كشفت تقارير ديوان المحاسبة بطرابلس أن استثمارات ليبيا في الخارج لم تحقق عوائد مالية تذكر، بل تكبدت خسائر كبيرة. وذلك بسبب سوء الإدارة وعدم وجود رقيب على الصناديق السيادية في ظل تنازع السلطات.
وأوضح ديوان المحاسبة في تقاريره أن "المؤسسة الليبية للاستثمار البالغ رأسمالها 67 مليار دولار، استثمرت ما قيمته 23 مليار دولار من أصولها في استثمارات منخفضة المخاطر وذات عوائد مالية متدنية مثل الإيداعات المؤجلة والاستثمار بالسندات".
كما بينت التقارير أن المؤسسة استثمرت ما قيمته 17.5 مليار دولار في الأوراق المالية عالية المخاطر دون توفير البنية التحتية، مما تسبب في خسائر قيمتها 2 مليار دولار.
وأشارت إلى أن المؤسسة استثمرت في مجموعة مساهمات بشركات تابعة وشقيقة بقيمة 24.5 مليار دولار ولم تتحصل على توزيعات مالية على مدى سنوات من هذه الاستثمارات.
وأشارت التقارير إلى قيام المؤسسة الليبية للاستثمار، بإلغاء حسابات الأرصدة غير الملموسة بمبلغ 330.2 دولارا، وهي قيمة تقييم أسهم شركة فيرنكس الكندية باعتبارها الشركة التي تمتلك حق الامتياز لاستكشاف النفط في منطقة "47" حوض غدامس (جنوب طرابلس غرب ليبيا)، قامت المؤسسة بشرائها وتصفيتها في ظروف غامضة من أجل الحصول على الامتياز.
ومن ناحية أخرى، استجاب الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني لطلب الحكومة الليبية المؤقتة بإعطاء مهلة شهر إضافي لوقف إجراءات سحب الترخيص الممنوح لشركة الاتصالات الأوغندية UTL، والسماح للجانب الليبي باقتراح حلول للأزمة التي تعانيها محفظة ليبيا أفريقيا التي تملك شركة "لاب غرين" نسبة 69 % من أسهمها وتملك الحكومة الأوغندية نسبة 31 %. وتأسست شركة لاب غرين في عام 2007، لتقديم خدمات الاتصالات، وهي مملوكة كليا لمحفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار.
وتمتلك محفظة ليبيا أفريقيا 11 محفظة تدار في الخارج، وهناك بعض المحافظ تديرها بنوك خاصة لا تمتلك الخبرة الكافية. وخسرت هذه المحافظ أكثر من 1.25 مليار دولار منها 800 مليون دولار في شركة لاب غرين.
وأنشئت محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار بموجب قرار رقم 15 لعام 2006، وهي مملوكة للمؤسسة الليبية للاستثمار والتي تدير الغالبية من فائض دخل النفط للدولة الليبية.
وأكدت تقارير ديوان المحاسبة أن المصرف الذي يدير محفظة "أف أم فاولاتيلي فوند" البالغة قيمتها 47 مليون دولار، تعرض للإفلاس وبالتالي ضاعت الأموال الليبية المستثمرة فيه.
وعلى صعيد المصرف الخارجي، أوضح ديوان المحاسبة عدم سيطرته على بعض مساهماته والتي يمتلك في بعضها حصصا بـ99% من رأس المال، وذلك بسبب تعيين مجالس إدارة تلك المساهمات من قبل حكومات البلدان التي تقع فيها.
ومن بين هذه المساهمات، حصص في المصرف العربي التركي ومصرف "البيا باريس" ومصرف أوغندا.
اقرأ أيضاً: ليبيا تؤجل رفع الدعم عن السلع
وتقوم الحكومات التي تقع فيها هذه المصارف بتعيين المدير العام ومجلس إدارة تلك المساهمة دون علم المصرف الخارجي.
كما قام الجانب البوركيني باتخاذ إجراءات منفردة في الاكتتاب بحصة المصرف الليبي الخارجي في مصرف بوركينا التجاري، حيث أصبحت حصة المصرف 14.7% بدلاً من 50%.
ولم يحقق المصرف الليبي الخارجي أي عوائد تذكر منذ سنة 2011 في حصص استثماراته بالشركة التونسية ومصرف "يوباف"، التي تقدر بحوالي 3.9 مليارات دولار و1.02 مليار دولار على التوالي. وذلك بحسب ديوان المحاسبة.
ومن جهة أخرى أصدرت المحكمة العليا الإنجليزية أمراً يقضي بتعيين حارس يتولى حماية مصالح المؤسسة الليبية للاستثمار والوقوف عليها فيما يخص الدعاوى الجارية ضد كل من مصرفي "غولدمان ساكس" الأميركي و"سوسيتيه جنرال" الفرنسي بدائرة القضايا المالية والمحكمة التجارية بلندن. وتم ذلك بناءً على طلب فريق الدفاع ووفقًا لتعليمات رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار حسن بوهادي.
كشف مصدر مسؤول من المؤسسة الليبية للاستثمار لـ"العربي الجديد" أن (الحارس القضائي) بحسب القانون الإنجليزي له دور مرادف لدور الوصي المستقل، والذي يقوم بضبط الدعاوى القضائية والتحرك بها إلى الأمام.
وأشار إلى أن الحارس القضائي سيقوم بهذا الدور فقط في ما يخص الدعويين القضائيتين المرفوعتين ضد كل من غولدمان ساكس وسوسيتيه جنرال والجاري النظر فيهما حاليا في محكمة لندن العليا.
وتطالب المؤسسة الليبية للاستثمار المصرفين بتعويضات تقدر بنحو 2.8 مليار دولار، في تهم احتيال مالي للحصول على استثمارات.
ولا تزال المؤسسة الليبية للاستثمار محل صراع بين الحكومة المؤقتة التي يقودها عبد الله الثني والتابعة لمجلس النواب المنعقد بطبرق والتي كلفت حسن بوهادي بالإدارة التنفيذية للمؤسسة الليبية للاستثمار بين الحكومة الليبية في الشرق.
وكل حكومة عينت رئيساً للمؤسسة، ففيما كلفت حكومة طبرق حسن بوهادي بالإدارة التنفيذية للمؤسسة الليبية للاستثمار والتي تدار في مالطا، في أكتوبر/ تشرين من العام الماضي، عينت حكومة الاتحاد الوطني التابعة للمؤتمر الوطني العام عبد الرحمن بن يزة كمدير تنفيذي للمؤسسة.
وبحسب تقديرات المؤسسة فإن أصولها حتى الآن تبلغ نحو 67 مليار دولار، موزعة على محفظة طويلة المدى وشركة استثمارات خارجية ومحفظة أفريقيا وشركة الاستثمارات النفطية، ويتمثل نصف الاستثمارات في سندات وأموال سائلة، والنصف الآخر مكون من 550 شركة موزعة بين العالم العربي وأفريقيا وأوروبا.
ويقع معظم أصول المؤسسة السائلة تحت الحظر، وجاء الحظر نتيجة مطالبة المجلس الانتقالي أثناء الثورة، خوفاً من استيلاء أطراف أخرى عليها، وتأسست المؤسسة الليبية للاستثمار سنة 2006 بأصول تصل إلى 50.6 مليار دينار ليبي.
اقرأ أيضاً: حكومتان تستنزفان أموال ليبيا