ليبيا: هجوم على منزل حفتر ببنغازي... وتسعة قتلى باشتباكات

20 أكتوبر 2014
الاشتباكات لم تتوقف بين حفتر والإسلاميين (محمد تركية/فرانس برس)
+ الخط -

تعرّض منزل اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي، شرق ليبيا، لهجوم بعبوات ناسفة، الاحد، ما أدى لوفاة سيدة صودف مرورها في المكان، فيما قتل جنديان في المعارك المتواصلة في المدينة حيث عثر أيضاً على جثث ستة أشخاص قتلوا في أعمال عنف متفرقة.

وقال مسؤول عسكري لوكالة "فرانس برس"، إن "شخصاً مجهول الهوية ألقى حقيبة من المتفجرات على منزل حفتر، في منطقة الزيتون في مدينة بنغازي"، لكن الانفجار لم يؤد إلى إصابات داخل المنزل لأنه غير مأهول منذ مدة.

وأضاف أن "الانفجار تسبب في إصابة سيدة وابنتها كانتا تمران بالقرب من المكان بإصابات طفيفة، ونقلتا إلى المستشفى، فيما تعرّض البيت لخسائر مادية طفيفة". لكن مصدراً في مركز بنغازي الطبي قال إن "السيدة توفيت متأثرة بجراحها بعد وصولها للمركز". وبحسب المصدر العسكري، فهذه "ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المنزل بالحقائب المتفجرة والسيارات المفخخة والقذائف". ولفت إلى أن "المنزل لا يقطنه أحد منذ بدء عملية الكرامة" ضد الميليشيات الاسلامية قبل خمسة أشهر.

وفي سياق متصل، أعلن مصدر في مستشفى مدينة البيضاء (200 كلم شرق بنغازي)، أن جنديين من "الكتيبة 21" التابعة للقوات الخاصة في الجيش الليبي توفيا متأثرين بجراحهما نتيجة اشتباكات بنغازي. وارتفعت بذلك حصيلة القتلى منذ بدء هجوم حفتر على الميليشيات الاسلامية، الاربعاء الماضي، إلى 75 قتيلاً على الأقل، وفقاً لمصادر طبية متعددة.

في غضون ذلك، أكدت مصادر محلية في مدينة بنغازي، شرق ليبيا، لـ"العربي الجديد"، أن اشتباكات عنيفة اندلعت في وقت سابق من مساء الأحد، في منطقة قاريونس بين مقاتلين من "مجلس شورى ثوار بنغازي" وجنود تابعين لـ"كتيبة 21 صاعقة" المؤيدة للواء المتقاعد خليفة حفتر، وأسفرت عن قتلى وجرحى من الطرفين.

وقالت مصادر في "مجلس شورى ثوار بنغازي"، لـ"العربي الجديد"، الأحد، إن قتيلاً واحداً وخمسة جرحى هي حصيلة خسائرها في هذه المواجهات.

وذكر شهود عيان في منطقتي قاريونس والقوارشة الواقعتين في نطاق الاشتباكات المسلحة، أن الكثير من العائلات في هاتين المنطقتين تركت منازلها بسبب تساقط القذائف والرصاص في كل مكان من المنطقتين.

وفي السياق ذاته، قالت مصادر في "الهلال الأحمر الليبي" في بنغازي إن متطوعي الهلال انتشلوا، خلال ساعات يوم الأحد، خمس جثث من أماكن متفرقة من بنغازي، ثلاث منها وجدت متفحمة داخل سيارة كانت متوقفة في شارع فينيسيا في المدينة.

وأفادت المصادر ذاتها بأن متطوعي الهلال استطاعوا، خلال صباح الأحد، توفير ممرات آمنة لإخراج عمال سودانيين وبنغاليين كانوا عالقين بالقرب من أماكن الاشتباكات والمواجهات المسلحة في نطاق منطقتي قاريونس ومشروع الصفصفة الزراعي في بنغازي.

ميدانياً، استمرت المعارك والاشتباكات العنيفة التي يخوضها الجيش، مدعوماً بشبان مسلحين موالين لحفتر، ضد المقاتلين الإسلاميين في أماكن متفرقة من المدينة.

وشنّت مقاتلات سلاح الجو الموالي لحفتر، غارات على عدة مواقع يتمركز فيها الاسلاميون ورتلاً من السيارات الرباعية الدفع المسلحة كان قادماً إلى المدينة من الجهة الغربية، بحسب المسؤول العسكري.

