03 نوفمبر 2024
ليبيا.. مطامع مكشوفة في الحكم
تحرّرت مدينة بنغازي من الإرهاب. هذا ما أعلن عنه منذ أيام قائد العمليات العسكرية، المشير خليفة بن جاسم حفتر، وقنوات الإعلام الرسمية والخاصة. وكما يحصل عادةً مع الأفراد والجنود المتمرّدين بعد هجوم جيوش لها شكل منظم على المنطقة التي يسيطرون عليها، اختفت معظم الكتائب الإسلامية وعناصرها الذين كانوا يقاتلون في بنغازي، حال دخول قوات حفتر. سميت ليلة استيلاء قوات حفتر على المدينة بـ "الهروب الكبير"، في اعتراف أن الإرهابيين فرّوا فعلاً من المدينة، ولم يتم القضاء عليهم أو اعتقالهم. الوجهة التالية هي مدينة درنة التي بدأت قوات حفتر في قصفها، تمهيداً لدخولها، مستبعدة خيار التشاور مع "مجلس شورى درنة" الذي كان مطروحاً لضم المدينة إلى سلطة قوات الجيش "الوطني الليبي" بطريقةٍ أقلّ كارثيةً من القصف العشوائي الذي سيأتي على كل أسباب الحياة في المدينة، قبل أن تصبح تحت سيطرة "الجيش الوطني".
الجديد المطروح على الإعلام، ولم يكن مفاجئاً لأحد، هو البدء بتعويم شخصية القائد حفتر، وطرح قبولها دخول عالم السياسة من بابه الأوسع، وهو كرسي الحكم وقد ألمح إلى ذلك عدة مسؤولين من داخل ليبيا، وقالها بعضهم للإعلام بشكل مباشر وواضح. وصب تصريح نائب وزير الخارجية الروسي، جينادي جاتيلوف، في السياق نفسه، حين قال إن القائد خليفة حفتر يجب أن يشارك في إدارة ليبيا، ما فتح الباب واسعاً للتكهنات بأنها بداية سلسلةٍ باتت مشروخةً في الوطن العربي، نشاهد في نهايتها ضابطاً عسكرياً ارتفع شأنه على أنقاض ثوراتٍ فاشلة، ليتبوأ منصب رئيس جمهورية.
يحظى حفتر بقبول دولي، وله تاريخ طويل في العمل مع مؤسساتٍ عالمية، منها السي آي أيه، على ما أشاع هو عن نفسه. قصة خلافه الشهير مع معمر القذافي، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وانشقاقه هروباً إلى أميركا، عزّزت وضعه، حين عاد بعد الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت ليبيا للتخلص من القذافي. وهنا، حصل اللواء المتقاعد (كما كان يسمّى) على دعم كبير من دول عربية، ساعدت لتهيئته ليومٍ كهذا تصفو له السلطة فيه، ومهّدت الدول الداعمة عن طريقه لنفسها درب الاستيلاء على تركة القذافي.
أجرى قائد "الجيش الوطني" حساباتٍ جديدةً تتماشى مع المرحلة، فخلع عن تاريخه عداءه شخص معمر القذافي، ولحس كل ما قاله بالسوء عنه، وإن كان موثّقاً بفيديوهات ولقاءات مسجلة، وهو مستعد اليوم لخلع بدلته العسكرية، بينما يرتدي عباءة مجرّبة وناجحة في تبوء كرسي حكم البلاد.. انتحل شخصية عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الناجح، وأوحى للمتابعين بطموحاته بالسلطة، في مكالمةٍ أجراها مع تلفزيون تابع للنظام المصري، هنأ فيها السيسي على نجاحه في الانتخابات بنسبة 96% ودعاه، من باب المجاملة الدبلوماسية، إلى حكم ليبيا. ولهذا أسباب قريبة أخرى، منها ضمان توريد السلاح إليه عن طريق مصر بشكل غير شرعي، على الرغم من الحظر الدولي للأسلحة المفروض على ليبيا. ومصدر السلاح، على ما تقول معظم التقارير، روسيا الاتحادية التي كان نائب وزير خارجيتها المبادر في اقتراح فكرة قبول "حفتر الرئيس" دولياً.
