يصدر هذا الأسبوع فيلم "الغريب: العهد" Alien: Covenant، للمخرج، ريدلي سكوت، والذي يعتبر الجزء الخامس الذي يحمل اسم سلسلة الخيال العلمي الشهيرة التي صدر جزؤها الأول عام 1979، وبعد 20 عاماً كاملة من الجزء الأخير، يأتي هذا العمل ليعيد إحياء أحد أكثر الأعمال تأثيراً في تاريخ السينما. وفي هذا الموضوع نتناول جوانب مختلفة من هذا الأثر.
رعب الفضاء
حين أخرج ريدلي سكوت، فيلم Alien في أواخر السبعينيات، لم يكن هناك فيلم يسبقه في الدمج بين صنفي "أفلام الفضاء" و"الرعب". إذ كانت أفلام الفضاء حينها مقسمة لجانبين؛ إما تحاول تكوين صورة سينمائية وعلمية للعالم الخارجي المجهول (بعد أول رحلة إلى القمر في الستينيات) وعلى رأس تلك الأمثلة فيلم "2001: أوديسا الفضاء" لستانلي كوبريك، أو أن تصنع منه ساحة صراع مختلفة للقيم الإنسانية الأبسط، مثلما فعل جورج لوكاس في ملحمة "حرب النجوم".
فيلم Alien أخذ منحى مختلفا. فمن ناحية يحمل صورة رصينة جداً لتفاصيل المركبة الفضائية، وتعاملا جادا مع الفضاء الخارجي، ولكن في نفس الوقت، يدمج ذلك مع قدر عالٍ جداً من الخيال. في هذا الوجود الغريب للكائن المدمر الذي يلاحق كل أعضاء الرحلة، ونتيجة لقيمة الفيلم، ونجاحه الكبير، فإن عشرات الأفلام الفضائية التي أتت بعده (وآخرها فيلم Life الذي صدر هذا العام) ظلت متأثرة بتلك الصورة الأيقونية التي قدمها، مما جعل المصطلح السينمائي "رعب الفضاء" مرتبطاً به.
خطوة على كوكب بعيد
كانت تلك هي المرة الأولى التي تخطو فيها السينما بشكلٍ فعلي إلى كوكبٍ آخر. كل الأفلام السابقة، بما فيها التي تناولت الرعب القادم من الفضاء، كانت تدور أحداثها على الأرض. هذا الفيلم نقل المعركة إلى مكانٍ آخر، إلى كوكب بعيد، يكون فيه البشر أقل عدداً، وأقل قوة، ومحاصرين من الكائن الذي لا يهدف إلى شيء إلا قتلهم. وإلى جانب القيمة التقنية والسينمائية في خلق كوكب (من ناحية الديكور والتصوير والتفاصيل التقنية)، فقد استفاد سكوت بشدة من لعبة "الخوف من المجهول"، إذ يجعلُ المشاهد جزءاً من ركاب سفينته، يستيقظ معهم في بداية الفيلم، ويبدأ في ترقُّب ما يحدث بحذر. وحين يخرج إلى كوكب آخر غير الذي يعرفه، للمرة الأولى على شاشة السينما، يحدث الرعب الحقيقي.
جعل الخيال حقيقياً إلى أبعد حد
حين صدر الجزء الثاني عام 1986، الذي أخرجه جيمس كاميرون، استطاع أن يضيف إلى قيمة الجزء الأول، ليس فقط بسبب جودته الفنية التي لا تقل عن سابقه، ولكن الأهم هو الطريقة العلمية التي تعامل بها مع الأحداث. فالجزء الثاني يبدأ بعد 57 عاماً من نهاية أحداث الأول، حين تفيق "ريبلي" (الناجية الوحيدة التي هزمت "الغريب") بعد سنوات من تبريد جسدها، لا يصدق أحد على الأرض قصتها. وتقرر وكالة الفضاء إرسالها مع فريق جديد للبحث عن طاقم سفينة مختفية في نفس الكوكب، ليعاد الكابوس مرة أخرى. أغلب تعليقات الجمهور والنقاد عند عرض الفيلم في الثمانينيات، كانت تشير إلى أن التعامل بذكاء مع التفاصيل العلمية المرتبطة بالسفينة والرحلة الفضائية، إلى جانب البدء من نقطة عودة "ريبلي" إلى الأرض وعدم تصديق الجميع قصتها زاد من الشعور بالخوف والرهبة، كأن الفيلم يتجاوز "لا معقولية" أحداثه حين يؤكد أن هذا الرعب موجود فعلاً حتى لو لم يره الآخرون.
منح الفرصة لمخرجين جدد
واحدة من أهم مميزات سلسلة Alien، هي أسماء المخرجين المتغيرين الذين تصدُّوا لأجزائها المختلفة، وأضافوا للسينما كثيراً بعد ذلك. بداية من ريدلي سكوت الذي أطلق الفيلم شهرته، وجعله واحداً من أهم مخرجي أميركا الثمانينيات (وقدم بعده مباشرة فيلم خيال علمي أيقوني مثل Blade Runner)، مروراً بجيمس كاميرون الذي كان يقدم لأول مرة فيلماً بميزانية مرتفعة.