تصاعد الجدل في إيران حول إقرار البرلمان بموافقة الحكومة الحالية، على خطة تقليص "رواتب الدعم"، حيث برّرت الحكومة اتخاذها لهذ الخطوة بالعجز في مصادر توفير هذه الرواتب في بنود الموازنة العامة، وضرورة استخدامها في جوانب أخرى قد تفيد اقتصاد البلاد الذي دفع ثمن العقوبات الاقتصادية الغربية، وفي المقابل حذر خبراء اقتصاد من تفاقم الأعباء المعيشية للإيرانيين في حالة توسيع خطة تقليص الدعم.
وكان البرلمان أقر منذ ست سنوات تقريبا توزيع رواتب شهرية متساوية أطلقوا عليها رواتب الدعم لكل المواطنين الإيرانيين للتعويض عما ترتب عليهم من خطة رفع الدعم، التي قدمتها حكومة الرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد، بغية تقليص الاستهلاك ورفع مستوى الإنتاج بالمقابل، وتحقيق تقارب طبقي ومساواة نسبية بين أفراد المجتمع.
وراتب الدعم الحكومي الشهري في إيران لا يتجاوز ثلاثين دولارا تقريبا للفرد الواحد، وقد لا يكون كبيرا للغاية ولكنه يغطي احتياجات كثيرين ويعوضهم عن غلاء المحروقات والسلع الاستراتيجية، حسب محللين، ويبلغ إجمالي عدد المستفيدين نحو 24 مليون إيراني.
وقد أعلن نائب وزير العمل الإيراني أحمد ميدري، أخيراً، عن حذف رواتب الدعم لأكثر من 200 ألف شخص خلال هذا الشهر، قائلا إن نصفهم من المحسوبين على الطبقة الغنية ومن أصحاب الرواتب الشهرية المرتفعة، وهذا وفق ما هو مسجل في الدوائر المعنية، والنصف الآخر لا يحملون هويات شخصية، مؤكدا أن القرار البرلماني يسمح بقطع الرواتب عن أمثال هؤلاء.
وفي حوار مع التلفزيون المحلي الإيراني، أضاف ميدري أن الحكومة وضعت في وقت سابق ما يقارب أربعة ملايين شخص على لوائح الرواتب التي ستقطع، لكن ما يزيد عن 800 ألف منهم اعترضوا على القرار، وهو ما لم يسمح بتطبيقه عليهم.
وفي هذا الإطار، يقول عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني فريد موسوي، لـ"العربي الجديد"، إن البرلمان درس الموازنة وموضوع الدعم، وعلى الحكومة أن تطبق ما تم إقراره برلمانيا.
وأضاف موسوي "من وجهة نظر شخصية، أعتقد أن حذف هذا الكم من الرواتب في الظروف الاقتصادية الحالية غير مناسب، حيث سيترتب على الحكومة أن تقدم توضيحات مستقبلا بهذا الشأن".
ودعا إلى تطبيق الشفافية مع هذا الملف، ولا سيما أن رواتب الدعم لمن لا يحتاجون لها قد تساعد في أماكن وقطاعات أخرى، وهو ما يجعل الحكومة أمام تحدي جمع معلومات دقيقة حول العائلات الإيرانية.
وجاء في القرار البرلماني أنه ينبغي على الحكومة لكي تطبق ما عرضته في موازنتها العامة أن تحذف رواتب دعم 24 مليون شخص، وهو ما تسبب بانتقادات لاذعة من قبل الطاقم الحكومي نفسه، الذي يوافق على القرار من حيث المبدأ، لكنه يرى عدم إمكانية تطبيقه على هذا العدد الكبير الذي يقارب ثلث عدد السكان.
وتقول تقارير اقتصادية رسمية إن المصادر المالية التي تؤمن ميزانية رواتب الدعم الحكومي كانت تشكل 42% من الموازنة العامة في أعوام سابقة، لكنها الآن لا تتجاوز 18% وفق الموازنة التي تم إقرارها أخيرا في شهر إبريل/ نيسان الماضي، وهو ما يعني ارتفاع مستوى الضغط على الحكومة المضطرة أصلا لتطبيق قرار قطع الرواتب عن بعض الأفراد والذي أقره البرلمان سابقا.
ويرى خبراء بالشأن الاقتصادي الإيراني أن خطط الحكومة الاقتصادية طبقت بشكل سيئ، ما تسبب في سنوات سابقة برفع الأسعار وساهم بالتالي برفع نسبة التضخم الاقتصادي، ليزداد الطين بلة في وقت كان اقتصاد البلاد يخضع لعقوبات الغرب بسبب البرنامج النووي.
