19 ابريل 2021
لعنة سورية
يبدو العالم وكأنه سيتعرض من الآن لما يمكن تسميتها "لعنة سورية"، عقابا له على سكوته المشين حيال إبادة شعبها بيد نظامه الذي استعان لتحقيقها بجيوش احتلال روسية وإيرانية وأحط أصناف المرتزقة الذين شاركوه في قتل مواطنين طالبوا بحريتهم. لم يكن هدفهم يوماً الانخراط في صراعاتٍ خارجيةٍ، لكن العالم " المتمدّن" في الغرب و" المتوحش" في الشرق خذلهم، وتفرّج مستمتعاً على أمواتهم بيد نظامهم والقتلة متعدّدي الجنسيات والمذاهب والأعراق والأهداف، ممن فبركت الأسدية بعضهم، وفبرك الخارج بعضهم الآخر، أو تعاون معه على فبركتهم وتزويدهم بالأسلحة الضرورية للقضاء على شعبٍ يعني نجاحه في إسقاط الأسدية انقلاباً تاريخياً سيطاول المنطقة بأسرها. وللأمانة، حقق القتلة مهمتهم باحترافيةٍ، رعتها جهاتٌ خبيرة، يسمونها "العالم المتمدن" و"رعاة حقوق الإنسان" و"حكومات شرعية".
واليوم، وقد قطعت الإبادة شوطاً كبيراً، ووصل الناجون منها إلى أكثر أمكنة العالم بعداً عن وطنهم، صار من المرجح أن تحل "لعنة سورية" به، وتتظاهر، من الآن فصاعداً، في أمواج فوضى عاتية، لن يمر زمن طويل قبل أن تجتاحه بكامله، بعد أن غمرت "الشرعية الدولية"، وقوّضت شرعيتها وزلزلت قدراتها، وأطاحت عديداً من مؤسساتها، وأحدثت صدوعاً خطيرةً في البلدان "المتحضرة" ذات أبعاد اجتماعية وسياسية وأخلاقية، كشفت بؤس قياداتها وأحزابها، ومهّدت الطريق إلى يمينٍ جديدٍ معادٍ لها، أخذ صعوده العاصف يقوّض أمنها، ويدخل الرعب إلى قلوب مواطنيها، وكذلك الخشية من أن يغدو مصيرهم متصلاً بمصير ملايين السوريين الذين يغرقون في البحر، أو يموتون تحت أنقاض بيوتهم، أو يتبدّدون في انفجارات القنابل والصواريخ، أو يهلكون جوعاً وعطشاً عند حدود الدول، الصديقة والعدوة، أو تحزّ السكاكين أعناقهم ويدمّرهم نفسياً وروحياً، ويفشلون في الحصول على خبرٍ عن أخ أو أبٍ أو زوجٍ أو ابن اختفى منذ سنين، ولم يعد لديهم من أمل غير أن يكون قد فارق الحياة، أو ... أو... أو ... . هل نعجب بعد هذا من امتلاء قلوبٍ سوريةٍ كثيرة بحقدٍ أعمى على عالمٍ سمح بقتلهم عن سابق عمد وتصميم، لم يرف له جفن وهو يتأمل سعيداً القضاء عليهم، فلماذا تأخذهم شفقةٌ به، ولا يتحوّلون إلى "ذئاب منفردة وجماعية" تفتك بما تعيش بين ظهرانيه من أغنام، ولم لا تجرّد حكوماتها من أية قدرةٍ على مواجهتها، ومجتمعاتها من أمنها، وتخوض ضدّهما حرباً، لطالما توهما أنهما في منجاةٍ من ويلاتها، وها هي طلائعها تطيح ثقتهما بنفسيهما، وتدخلهما في ذعر من الآخر الذي يمكن أن يكون حزاماً ناسفاً أو قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت ومكان.
ليس ما ظهر إلى اليوم من "لعنة سورية" سوى بداية، ستمدّها التطورات بمواد متفجرة، ستحولها إلى حال تصعب السيطرة عليها، وحروب ستسعرها عيوب ونواقص ومشكلات نظامٍ دوليٍّ، فيما ملايين السوريين يقتلون ويذبحون كالنعاج، متجاهلا أن انهيار حواضنه القانونية والأخلاقية لن يتوقف عند حدوده، وأنه سيخترق بلدانه ويهشّمها من الداخل. ومن يراقب صعود اليمين الجديد في بلدان أوروبا يدرك أنها صارت هي أيضا في قبضة أخطارٍ تفقد أكثر فأكثر السيطرة عليها.
خال لعالم أن إبادة شعب سورية سيُنجيه من القتل والموت. وها قد بدأ يدفع ثمن تقاعسه عن وقف ما كان في استطاعته وقفه: ذبح شعبها الأعزل، المقتول بيد قتلةٍ وطغاة محليين وإقليميين ودوليين. ومع أنه لا يوجد سوري حر يريد ابتلاء أي فردٍ أو شعبٍ بما ابتلي هو وشعبه به، فإن "لعنة سورية" ستلاحق كل من شارك النظام الأسدي في قتل وتهجير وتشريد وتجويع وتعذيب وإخفاء ملايين عزّلاً صدّقوا ما كان يُقال عن حقهم في الحياة الحرّة، وها هي بقاياهم تهيم على وجوهها في الأرض، حاملة معها إلى من تخلوا عنها "لعنة" أخلاقيةً، لن ينجو منها أحد منهم، وسيدفع ثمنها الأبرياء من مواطنيهم.
