ماء يحلم فوق أريكة التيارات الهادرة

01 يناير 2017
الجيلالي الغرباوي/ المغرب
+ الخط -
الماء الأزرق

الماء الأزرق لا يُشرب، لكن السواد الأعظم يرتوي من حوض البحر دون أن ينقص الماء قطرة واحدة. يحوّل أشدّ الناس عرياً إلى مسافر على سفينة فاخرة قبل أن يعيده سليماً إلى كوخه حيث كل ماء مفقود. ملكة هي المياه الحالمة، المياه الزرقاء هي السيدة الأولى. الماء لا يتقن اللعب وحده. وليس ثمة أحد يستسلم بصدقه وعاطفته. يتمتع بنفسه ويمتع الآخرين. وبالتأكيد، من وقت إلى آخر، يأخذ عشاقه عن غير قصد إلى قاع البحر مثل أسد السيرك الذي ينسى رأس المروض في فمه. هذا جزء من اللعبة.


***

الماء العمودي

أحياناً، يرغب الماء في إمبراطورية. يستولي على أراض ممنوعة ويلحقها بأرضه. يبدأ الأمر برشح. يخرج الماء من الحجر. في كل مرة يعانقه. يصبح الحجر أخضر من اللذة. لكن الماء الغازي لا أخلاق له. وحجر واحد لا يكفيه، فينقض على آخر ويصبح العناق قبلة، والقبلة هديلاً لا ينتهي. ثم حين تلتقي المياه جميعها يصبح الحب فسوقاً. ينتفخ النهر، يعضّ الحواجز، يستلذّ ذلك، يصبح نهماً، يستولي على جذع شجرة ليقفز به كالبنات.

***

الماء الذكر والأنثى

عرس الماء لا يمرّ مرور الكرام. الماء العذري يحلم بزرقة السماء، وهو مستلق فوق أريكة التيارات الهادرة. يبحر حسب هواه إلى مكان الحفل الموشوم في ذاكرته. يلتقي في مساره أمواجاً تنفخ فيه رسائل الهوى (...). يجلس الرجال في الصفوف الأمامية. يتابعون ما يجري بذكاء. يرون علامة تتكرر ألف مرة في الزواج المقدس بين الماء الأنثى والذّكر. هذا الزواج يهمهم بالدرجة الأولى. ينتظرونه منذ مدة. حرثوا الأرض وأعدوا سرير الندى للطفل المنتظر. نظفوا مجاري الماء، وأصلحوا بيته. وحين يأتي الماء سيكون كل شيء على ما يرام.

***

كتاب الصحراء

شربت العرب النبيذ شلالات
كل نبيذ له لون
نهد السجينة
قبر الصديق
وسيف عنترة.

***

أغنية النسر

ابحثوا عن الأعمى ابحثوا عن الأعمى
ضعوا على شفتيه أغنية
وفي يده غصناً أخضر
ثم أفرغوا حواليه
أو ابحثوا عن كوكب آخر
النسر ينتزع الأعشاش من الشجر
ويتهم بذلك المسافر البائس.

***

مضلّع العلامة


العلامة المتناثرة
لها أرجل وأجنحة
تقطع الوجوه
وتنقش شاهدة القبور

العلامة تصرخ
مثل لص
يسرق البيوت
ويكسر نوافذ القلب.

***

الليل والنهار
الليل والنهار
توأمان
لحم وعظم
لنفس حبّة البرقوق.

***

إلى الأمام
أتحدث عن البسمة
أخت الجرح
حينما تهرب الشمس
أمام ألف ليلة.


* ترجمة عن الفرنسية: جلال الحكماوي

دلالات
المساهمون