تزامن شنّ الطيران الحربيّ الليبي، التابع لقوات اللواء المنشق، خليفة حفتر، هجوماً استهدف معسكراً تابعاً لـ"كتيبة 17 فبراير" التابعة لرئاسة أركان الجيش الليبي، يوم أمس الأربعاء، في مدينة بنغازي، مع اعتبار رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الله الثني، أن انتخاب حكومة أحمد معيتيق باطل، وأن حكومته ستلجأ للقضاء للفصل في شرعية انتخاب حكومة معيتيق، وذلك بعد اجتماع مطول عقدته حكومته. وكان النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، عز الدين العوامي، قد وجّه كتاباً للثني يطلب منه الاستمرار في تسيير أعمال الحكومة، بناء على فتوى غير ملزمة أصدرتها إدارة القانون التابعة لوزارة العدل، تفيد بعدم قانونية جلسة منح الثقة لحكومة معيتيق، والتي حضرها 93 عضواً، لعدم اكتمال النصاب القانوني للجلسات. وأوضح مراقبون أن تدخل النائب الأول، بكتاب إلى رئيس الحكومة، يشكل تجاوزاً من العوامي، طالما أن رئيس المؤتمر، نوري بوسهمين، موجود بليبيا ويمارس مهامه.
ويعتبر متابعون للشأن الليبي، أن ثمة محاولة لحكومة الثني في الاستمرار والدخول بمماطلة قضائية، عبر رفع دعوى أمام الدائرة الدستورية في المحكمة العليا لكسب الوقت، حتى إجراء انتخابات مجلس النواب أواخر يونيو/حزيران المقبل، وحتى لا يكون لتنصيب حكومة معيتيق أي معنى بعد الدخول في الانتخابات البرلمانية. وهناك عوامل تعوق استمرار ممارسة حكومة الثني سلطاتها التنفيذية، منها أن مصرف ليبيا المركزي ألغى توقيعات كل وزراء حكومته، كما أنها تحتاج، من أجل الحصول على ميزانية جديدة، إلى 120 صوتاً في المؤتمر الوطني (البرلمان)، وهو أمر شبه مستحيل حدوثه في ظل رفض معظم كتل المؤتمر الوطني استمرار حكومة الثني.
وفي السياق، أفادت مصادر خاصة بـ"العربي الجديد"، بأن اجتماعاً بفندق المهاري، في العاصمة طرابلس، ضم سفيري كل من إيطاليا وبريطانيا، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ومبعوث الاتحاد الأوروبي، للتشاور حول الأزمة السياسية والأمنية.
ميدانياً، قال المتحدث باسم "غرفة ثوار ليبيا"، أحمد الجازوي، إن "الطيران الحربي التابع لحفتر قصف مقرّ المعسكر الواقع في منطقة قاريونس، غرب مدينة بنغازي، من دون أن يسفر القصف عن وقوع أضرار في الأرواح". وأضاف أن "إحدى القذائف أصابت بوابة المعسكر، والأخرى أصابت إحدى القواطع الداخلية للمعسكر". كما أكد آمر سلاح الطيران الحربي في قوات حفتر، العميد صقر الجروشي، أن "هذه الضربة هي من ضمن عملية كرامة ليبيا التي أطلقها الجيش الوطني (قوات حفتر) ضد المتطرفين والإرهابيين في ليبيا"، وفقاً لما نقلت عنه وكالة "الأناضول". وتوقع الجروشي أن تربك الضربة "هذه المليشيات المتطرفة"، متوعداً بعملية عسكرية وشيكة ضد "معاقل الإرهاب"، على حدّ تعبيره.
في هذه الأثناء، عثرت السلطات الأمنية على جثة رجل الأعمال عبد العظيم إبراهيم البنوني المجبري مقتولاً في سيارته في ضاحية جروثة (شمال غرب مدينة بنغازي). والبنوني هو ابن لأحد أعيان قبيلة المجابرة في مدينة بنغازي، وهو رجل أعمال ثري لديه سلسلة محال تجارية، إضافة إلى محطة وقود وعقارات، ولا علاقة له بالسياسة بحسب مقربين منه.
على صعيد متصل، قامت ميليشيا مسلحة، تابعة لعماد الطرابلسي، أحد أبرز المقربين من رئيس الوزراء الهارب إلى ألمانيا، علي زيدان، بمهاجمة أرشيف مجلس الوزراء، والاستيلاء على ملفات حكومية. إلا أن قوة عسكرية من "درع الوسطى"، التابعة لرئاسة الأركان، انتقلت إلى مقر رئاسة الوزراء، وحالت دون سرقة الأرشيف الحكومي. وكشفت مصادر إعلامية، أن الطرابلسي كان قد حصل، في ظل حكومة زيدان، على عقد بقيمة 350 مليون دينار ليبي، لمصلحة وزارة الدفاع، ووصل العقد إلى مراحل تنفيذه الأخيرة بصرفه عن طريق مصرف ليبيا المركزي. إلا أن مصرف ليبيا المركزي امتنع عن دفع قيمة العقد بسبب إيقاف تنفيذ جميع العقود حتى يستقر الأمر لحكومة معيتيق أو الثني، مما دفع مجموعات مسلحة ورجال أعمال للوقوف ضد تسليم السلطة لحكومة معيتيق، حرصاً على تنفيذ عقود وصفقات سبق وأن حصلوا عليها في ظل حكومة زيدان.
في سياق آخر، أثار كلام المسؤول العام لجماعة "أنصار الشريعة"، محمد الزهاوي، الذي توعّد حفتر بـ"مصير كمصير (العقيد معمر) القذافي"، ردود فعل عديدة داخل ليبيا. وقال آمر كتيبة "عمر المختار" التابعة لرئاسة الأركان، زياد بلعم، في لقاء متلفز، إن الثوار لن يسمحوا بأن تكون ليبيا كسورية، في انتقاد مباشر للزهاوي. كما رفض المجلس المحلي بمدينة مصراتة، بيان الزهاوي، مطالباً إياه بالاعتذار عما ورد فيه. وشدّد المجلس المحلي على ضرورة أن تقوم القبائل الليبية برفع الغطاء الاجتماعي عن كل من يتبنى بيان وفكر الزهاوي، ودعا الليبيين إلى إنجاح الاستحقاق الانتخابي أواخر يونيو/حزيران المقبل.