ملاحظة: قصدت في مقالتي في "العربي الجديد" (3/7/2016) عن لقالق المعارضة حالاً قائمة، ولم أقصد أي شخصٍ بعينه.
واليوم، وقد قطعت الإبادة شوطاً كبيراً، ووصل الناجون منها إلى أكثر أمكنة العالم بعداً عن وطنهم، صار من المرجح أن تحل "لعنة سورية" به، وتتظاهر، من الآن فصاعداً، في أمواج فوضى عاتية، لن يمر زمن طويل قبل أن تجتاحه بكامله، بعد أن غمرت "الشرعية الدولية"، وقوّضت شرعيتها وزلزلت قدراتها، وأطاحت عديداً من مؤسساتها، وأحدثت صدوعاً خطيرةً في البلدان "المتحضرة" ذات أبعاد اجتماعية وسياسية وأخلاقية، كشفت بؤس قياداتها وأحزابها، ومهّدت الطريق إلى يمينٍ جديدٍ معادٍ لها، أخذ صعوده العاصف يقوّض أمنها، ويدخل الرعب إلى قلوب مواطنيها، وكذلك الخشية من أن يغدو مصيرهم متصلاً بمصير ملايين السوريين الذين يغرقون في البحر، أو يموتون تحت أنقاض بيوتهم، أو يتبدّدون في انفجارات القنابل والصواريخ، أو يهلكون جوعاً وعطشاً عند حدود الدول، الصديقة والعدوة، أو تحزّ السكاكين أعناقهم ويدمّرهم نفسياً وروحياً، ويفشلون في الحصول على خبرٍ عن أخ أو أبٍ أو زوجٍ أو ابن اختفى منذ سنين، ولم يعد لديهم من أمل غير أن يكون قد فارق الحياة، أو ... أو... أو ... . هل نعجب بعد هذا من امتلاء قلوبٍ سوريةٍ كثيرة بحقدٍ أعمى على عالمٍ سمح بقتلهم عن سابق عمد وتصميم، لم يرف له جفن وهو يتأمل سعيداً القضاء عليهم، فلماذا تأخذهم شفقةٌ به، ولا يتحوّلون إلى "ذئاب منفردة وجماعية" تفتك بما تعيش بين ظهرانيه من أغنام، ولم لا تجرّد حكوماتها من أية قدرةٍ على مواجهتها، ومجتمعاتها من أمنها، وتخوض ضدّهما حرباً، لطالما توهما أنهما في منجاةٍ من ويلاتها، وها هي طلائعها تطيح ثقتهما بنفسيهما، وتدخلهما في ذعر من الآخر الذي يمكن أن يكون حزاماً ناسفاً أو قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت ومكان.
ليس ما ظهر إلى اليوم من "لعنة سورية" سوى بداية، ستمدّها التطورات بمواد متفجرة، ستحولها إلى حال تصعب السيطرة عليها، وحروب ستسعرها عيوب ونواقص ومشكلات نظامٍ دوليٍّ، فيما ملايين السوريين يقتلون ويذبحون كالنعاج، متجاهلا أن انهيار حواضنه القانونية والأخلاقية لن يتوقف عند حدوده، وأنه سيخترق بلدانه ويهشّمها من الداخل. ومن يراقب صعود اليمين الجديد في بلدان أوروبا يدرك أنها صارت هي أيضا في قبضة أخطارٍ تفقد أكثر فأكثر السيطرة عليها.
خال لعالم أن إبادة شعب سورية سيُنجيه من القتل والموت. وها قد بدأ يدفع ثمن تقاعسه عن وقف ما كان في استطاعته وقفه: ذبح شعبها الأعزل، المقتول بيد قتلةٍ وطغاة محليين وإقليميين ودوليين. ومع أنه لا يوجد سوري حر يريد ابتلاء أي فردٍ أو شعبٍ بما ابتلي هو وشعبه به، فإن "لعنة سورية" ستلاحق كل من شارك النظام الأسدي في قتل وتهجير وتشريد وتجويع وتعذيب وإخفاء ملايين عزّلاً صدّقوا ما كان يُقال عن حقهم في الحياة الحرّة، وها هي بقاياهم تهيم على وجوهها في الأرض، حاملة معها إلى من تخلوا عنها "لعنة" أخلاقيةً، لن ينجو منها أحد منهم، وسيدفع ثمنها الأبرياء من مواطنيهم.
ملاحظة: قصدت في مقالتي في "العربي الجديد" (3/7/2016) عن لقالق المعارضة حالاً قائمة، ولم أقصد أي شخصٍ بعينه.