من الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد الأسود.
ويعد موغابي سابقة في التاريخ المعاصر، حيث يبلغ عمره 93 عاماً ويعاني من المرض ولايزال يريد الاستمرار في الحكم.
وتقدر آخر إحصائيات أصدرها البنك الدولي في عام 2013 لحجم الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بحوالى 13.828 مليار دولار، ويقدر عدد المواطنين بحوالى 12 مليون نسمة. وهذا المعدل من الحجم الاقتصادي يساوي حجم موجودات أي شركة صغيرة في الدول الغربية.
ويعاني المواطنون في زيمبابوي حالياً من الفقر المدقع والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، حيث تعتمد البلاد على الطاقة الكهرومائية كمصدر أساسي للطاقة، وتستورد الكهرباء من دولة موزمبيق المجاورة ودول مجاورة أخرى، لكن بسبب تراكم الديون على زيمبابوي، خفضت موزمبيق حجم التيار الكهربائي الواصل منها إلى زيمبابوي، ليبدأ بعد ذلك توفير الكهرباء للمناطق الحضرية فقط لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، وبالتالي زادت نسبة إزالة الغابات من قِبَل السكان لاستخدامهم الخشب والحطب وقوداً، بجانب عدم وجود كهرباء من الأساس في المناطق الريفية قبل ظهور هذه المشكلة.
وعلى الرغم من كل هذا، صُنفت زيمبابوي من قبل الأمم المتحدة، بجانب مالطا على أنهما من أفضل البلدان من حيث المناخ المناسب للعيش من قبل الإنسان.
وحسب بيانات البنك الدولي، تعد الزراعة المصدر الرئيسي للدخل في زيمبابوي. ويعمل بالزراعة حوالى 69% من القوة العاملة، وأبرز الحاصلات الزراعية الذرة والقمح والأرز، ومن الحاصلات النقدية القطن وقصب السكر، كما تتوفر البلاد على ثروة حيوانية ضخمة، متمثلة في قطعان الماشية التي ترعى حشائش السافانا المنبسطة في السهول المجاورة لجنوب أفريقيا.
ولزيمبابوي شهرة في إنتاج المعادن، حيث بلغ إنتاجها في فترات الازدهار في عام 1980 حوالي 27 ألف طن، ومن خام النيكل حوالي 15ألف طن، والذهب حوالي 367 كيلوغراماً، والكروم حوالي 553 ألف طن. وكانت تسيطر الأقلية البيضاء على أخصب الأراضي والمناجم وتربية الثروة الحيوانية، وقدرت ثروة البلاد الحيوانية في سنة 1988 بحوالي 5.7 ملايين رأس من الأبقار، و580 ألفاً من الأغنام وحوالى 1.65 مليون رأس من الماعز.
ويضاف إلى هذه الثروة، توفر البلاد على ميزات سياحية، حيث تقع معظم زيمبابوي في نطاق السافانا، إلا في مناطق من شرق البلاد ذات المناخ الرطب الجبلي الذي تظهر فيه نباتات استوائية دائمة الخضرة وغابات من الخشب الصلد كأشجار الماهوغني. وهناك حوالي 350 نوعاً من الثدييات في زيمبابوي، من بينها الأفيال، وكثير من الزرافات والحيوانات المتوحشة التي تجعل منها بلداً جاذباً للسياحة مثلما هو الحال في كينيا.
وحينما استلم موغابي الحكم في عام 1980، بعد محادثات فندق "لانكستر غيت" في لندن في عام 1979، من الاستعمار البريطاني، كان ينظر له على أساس أنه بطل أفريقي، حيث إن حركة المقاومة التي قادها مع زميلة جوشوا نوكومو نجحت أخيراً في تحرير زيمبابوي من الاستعمار. وذلك بمساعدة من الحكومة الصينية التي كان يقودها الزعيم ماو تسي تونغ.