ويقول الخبير الاقتصادي شريف خسروي، لـ"العربي الجديد"، إن رواتب الدعم كان من المفترض أن تخصص لمن يحتاجها من الأساس والحكومة السابقة جعلتها لكل الأفراد في محاولة لتفادي التبعات السلبية.
وأضاف خسروي أن قطع الرواتب عن البعض ضروري في هذه المرحلة، ولكن هناك عراقيل يجب تجاوزها مع أفراد المجتمع نفسه، وعلى حكومة روحاني أن تستفيد من الأمر في مشاريع أخرى من قبيل العمران أو سداد القروض وإيفاء السندات.
اقــرأ أيضاً
ويبدو أن قانون رواتب الدعم الذي وافق على تعديلاته مجلس الشورى الإسلامي، قد يخضع للدراسة مجددا في المستقبل طالما أنه لم يطبق بحذافيره، ومن غير الممكن أن يطبق بسهولة، حسب محللين، وقد سمح القانون بقطع الرواتب عن أصحاب ست مهن، منهم الأطباء، المدراء، أعضاء الهيئات العلمية في الجامعات وغيرهم، وهم من تزيد رواتبهم الشهرية سنويا عن عشرة آلاف دولار، ما يعني قطعها عن 30% من أبناء المجتمع والذين يقدر عددهم بـ24 مليونا.
وقد أعرب المتحدث باسم الحكومة محمد باقر نوبخت، في تصريحات صحافية سابقة، أن الأمر ضروري ولكنه صعب في الوقت ذاته، بسبب عدم القدرة على التعرف على هؤلاء الأشخاص، مؤكدا أنه يوجد ما يقارب 600 ألف شخص يحصلون على رواتب الدعم الحكومي الشهرية وهم ليسوا بحاجة لها، قائلا إن القرار البرلماني يجب تطبيقه، لكن بشكل تدريجي ودون إثارة خوف اجتماعي، ولا سيما بوجود بعض القلقين من أن تشملهم اللوائح وهم بحاجة لهذه المبالغ الشهرية.
وكان نواب البرلمان الإيراني قد صادقوا بالأغلبية على الموازنة التي قدمتها حكومة الرئيس حسن روحاني في وقت سابق، وهو الذي قدمها متأخرا عن الوقت المعتاد، حيث أراد صياغة بنودها بناءً على تبعات الاتفاق النووي الذي دخل حيّز التنفيذ العملي مطلع العام الميلادي الجاري، ويقدر حجمها بثلاثمائة وسبعة عشر مليار دولار، وتعتمد بشكل رئيس على رفع مستوى الإنتاج النفطي إلى مليونين ونصف مليون برميل يوميا، وفق سعر أربعين دولارا تقريبا للبرميل الواحد.
واعتمدت الحكومة في موازنتها هذه على الأرصدة المفرج عنها من بنوك الخارج، بموجب الاتفاق النووي أيضا، والتي تقدر بمائة مليار دولار، حيث ستخصصها لتطوير مشاريع القطاع الخاص، وقلصت تلك المخصصة سابقا للدعم الحكومي بغاية الاستفادة منها في إنعاش قطاعات اقتصادية.
يذكر أنه في شهر يونيو/ حزيران 2015، أي قبل التوصل للاتفاق النووي مع السداسية الدولية بشهر واحد، دخلت خطة رفع الدعم الحكومي في تطبيق آخر مراحلها، فرفع في حينه الدعم عن البنزين بالكامل، ووحدت الحكومة أسعاره ليصبح سعر الليتر الواحد ألف تومان تقريبا، أي أقل من ثلث الدولار الواحد، وهذا بعدما كان المواطن يحصل كل شهر على 60 ليترا من البنزين المدعوم بـ600 تومان (الدولار = 30937 تومان).
وقد أثار الخبر حالة من الترقب في الداخل، ولا سيما أن خطة رفع الدعم لم توفر في ميزانية البلاد بقدر ما جعلت الاقتصاد المثقل يتعرض لمصاعب أكبر، حسب محللين، لكن الفارق الآن أن العقوبات قد ألغيت بموجب الاتفاق النووي، واستطاعت حكومة روحاني أن تتحكم بالأسعار، وهو ما أدى لانخفاض نسبة التضخم من معدلات وصلت سابقا إلى ما فوق 35% إلى ما هو أدنى من 10% في الوقت الراهن، ما يجعل الأمور تبدو أقل تعقيدا.
