والممشى عبارة عن ممر مواجه للبحر وقلعة "قايتباي"، التي بدأ السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي بناءها في سنة 882 هـ، وانتهى من بنائها سنة 884 هـ، وتقع في نهاية جزيرة فاروس أقصى غرب مدينة الإسكندرية. وأخيرًا، أعلنت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف التابعة لمحافظة الإسكندرية طرحه في مزايدة علنية لاستغلاله كمطعم وكافيتريا مفتوح، مبررة ذلك بأن "البلطجية والباعة الجائلين يستغلون الممشى ويشوّهون منظره"، وفي الوقت نفسه تدخلت وزارة الآثار لأنها اعتبرت أن اللسان ضمن حرم القلعة، أي أنه تابع لها ولذا لا يجوز التصرف به من دون الرجوع إليها، كما ظهرت انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاولة تأجير الممشى ونادت بأنه المتنفس الوحيد للفقراء، وحذرت من أنه سيحرم آلاف الأسر التي تذهب إليه لتجلس هناك بمواجهة شاطئ البحر في نزهات عائلية مجانية لأنه مكان مفتوح.
وتتبع الإدارة المركزية للسياحة والمصايف محافظة الإسكندرية بشكل مباشر، وتعمل بشكل مستقل عن وزارة السياحة، وتعنى بمراقبة الشواطئ والمقاهي السياحية، وتمنحها التراخيص اللازمة لمزاولة المهنة، كما أنها المسؤولة عن فرض الغرامات وإصدار قرارات الغلق الإداري أو سحب التراخيص، وهي المسؤولة أيضًا عن اعتماد ومراجعة قوائم الأسعار في المنشآت السياحية مثل الوجبات والمشروبات، وهي التي تقوم بعمل مناقصات ومزايدات في ما يخص الشواطئ وطرحها للتأجير بشكل سنوي. ومن جانبه، قال المواطن السكندري محمد حامد لـ"العربي الجديد" وهو أربعيني ورب أسرة مكونة من زوجة وثلاثة أبناء، إن "المحافظة تبرر محاولتها بيع الممشى بأنه تحت سيطرة البلطجية، وأنا أقول لهم إذا كان المبرر هو وجود البلطجية والباعة الجائلين، فكان أولى يحطوا حراسة على المكان ويسيبوا (يتركوا) الناس تستمتع بيه". وأضاف حامد: "لسان القلعة مكان من ضمن 3 أو 4 أماكن اللي تقدر تسميها المتنفس الأخير للناس البسيطة".
وبحسب حديث حامد لـ"العربي الجديد"، لم يعد في الإسكندرية الكثير من الأماكن التي يمكن للفقراء أن يذهبوا إليها في العطلات للترويح عن أنفسهم، إذ لم يعد يوجد سوى "لسان جليم"، وأمام منطقة مجمع المساجد في بحري، ومنطقة اللسان المطروح للبيع والتي تعتبر أقرب لكورنيش أكثر من كونها شاطئا، ولكن أحيانا يسبح الناس هناك ويوجدون فيها لأنها مجانية. وإضافة إلى ذلك فلدى الإسكندرية 7 شواطئ مصنفة "مجانية" موزعة جغرافيًا بطول ساحل المدينة وتديرها المحافظة، وهي شواطئ: جليم، وشهر العسل، والهانوفيل العام، والمكس، وبرج العرب، المندرة وشاطئ السرايا بسيدي بشر). وتلك الشواطئ يسمح فيها للرواد باصطحاب الشماسي والكراسي الخاصة بهم دون دفع رسوم، وفي حالة الرغبة في تأجير شمسية يكون سعرها 3 جنيهات إضافة إلى جنيه لكل كرسي وجنيه للمنضدة، بالإضافة إلى جنيه واحد رسم إنقاذ غرقى، وجنيه واحد رسم غرفة خلع الملابس طوال اليوم، وجنيه واحد رسم دورة المياه طوال اليوم من منفذ البيع الخاص بالمحافظة. ولكن حتى بالنسبة للشواطئ المجانية فإن أضعف الإيمان سيقوم رب الأسرة بدفع إكراميات من الممكن أن تكلفه من 5 إلى 10 جنيهات لكل فرد من أجل أن يحصل على خدمة جيدة على الشاطئ.
