ست سنوات مرت على مذبحة فض اعتصامي رابعة العدوية و"نهضة مصر"، لأنصار الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، التي حصلت في 14 أغسطس/آب 2013، تحت إشراف حكومة رأسها، وشاركت فيها رموز سياسية وحزبية بارزة، كانت تُصنف نفسها آنذاك بـ"التيار المدني". بعد كل هذه الفترة، لا يزال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤسس "الجمعية الوطنية للتغيير"، محمد البرادعي، والذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، وحتى يوم المذبحة، يُثير علامات الاستفهام بصمته ورفضه الإفصاح عن كواليس الأيام والساعات السابقة لوقوع المذبحة، على الرغم من إعلان رفضه مراراً لطريقة الفض الوحشية.
وفي اليوم التالي لمذبحة "الحرس الجمهوري"، تم تعيين البرادعي نائباً لرئيس الجمهورية، إلا أن مجزرة أكبر وقعت ضد المعتصمين أمام "المنصة" بالقرب من ميدان "رابعة العدوية"، راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل، ليُدين حينها البرادعي "الاستخدام المفرط للقوة"، قائلاً إنه "سيعمل بكل جهد، وفي كل اتجاه، لإنهاء المواجهة بأسلوب سلمي".
وعند بدء فض اعتصام "رابعة العدوية"، الذي كان من المعلوم أنه سيخلّف عدداً هائلاً من الضحايا والمصابين، أرسل البرادعي استقالته إلى رئيس الجمهورية المؤقت، عدلي منصور، والتي قال فيها: "كما تعلمون فقد كنت أرى أن هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي، وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني. ومن واقع التجارب المماثلة، فإن المصالحة ستأتي في النهاية، ولكن بعد أن تكبدنا ثمناً غالياً كان من الممكن تجنّبه". ولم يتحدث البرادعي حتى الآن عن "البدائل السلمية" التي ذكرها في نص استقالته، كذلك لم يكشف عما دار في دوائر الحكومة والرئاسة ليلة فضّ الاعتصام، ومن الذي كان معارضاً لهذه الخطوة، أو مؤيداً لها داخل مجلس الوزراء، الذي كان يقوده حازم الببلاوي، على الرغم من تحذيره من خطورتها، ومن الدم الذي ستخلّفه.
وسبق أن شنّت وسائل إعلام محسوبة على النظام هجوماً حاداً على البرادعي العام الماضي، بعد نشره ملامح مما سماه "مشروع مصر المستقبل"، المعد بواسطة مجموعة من الخبراء في الداخل والخارج تحت إشرافه، ويهدف إلى وضع برنامج اقتصادي واجتماعي، يُحقق أهداف ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. ولم تحمل التقارير الصحافية المنشورة عن البرادعي تواقيع كتّابها، وتشابهت في المضامين والعبارات ذاتها، وهو ما يعني أن مصدرها واحد (الجهات الأمنية)، إذ اتهمته كلها بالاستمرار في عملية خداع الشباب، والتيارات السياسية، بإطلاق مسميات كاذبة مثل "البرنامج التنموي"، و"نهضة حقيقية شاملة" مبنية على مبادئ الثورة (عيش ـ حرية - عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية).