أكثر من ذلك، وسّع نواب الكتلة تواصلهم مع الأطراف السياسية، فالتقى عدد منهم، بأمر من الحريري، نواباً في "تكتل التغيير والإصلاح"، لمناقشة الملف الحكومي. وبعد هذا اللقاء النيابي، تم التواصل خلال الأسبوع الجاري بين الطرفين على مستوى القيادتين. فَهِمَ المستقبليون أنّ رئيس التكتل، النائب ميشال عون، "كان على حق حين قال إنّ أحداً لم يتواصل مع التكتل لدى انطلاق النقاشات الحكومية الجدية قبل أسبوعين". وبحسب المستقبليين، خلال إعادة المباشرة في الإعداد للحكومة في الأسبوع الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي، أكد حزب الله لـ"المستقبل" ولرئيس الجمهورية ميشال سليمان وللرئيس المكلف تمام سلام، أنه سيقود مهمة التواصل مع عون، متعهّداً بـ"إقناع عون بأي تركيبة حكومية في مهلة أقصاها 48 ساعة لدى التوصّل إلى اتفاق على الصيغة".
لكن حزب الله لم يتواصل مع عون ولم يشاوره ولم يضعه في أجواء ما يجري التحضير له. عندها تعقّدت الأمور أكثر. وبعد مباشرة العمل على حلّ عقدة المداورة على الحقائب مع "تكتل التغيير والإصلاح"، ظهرت عقدة أخرى لدى الحزب: التخوّف من الشخصية المستقبلية التي ستتولّى حقيبة الداخلية. عندها فهم المستقبليون أنّ المطلوب إعادة عقارب المفاوضات الحكومية إلى الوراء، وخصوصاً أنّ الحزب أمسك بـ"المستقبل" في مقتل سياسي: وزارة الداخلية.
يعرف تيار الحريري جيّداً أنّ المهمة الرئيسية لوزير الداخلية المقبل ستكون المحافظة على الأمن ومواجهة الإرهاب، والعمل على وقف مسلسل التفجيرات. فهل بإمكان "المستقبل" أن يقود حملة في شارعه "السنّي"، وعلى قسم من شارعه في شمال لبنان تحديداً؟ والملاحظ انّ حزب الله رفض اسمين قدّمهما "المستقبل" لتولي حقيبة الداخلية، وهما اسمين من بيروت، فظهر وكأنّ الحزب يدفع خصمه إلى تسمية شخصية شمالية لجرّها في هذا الصراع داخل الشارع السني.
إذا كان حزب الله قدّ جرّد تيار المستقبل من عناوين سياسية رئيسية، يبدو أنّ الحزب يبحث عن تعرية خصمه بشكل كامل قبل مشاركته في الحكومة، الأمر الذي فهمه "المستقبليون"، وباشروا مهمة التصدي له من خلال فتح قنوات التواصل مع حلفاء حزب الله، علّهم ينجحون في كسر بعض المسلّمات في الحلف المضاد ولو جزئياً... التواصل مع عون مثالاً.