التحالفات الجديدة للمشير تُبعده عن خط الولايات المتحدة التي عاش في ربوعها زمنا، حيث وجد نفسه في حضن المعسكر الشرقي، وفي ظروف مصلحة مشتركة مع حكوماتٍ عربية، تدعم سلطاتٍ ذات أساس "انقلابي" معادٍ لثورات الربيع العربي، تشبه تماماً ما يصبو حفتر للوصول إليه.. لم يعد مشهد الانقلابيين، وهم يترأسون حكم بلدانهم ضبابياً وغائماً، لكنه لوحة تنتظر اللمسات الأخيرة لتسجل وضوحاً وقحاً يكاد أن يغطي دول الربيع، ويتمتع بدعم إعلامي موازٍ، يمهد قبول الناس ابتلاع ما يجري على أنه أحسن المتوفر، أو الشكل الوحيد الممكن بديلاً عن الإرهاب.
الجديد المطروح على الإعلام، ولم يكن مفاجئاً لأحد، هو البدء بتعويم شخصية القائد حفتر، وطرح قبولها دخول عالم السياسة من بابه الأوسع، وهو كرسي الحكم وقد ألمح إلى ذلك عدة مسؤولين من داخل ليبيا، وقالها بعضهم للإعلام بشكل مباشر وواضح. وصب تصريح نائب وزير الخارجية الروسي، جينادي جاتيلوف، في السياق نفسه، حين قال إن القائد خليفة حفتر يجب أن يشارك في إدارة ليبيا، ما فتح الباب واسعاً للتكهنات بأنها بداية سلسلةٍ باتت مشروخةً في الوطن العربي، نشاهد في نهايتها ضابطاً عسكرياً ارتفع شأنه على أنقاض ثوراتٍ فاشلة، ليتبوأ منصب رئيس جمهورية.
يحظى حفتر بقبول دولي، وله تاريخ طويل في العمل مع مؤسساتٍ عالمية، منها السي آي أيه، على ما أشاع هو عن نفسه. قصة خلافه الشهير مع معمر القذافي، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وانشقاقه هروباً إلى أميركا، عزّزت وضعه، حين عاد بعد الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت ليبيا للتخلص من القذافي. وهنا، حصل اللواء المتقاعد (كما كان يسمّى) على دعم كبير من دول عربية، ساعدت لتهيئته ليومٍ كهذا تصفو له السلطة فيه، ومهّدت الدول الداعمة عن طريقه لنفسها درب الاستيلاء على تركة القذافي.
أجرى قائد "الجيش الوطني" حساباتٍ جديدةً تتماشى مع المرحلة، فخلع عن تاريخه عداءه شخص معمر القذافي، ولحس كل ما قاله بالسوء عنه، وإن كان موثّقاً بفيديوهات ولقاءات مسجلة، وهو مستعد اليوم لخلع بدلته العسكرية، بينما يرتدي عباءة مجرّبة وناجحة في تبوء كرسي حكم البلاد.. انتحل شخصية عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الناجح، وأوحى للمتابعين بطموحاته بالسلطة، في مكالمةٍ أجراها مع تلفزيون تابع للنظام المصري، هنأ فيها السيسي على نجاحه في الانتخابات بنسبة 96% ودعاه، من باب المجاملة الدبلوماسية، إلى حكم ليبيا. ولهذا أسباب قريبة أخرى، منها ضمان توريد السلاح إليه عن طريق مصر بشكل غير شرعي، على الرغم من الحظر الدولي للأسلحة المفروض على ليبيا. ومصدر السلاح، على ما تقول معظم التقارير، روسيا الاتحادية التي كان نائب وزير خارجيتها المبادر في اقتراح فكرة قبول "حفتر الرئيس" دولياً.
التحالفات الجديدة للمشير تُبعده عن خط الولايات المتحدة التي عاش في ربوعها زمنا، حيث وجد نفسه في حضن المعسكر الشرقي، وفي ظروف مصلحة مشتركة مع حكوماتٍ عربية، تدعم سلطاتٍ ذات أساس "انقلابي" معادٍ لثورات الربيع العربي، تشبه تماماً ما يصبو حفتر للوصول إليه.. لم يعد مشهد الانقلابيين، وهم يترأسون حكم بلدانهم ضبابياً وغائماً، لكنه لوحة تنتظر اللمسات الأخيرة لتسجل وضوحاً وقحاً يكاد أن يغطي دول الربيع، ويتمتع بدعم إعلامي موازٍ، يمهد قبول الناس ابتلاع ما يجري على أنه أحسن المتوفر، أو الشكل الوحيد الممكن بديلاً عن الإرهاب.