وقال المستشار الاقتصادي الرئاسي السابق سعيد ليلاز، لموقع خبر آنلاين الإيراني، إن تبعات العقوبات كانت واضحة وتسببت بارتفاع معدلات الفقر في المجتمع الإيراني، وهو ما يعني ضرورة تخصيص رواتب الدعم الحكومي لأكثر من 30% من الإيرانيين، بل وأيضا يجب مضاعفتها، وهو ما يتطلب قطعها عن أفراد آخرين بالمقابل.
اقــرأ أيضاً
وكان البرلمان أقر منذ ست سنوات تقريبا توزيع رواتب شهرية متساوية أطلقوا عليها رواتب الدعم لكل المواطنين الإيرانيين للتعويض عما ترتب عليهم من خطة رفع الدعم، التي قدمتها حكومة الرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد، بغية تقليص الاستهلاك ورفع مستوى الإنتاج بالمقابل، وتحقيق تقارب طبقي ومساواة نسبية بين أفراد المجتمع.
وراتب الدعم الحكومي الشهري في إيران لا يتجاوز ثلاثين دولارا تقريبا للفرد الواحد، وقد لا يكون كبيرا للغاية ولكنه يغطي احتياجات كثيرين ويعوضهم عن غلاء المحروقات والسلع الاستراتيجية، حسب محللين، ويبلغ إجمالي عدد المستفيدين نحو 24 مليون إيراني.
وقد أعلن نائب وزير العمل الإيراني أحمد ميدري، أخيراً، عن حذف رواتب الدعم لأكثر من 200 ألف شخص خلال هذا الشهر، قائلا إن نصفهم من المحسوبين على الطبقة الغنية ومن أصحاب الرواتب الشهرية المرتفعة، وهذا وفق ما هو مسجل في الدوائر المعنية، والنصف الآخر لا يحملون هويات شخصية، مؤكدا أن القرار البرلماني يسمح بقطع الرواتب عن أمثال هؤلاء.
وفي حوار مع التلفزيون المحلي الإيراني، أضاف ميدري أن الحكومة وضعت في وقت سابق ما يقارب أربعة ملايين شخص على لوائح الرواتب التي ستقطع، لكن ما يزيد عن 800 ألف منهم اعترضوا على القرار، وهو ما لم يسمح بتطبيقه عليهم.
وفي هذا الإطار، يقول عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني فريد موسوي، لـ"العربي الجديد"، إن البرلمان درس الموازنة وموضوع الدعم، وعلى الحكومة أن تطبق ما تم إقراره برلمانيا.
وأضاف موسوي "من وجهة نظر شخصية، أعتقد أن حذف هذا الكم من الرواتب في الظروف الاقتصادية الحالية غير مناسب، حيث سيترتب على الحكومة أن تقدم توضيحات مستقبلا بهذا الشأن".
ودعا إلى تطبيق الشفافية مع هذا الملف، ولا سيما أن رواتب الدعم لمن لا يحتاجون لها قد تساعد في أماكن وقطاعات أخرى، وهو ما يجعل الحكومة أمام تحدي جمع معلومات دقيقة حول العائلات الإيرانية.
وجاء في القرار البرلماني أنه ينبغي على الحكومة لكي تطبق ما عرضته في موازنتها العامة أن تحذف رواتب دعم 24 مليون شخص، وهو ما تسبب بانتقادات لاذعة من قبل الطاقم الحكومي نفسه، الذي يوافق على القرار من حيث المبدأ، لكنه يرى عدم إمكانية تطبيقه على هذا العدد الكبير الذي يقارب ثلث عدد السكان.
وتقول تقارير اقتصادية رسمية إن المصادر المالية التي تؤمن ميزانية رواتب الدعم الحكومي كانت تشكل 42% من الموازنة العامة في أعوام سابقة، لكنها الآن لا تتجاوز 18% وفق الموازنة التي تم إقرارها أخيرا في شهر إبريل/ نيسان الماضي، وهو ما يعني ارتفاع مستوى الضغط على الحكومة المضطرة أصلا لتطبيق قرار قطع الرواتب عن بعض الأفراد والذي أقره البرلمان سابقا.
ويرى خبراء بالشأن الاقتصادي الإيراني أن خطط الحكومة الاقتصادية طبقت بشكل سيئ، ما تسبب في سنوات سابقة برفع الأسعار وساهم بالتالي برفع نسبة التضخم الاقتصادي، ليزداد الطين بلة في وقت كان اقتصاد البلاد يخضع لعقوبات الغرب بسبب البرنامج النووي.
ويقول الخبير الاقتصادي شريف خسروي، لـ"العربي الجديد"، إن رواتب الدعم كان من المفترض أن تخصص لمن يحتاجها من الأساس والحكومة السابقة جعلتها لكل الأفراد في محاولة لتفادي التبعات السلبية.