لكن سرعان ما ارتكب الرئيس موغابي أخطاء فادحة في السياسة الزراعية، حولته من بطل قومي إلى رئيس فاشل، كما انتهت سياساته بإفقار شعب زيمبابوي وحولته من الغنى الزراعي إلى طلب المعونات من دول العالم.
وحسب بيانات نشرتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، ففي عام 2000 أجبر الرئيس موغابي حوالى 4000 من أصحاب المزارع من البيض على التخلي عن مزارعهم دون أن يمنحهم تعويضات مجزية.
وإن كانت حملة استعادة الأراضي من البيض إلى أصحابها حملة عادلة كما يرى عدد من المواطنين، إلا أن الكثير من المراقبين انتقدوا الطريقة العدوانية التي نفذت بها وعدم الحكمة في الاحتفاظ بالخبرات والتخلص التدريجي من الهيمنة البيضاء على الثروة الزراعية بالبلاد.
وهو ما أفضى لاحقاً إلى عداوات مع العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا. وبالتالي فشلت حملة تأميم الأراضي فشلاً مريعاً بسبب الأخطاء التي ارتكبها موغابي.
وعانت البلاد من المجاعة في عام 2001، أي أول عام بعد تأميم الأراضي من البيض وإعادتها للسود، ثم ضربها القحط في عامين متتاليين. وهنا بدأت السحب السوداء تتراكم في سماء السياسة الزيمبابوية.
ومثال على فشل السياسة الزراعية التي نفذها موغابي، انخفض الإنتاج الزراعي من 320 ألف طن في عام 1990 إلى 20 ألف طن في العام الماضي. كما انخفض إنتاج المعادن رغم تدخل الشركات الصينية في الاستثمار.
لكن رغم كل ذلك لا تزال زيمبابوي دولة غنية بالموارد إن وجدت إدارة حكومية ناجحة، حيث أطلق عليها اقتصاديون غربيون لقب "سلة غذاء أفريقيا" في العقود الأخيرة من القرن الماضي. وزيمبابوي ليست غنية فقط بالزراعة، ولكن كذلك غنية بالمعادن، خاصة الذهب والبلاتين والألماس.
مشكلة نزع الأراضي
بعدما فتحت اتفاقية فندق "لانكاستر هاوس"، باب الديمقراطية في زيمبابوي، انتخب روبرت موغابي في فبراير/شباط 1980. لم تسمح الاتفاقية التي وقعتها الحكومة البريطانية مع حركة التحرير التي يقودها موغابي وزميله جوشوا نكومو، بالتصرف في الأراضي الزراعية لمدة عشر سنوات من الاستقلال.
كان الزيمبابويون البيض، الذين مثّلوا نسبة لا تزيد على 1% من عدد السكان، يملكون أكثر من 70% من الأراضي الصالحة للزراعة.
وبناء على ذلك، سعت حكومة موغابي بعد انتهاء السنوات العشر إلى وضع يدها على كثير من الأراضي التي يملكها البيض، أحيانا عن طريق استعمال القوة، وأحياناً عبر ما سمّته عمليات الاستصلاح، حيث لم تبقِ للبيض سوى 300 من 4500 مزرعة تجارية.
وهو ما أفقد زيمبابوي التقنيات الحديثة في الزراعة التي كان يستخدمها المزارعون البيض في الإنتاج الزراعي، كما أن البيض بحكم علاقتهم ببريطانيا، كانوا يسوقون المحاصيل الزراعية ويحصلون منها على أثمان مجزية، لكن نتيجة لطردهم من المزارع فقدت البلاد التقنية الزراعية الحديثة، كما فقدت كذلك سلسلة التسويق مع أوروبا. وهو ما وصفه موغابي لاحقاً بأنه مؤامرة ضده وضد شعبه.
وعانت زيمبابوي من مشاكل اقتصادية في أعقاب طرد المزارعين البيض كان أكبرها كارثة المجاعة التي ضربت 30% من سكان البلاد، ومنذ ذلك الوقت لم تتحسن أوضاع البلاد حتى استلام الجيش للسلطة الاربعاء الماضي.