وأمام ضعف الحكومة الانتقالية، شن حفتر هجوماً، في مايو/ أيار، على الميليشيات التي يصفها بأنها "إرهابية"، أطلق عليه اسم "عملية الكرامة". واتهمت السلطات الانتقالية حفتر حينها بمحاولة "انقلاب"، لكنها غيّرت موقفها، لا سيما بعدما نال اللواء المتقاعد تأييد عدة وحدات من الجيش.

وفي سياق العنف المتواصل، طالبت الهيئات القضائية بمحاكم استئناف بنغازي والبيضاء والجبل الأخضر (شرق ليبيا)، بوقف السير في الدعاوى الدستورية أمام الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، لحين استقرار الوضع الأمني الذي يمكّن القضاء من أداء عمله باستقلال تام.


وقالت الهيئات، في بيان صدر في مدينة البيضاء، إنها "جمّدت أعمالها وستضطر إلى توجيه طلب إلى كل المحاكم بتعليق عملها في المناطق المضطربة اجتماعياً وأمنياً".

ولفتت الهيئات إلى ما سمّته بـ"عدم مشروعية أي مظاهر مسلحة أمام جميع سلطات القضاء أو الاعتصام أو التظاهر بأي شيء يكون محلاً لدعوى منظورة، وأن أي محكمة أو هيئة قضائية تواجه هذا التظاهر يحق لها تعليق أعمالها".

وأضاف البيان أن "العوائق التي تواجه السلطات القضائية في ليبيا تأتي لتُفقِد القضاء استقلاله وحياده، وخصوصاً أن ليبيا ما تزال تحت البند السابع من عقوبات مجلس الأمن الدولي، ما يؤدي إلى عدم الثقة في عدالة قضائها".

وأشار إلى أن السلطات القضائية ليست قائمة على الانتماء السياسي أو الاجتماعي أو الجهوي، مؤكدة "اعتراضها ورفضها قيام أي كان بالتأثير بطريق التظاهر أو التأييد أو الرفض أو التعبير بأي وسيلة كانت أمام المحكمة العليا أو أي محكمة أخرى أو أي هيئة قضائية، لأنه إن لم يشكل إكراهاً مادياً فهو إكراه معنوي".

وقالت إن "وجود فرق عسكرية أو سياسية أو اجتماعية من أي طرف أو توجيه تظاهرات أمام المحكمة العليا أو اي محكمة أخرى، هو تأثير على عقيدتها، ما يؤدي إلى عدم قبول أحكامها بل وسقوطها".

وناشدت الهيئات منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان للانضمام لمطالبها. ويقاطع عدد من النواب الإسلاميين جلسات مجلس النواب المنبثق من انتخابات 25 يونيو/ حزيران، مبررين غيابهم بأن المجلس لم يحترم الدستور الموقت الذي ينص على اختيار بنغازي مقراً. وفي ختام جلسة قصيرة، قررت الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في ليبيا، إرجاء النظر في القضية، حتى تتيح للمحامين تحضير مرافعاتهم.

ويتخذ مجلس النواب، الذي تعترف به المجموعة الدولية ويهيمن عليه النواب الرافضون للتيارات الإسلامية، من طبرق في أقصى شرق ليبيا، مقراً له، معتبراً أن من المتعذّر توفير أمنه في بنغازي، معقل المجموعات الجهادية، وحيث أعمال العنف يومية.

ويتهم نواب إسلاميون آخرون متغيّبون، مجلس النواب الجديد بتجاوز صلاحياته من خلال الدعوة في أغسطس/ أب إلى تدخل أجنبي في ليبيا لحماية المدنيين بعد سيطرة تحالف "فجر ليبيا" الذي يضم ميليشيات على العاصمة. ويؤيد معظم النواب الذين يقاطعون مجلس النواب، "فجر ليبيا" الذي شكل حكومة موازية متعاطفة مع الإسلاميين.

في المقابل، فإن المؤتمر الوطني العام، الذي انتهت ولايته من حيث المبدأ مع انتخاب مجلس نواب جديد، قد استأنف أعماله. ومن المتوقع أن يؤدي انغماس القضاء في هذا الوضع السياسي المعقد الى زيادة التعقيدات في ليبيا التي تشهد أعمال عنف وفوضى دستورية غير مسبوقة. وقد جمعت الامم المتحدة، أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، نواباً متنافسين لإعادة شرعية البرلمان الجديد. ولم يؤد الاجتماع الى نتائج ملموسة، لكنه وصف بأنه "إيجابي"، على أن تليه اجتماعات أخرى في الايام المقبلة.