وأضاف خسروي أن قطع الرواتب عن البعض ضروري في هذه المرحلة، ولكن هناك عراقيل يجب تجاوزها مع أفراد المجتمع نفسه، وعلى حكومة روحاني أن تستفيد من الأمر في مشاريع أخرى من قبيل العمران أو سداد القروض وإيفاء السندات.
ويبدو أن قانون رواتب الدعم الذي وافق على تعديلاته مجلس الشورى الإسلامي، قد يخضع للدراسة مجددا في المستقبل طالما أنه لم يطبق بحذافيره، ومن غير الممكن أن يطبق بسهولة، حسب محللين، وقد سمح القانون بقطع الرواتب عن أصحاب ست مهن، منهم الأطباء، المدراء، أعضاء الهيئات العلمية في الجامعات وغيرهم، وهم من تزيد رواتبهم الشهرية سنويا عن عشرة آلاف دولار، ما يعني قطعها عن 30% من أبناء المجتمع والذين يقدر عددهم بـ24 مليونا.
وقد أعرب المتحدث باسم الحكومة محمد باقر نوبخت، في تصريحات صحافية سابقة، أن الأمر ضروري ولكنه صعب في الوقت ذاته، بسبب عدم القدرة على التعرف على هؤلاء الأشخاص، مؤكدا أنه يوجد ما يقارب 600 ألف شخص يحصلون على رواتب الدعم الحكومي الشهرية وهم ليسوا بحاجة لها، قائلا إن القرار البرلماني يجب تطبيقه، لكن بشكل تدريجي ودون إثارة خوف اجتماعي، ولا سيما بوجود بعض القلقين من أن تشملهم اللوائح وهم بحاجة لهذه المبالغ الشهرية.
وكان نواب البرلمان الإيراني قد صادقوا بالأغلبية على الموازنة التي قدمتها حكومة الرئيس حسن روحاني في وقت سابق، وهو الذي قدمها متأخرا عن الوقت المعتاد، حيث أراد صياغة بنودها بناءً على تبعات الاتفاق النووي الذي دخل حيّز التنفيذ العملي مطلع العام الميلادي الجاري، ويقدر حجمها بثلاثمائة وسبعة عشر مليار دولار، وتعتمد بشكل رئيس على رفع مستوى الإنتاج النفطي إلى مليونين ونصف مليون برميل يوميا، وفق سعر أربعين دولارا تقريبا للبرميل الواحد.
واعتمدت الحكومة في موازنتها هذه على الأرصدة المفرج عنها من بنوك الخارج، بموجب الاتفاق النووي أيضا، والتي تقدر بمائة مليار دولار، حيث ستخصصها لتطوير مشاريع القطاع الخاص، وقلصت تلك المخصصة سابقا للدعم الحكومي بغاية الاستفادة منها في إنعاش قطاعات اقتصادية.
يذكر أنه في شهر يونيو/ حزيران 2015، أي قبل التوصل للاتفاق النووي مع السداسية الدولية بشهر واحد، دخلت خطة رفع الدعم الحكومي في تطبيق آخر مراحلها، فرفع في حينه الدعم عن البنزين بالكامل، ووحدت الحكومة أسعاره ليصبح سعر الليتر الواحد ألف تومان تقريبا، أي أقل من ثلث الدولار الواحد، وهذا بعدما كان المواطن يحصل كل شهر على 60 ليترا من البنزين المدعوم بـ600 تومان (الدولار = 30937 تومان).
وقد أثار الخبر حالة من الترقب في الداخل، ولا سيما أن خطة رفع الدعم لم توفر في ميزانية البلاد بقدر ما جعلت الاقتصاد المثقل يتعرض لمصاعب أكبر، حسب محللين، لكن الفارق الآن أن العقوبات قد ألغيت بموجب الاتفاق النووي، واستطاعت حكومة روحاني أن تتحكم بالأسعار، وهو ما أدى لانخفاض نسبة التضخم من معدلات وصلت سابقا إلى ما فوق 35% إلى ما هو أدنى من 10% في الوقت الراهن، ما يجعل الأمور تبدو أقل تعقيدا.
وقال المستشار الاقتصادي الرئاسي السابق سعيد ليلاز، لموقع خبر آنلاين الإيراني، إن تبعات العقوبات كانت واضحة وتسببت بارتفاع معدلات الفقر في المجتمع الإيراني، وهو ما يعني ضرورة تخصيص رواتب الدعم الحكومي لأكثر من 30% من الإيرانيين، بل وأيضا يجب مضاعفتها، وهو ما يتطلب قطعها عن أفراد آخرين بالمقابل.