بعد أيام من تصاعد حملات انتقاد مشروع المحافظة الخاص بالممشى قرر محافظ الإسكندرية محمد سلطان، وقْف الطرح وتعليق المزايدة إلى حين الرجوع لوزارة الآثار والاطلاع على القانون، وعرض الموضوع على لجنة مختصة من وزارة الآثار والسياحة للبتّ في الأمر، وقال في تصريحات صحافية إنه "قرر ذلك حتى لا يتم اتخاذ أي إجراء من شأنه الإساءة للمكان الأثري أو حجْب رؤية المواطنين الأثر أو البحر، أو تشويه المظهر الحضاري والجمالي للمنطقة. وأضاف سلطان أنه لن يتم المساس بأي مَعلم من معالم مدينة الإسكندرية أو أي أثر تاريخي. ولكن رغم تصريحات المحافظ، إلا أن المحافظة قامت في الوقت نفسه بوضع حواجز حديدية بطول كورنيش منطقة قلعة قايتباي وحجبت رؤية البحر من دون مبرر واضح، وبعدها عادت نفس الإدارة المركزية، وقالت إن تركيب الحواجز ليس له علاقة بالطرح ولكن له علاقة بمشروع حاجز الأمواج لحماية الشاطئ، وهو التبرير الذي لم يصدقه المجتمع السكندري الذي رأى أنه لا توجد علاقة بين عمل حواجز أمواج في عرض البحر وحجب الشاطئ نفسه. وهو ما ردت عليه الإدارة المركزية ببيان قالت فيه: "انتشرت في الآونة الأخيرة صورة لقواطع بالقلعة لونها أزرق وقيل إنه سيتم بيع أو تأجير تلك المنطقة، لذا وجب التوضيح من جانب الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بخصوص هذا الموضوع.
مؤخرًا، قرر محافظ
الإسكندرية غلق شاطئ النخيل بحي العجمي، وقال إن قراره جاء "لما يمثله الشاطئ من خطورة بالغة على المواطنين"، وكلف المحافظ الإدارة المركزية للسياحة
والمصايف وحي العجمي ورئيس جمعية النخيل، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لغلق الشاطئ ومنْع استخدامه من قبل المواطنين ومنع السباحة فيه، واتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لمنع المواطنين من دخول الشاطئ، وذلك حفاظًا على أرواحهم وحمايتهم، نظرًا لكثرة حالات الغرق في هذا الشاطئ. كما أكد سلطان، أنه تم التنسيق مع وزارة الري لإرسال لجنة عاجلة من الهيئة العامة لحماية الشواطئ لمعاينة الشاطئ والحواجز الخرسانية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين، ومنع تكرار حالات الغرق بالشاطئ. وقال اللواء أحمد حجازي، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، في تصريحات صحافية إنه "من المستحيل غلق شاطئ النخيل بجنازير خاصة، وإنه يتبع جمعية خاصة"، مشيراً إلى أن الإدارة اتخذت الإجراءات الاحترازية اللازمة، حيث يتم توقيع المصطافين على إقرار بنزول البحر والسباحة على مسؤوليتهم الخاصة. وأكد اهتمام الإدارة بمنظومة الإسعاف والإنقاذ للمصطافين، خاصة في الأيام التي ترتفع فيه الأمواج ويتعذر معها السباحة، مشيراً إلى أنه تم توقيع بروتوكول تعاون مع كلية التمريض لتوفير مسعف لكل شاطئ من الطلاب كعمالة موسمية خلال فترة الصيف. وكذلك توقيع بروتوكول مع كلية التربية الرياضية لتوفير غطاسين في الشواطئ كعمالة موسمية، وتم اختيارهم وتدريبهم بمركز الغوص، وتم تعيين عمال أبراج على دراية بقراءة تغييرات البحر في كل الأوقات، وحذّر المصطافين من النزول إلى البحر في غير أوقات عمل الغطاسين.
ومن جهتها، أصدرت جمعية "6 أكتوبر"، التي تدير شاطئ النخيل، بيانًا أكدت فيه أن "لديها منظومة إنقاذ على أعلى مستوى تديرها شركة الخبير البحري محمد المنصوري، وممثلة في وجود 25 غطاسًا منتشرين بطول الشاطئ، و3 "جيت سكي"، بالإضافة إلى 2 "جيت" آخرين تتحمل تكاليفهم الجمعية، كما تم تحديد مناطق آمنة للسباحة، وقيام أفراد الأمن بمحاولات منع المصطافين من النزول إلى البحر في الصباح الباكر". وأكدت الجمعية أن "حالات الغرق التي شهدها الشاطئ جاءت جمعيها في الساعات الأولى من الصباح وقبل مواعيد العمل الرسمية، ورفضهم الانصياع للتعليمات، بل وصل الأمر إلى التشاجر مع أفراد الأمن الموجودين لمنعهم من النزول، بالإضافة إلى وجود لوحات إرشادية بمنع النزول، خاصة أيام الجمعة والسبت والأحد".
وأشارت إلى أنه "توجد بطول الشاطئ لوحات إرشادية بالتعليمات ووحدة إسعاف وطبيب مقيم وعمال، بالإضافة إلى الأمن، ولكن كثرة أعداد المصطافين تؤدي إلى عدم الالتزام بالتعليمات، خاصة رحلات اليوم الواحد". وأكدت الجمعية "حرصها على حياة المصطافين، لكن سلوكيات البعض منهم تؤدي إلى حالات الغرق وتؤذي أعضاء المدينة، كما أن الحواجز الخاصة بالأمواج ليست السبب الرئيسي في الغرق كما يتم الادعاء، خاصة أن عددا من شواطئ المدينة شهدت حالات غرق مماثلة".