خلال السنوات الأربع الماضية، انعكست ظروف الحرب في سورية على مظاهر احتفال السوريين بعيد الميلاد. لكن هذا العيد ما زال يوماً خاصاً بالنسبة إلى الأطفال الذين يجدونه فرصة لطلب ما يشتهون من هدايا، والاحتفال، وتناول ما يرغبون به من حلويات. ويرتبط الاحتفال بعيد الميلاد بمظاهر كثيرة لا تبدأ بتزيين شجرة ولا تنتهي بتوزيع بابا نويل هدايا على الصغار.
بالنسبة إلى هؤلاء، معاني هذه المظاهر غير واضحة، فيستعينون بمخيّلتهم ويكوّنون رواياتهم الخاصة. أليس وغابي وجاد (أربعة أعوام)، وجوليان وسيلفانا وحسام (خمسة أعوام)، وميشال وأنطوان وميليا وماريان (ستة أعوام)، عشرة أطفال سوريين يخبرون عن العيد ومظاهره.
ما هو عيد الميلاد؟
سبعة من بين العشرة يجيبون: "عيد ميلاد يسوع المسيح". أما حسام، فيقول إنه "عيد الذين يحبون يسوع ومريم"، فيما تجيب ميليا: "هو عيد لأنه أفضل يوم، وفيه هدايا كثيرة وشوكولاتة". من جهتها تردّ أليس: "عيد ميلاد جدتي".
أما الهدايا التي يرغبون فيها، فيطلب سبعة حاجيات شخصية. تقول سيلفانا مثلاً: "أريد تاج الملكة وحذاءً بكعبٍ عالٍ ونظارات، وفقط"، في حين يطلب جاد "تلفزيون من دون كهرباء، وواتساب"، ويتمنى حسام أن يحصل على "دراجة هوائية وسيارة لوالدي، لأن الكبار لا يحصلون على الهدايا".
ثلاثة منهم لهم أمنيات مختلفة. تقول جوليان: "أريد أن تشفى ماما، ولا تتألم أبداً، وأن تنتهي الحرب ولا يموت أحد". أما ميليا، فتتمنى "يداً جديدة لصديقتي حلا. يدها ذهبت في الضرب والنار، وأنا أخبرتها بأنني سأطلب من يسوع أن يهبها يداً جديدة". من جهتها، تطلب ماريان "السلام للأطفال، وألا يغرقوا في البحر".
بابا نويل
على الرغم من أن شخصية بابا نويل معروفة لدى جميع الأطفال، إلا أنهم لا يتفقون على هوية واحدة له. خمسة من بين عشرة أطفال يعتقدون أنه حقيقي. بالنسبة إلى أليس، "يأتي بابا نويل من الجنة. لكن هذا ليس اسمه الحقيقي، اسمه السيد مارك". تضيف: "هو يجلب لنا الهدايا من أطفال الجنة. هم يرسلون حاجياتهم وألعابهم إلى الأطفال الجيدين، هم لديهم دمى كثيرة وفساتين ودباديب (حيوانات محشوّة) وكل شيء".
من جهته، يقول غابي إن بابا نويل "كعكة"، ويعني بها بسكويت على شكل بابا نويل. ويلفت إلى أن "الجدّ يلبس لباس بابا نويل ويحضر الهدايا". أما جوليان، فترى أن بابا نويل "يتزحلق على الثلج في السماء ويطير، ثم يدخل من النوافذ في الليل ويترك هداياه للأطفال الصغار. أما الأطفال الكبار، فأهلهم يحضرون لهم الهدايا". وتصرّ على أن زوجة بابا نويل "هي التي تحضّر الهدايا في السماء. لكنها لا تنزل لأنها لا تستطيع الطيران".
سيلفانا مثلاً، تؤكد على أن بابا نويل "موجود في المول. هناك بيته، ويحضر الهدايا للأطفال منه. لكنه يشتريها بلا مال. ويأتي بالسيارة إلى البيوت، لأنه في مول بعيد". أما حسام، فيقول إنه "يأتي على الأحصنة، ويظل يسافر بها خمسة أشهر حتى يصل. هو يأتي من بعيد". من جهتها، ماريان حاسمة، "بابا نويل الذي نشاهده ليس حقيقياً. الحقيقي لا يراه أحد، لأنه ينزل حين يكون الجميع نائماً".
شجرة الميلاد
تعدّ شجرة الميلاد أحد أهم تقاليد عيد الميلاد بالنسبة إلى العائلات السورية. على الرغم من ذلك، عديدة هي العائلات التي لم تنصب شجرة عيد هذا العام بسبب ارتفاع أسعارها. إلى ذلك، عديدة هي تلك العائلات التي تعتمد على أشجار اصطناعية قديمة. أنطوان، من دمشق، أب لطفلين، يؤكّد أن "أحداً لا يستطيع شراء شجرة جديدة هذا العام. اكتفينا بشراء بعض الزينة للتجديد. في السابق، كان بعض التجار يقتطعون أشجاراً طبيعية من المناطق النائية، لكن الأمر بات يمثل مخاطرة كبيرة". يضيف: "نحن أيضاً لم نضع الشجرة مقابل النافذة ولم نضئ نوافذ المنزل في الخارج. منذ سنوات لم نعد نفعل ذلك. من غير اللائق إظهار الزينة في حيّ يسجّل فيه دائماً سقوط شهداء".
ويبقى لشجرة الميلاد تأثير كبير على الأطفال في منازلهم. جاد وجوليان شاركا والديهما في تزيين الشجرة. بفخر يخبر جاد أنه وضع "كرات ذهبية تضيء حين تنطفئ الكهرباء. ووضعت النجمة بنفسي على رأس الشجرة". أما جوليان، فقد "ربطتُ الأشرطة الحمراء ورتّبت الألعاب إلى جانب الشجرة".
بالنسبة إلى خمسة أطفال من بين العشرة، شجرة الميلاد هي من أجل "وضع الهدايا". اثنان يجيبان أنها لـ"الزينة". أما حسام، فيرى أنها من أجل "الإضاءة في العيد". من جهتها، تقول سيلفانا: "بابا نويل ينام داخلها ليلة العيد"، أما ميشال فواثق من أنها "تجذب الخير وتبعد القذائف والموت".
اقرأ أيضاً: شرق المسيح حزينٌ.. يئنّ في عيده