04 نوفمبر 2024
ما بين سطور ظريف
في خطوةٍ تعكس أهمية صحيفة العربي الجديد، وسط عشرات الصحف والمواقع الإخبارية العربية، خصها وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بمقال مهم، أراد فيه توصيل رسائل سياسية محددة إلى كل الأطراف المعنية بالوضع الإقليمي. ويُحسب لـ "العربي الجديد" أنها نشرت مقالاً لوزير خارجية دولة إقليمية مهمة تشهد علاقاتها بمعظم دول المنطقة حالة من الشد والجذب، إن لم يكن التوتر والصراع.
يتسم المقال بأهمية خاصة في توقيته المُختار بعناية، إذ يتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، السعودية. ويحمل رسائل محدّدة تريد طهران توصيلها علناً قبل انتهاء قمم الرياض. كما أن المقال منشور، أول من أمس (السبت)، أي بعد ساعات من انتهاء الانتخابات الرئاسية في إيران، التي أسفرت عن فوز حسن روحاني بولاية رئاسية ثانية. وبذا يكون مقال ظريف أول خطاب دبلوماسي رسمي من حكومة روحاني في رئاسته الثانية. وعلى الرغم من انشغال روحاني في الانتخابات طوال الأسابيع الماضية، أكد ظريف أن مقاله يعكس السياسة الرسمية لحكومة بلاده.
هذا فيما حول المقال، لكن ما في داخله أهم، فقد بدأ بعنوان يعكس (بالمصطلحات الإيرانية) استكباراً واضحاً. "مستعدون لإهداء السلام إلى المنطقة"، وهو عنوان يحمل رسالة إيجابية، وهي الموافقة على إحلال السلام في المنطقة، إلا أنه يبعث، في الوقت نفسه، إشارة شديدة السلبية والخطورة، فمن يملك "الإهداء" يملك المنع والحرمان. وهو المعنى الذي أجمله العنوان، وفصّله متن المقال، حيث الرغبة الإيرانية، أو بالأدق "الاستعداد" لإهداء السلام إلى المنطقة، مشروط بتلبية ما عرضه ظريف من مطالب ومتطلبات معينة، في مقدمتها أن توقف السعودية الحرب في اليمن، التي اعتبر أنها ضد "الشعب اليمني". وعزا ظريف التوتر الذي ساد في السابق علاقات إيران والغرب إلى ما سماه "مشروع التخويف من إيران" الذي "أبدعه وروّجه الكيان الصهيوني" حسب تعبيره. ويقدّم تجربة المفاوضات مع الغرب التي توّجت بالاتفاق النووي، دليلاً على تهافت ذلك المنطق الذي يشوّه صورة إيران وسياستها.
يقسم ظريف أزمات المنطقة إلى صنفين، الأول نتيجة التدخلات الخارجية، ويشمل أفغانستان والعراق وليبيا. والثاني يسميها أزمات داخلية، ويضم سورية واليمن والبحرين. وهي الدول الثلاث التي تباشر طهران داخلها دوراً سلبياً صريحاً بل وعلنياً، خصوصاً في اليمن وسورية، لكن ظريف لا يعتبره تدخلاً خارجياً.
ليس كل مقال ظريف إملاءاتٍ ومطالب، ففيه أيضاً كثير من الدعاية للسياسة الإيرانية ومحاولات تجميلها، فأشار إلى كل من العراق وأفغانستان، واستشهد بما وصفه اعتراف مسؤولين أميركيين بدور إيراني بناء خصوصاً في مكافحة الإرهاب. ولا يكتفي ظريف بالاستشهاد بالأميركيين، بل يتودّد إلى إدارة ترامب، ويطالب الرئيس الأميركي بالضغط على السعودية. ويستحضر في ذلك تفجيرات "11 سبتمبر"، ليُذكّر الأميركيين بتلك المأساة، ويجدد ربطها ذهنياً بالسعودية، أو تحديداً "برعاياها" في الدول الغربية.
يكرّر مقال وزير خارجية إيران الشعارات التي ترفعها بلاده لتبرير سياساتها وتحركاتها الإقليمية وتجميلهما. ويهادن الولايات المتحدة، ويعلن استعداد طهران صراحة للتعاون مع ترامب. وبينما يحمّل السعودية حصرياً مسؤولية ما يحدث في اليمن وسورية، ويحاول دق إسفين بين الرياض وواشنطن، يتجاهل أن نفوذ إيران في دمشق وصنعاء تجاوز دور أي طرفٍ داخلي أو خارجي. وإن كان من معنى مؤكد يمكن استخلاصه من ذلك كله، فهو أن طهران وعلى الرغم من نغمة الاستكبار التي غلّفت مقال ظريف، إلا أنها تخشى من ذلك التحالف السعودي الأميركي، الذي يضع السياسة الإيرانية على محكّ السلوك والممارسة لا الأقوال. ويبدو أن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، كان يقرأ الغيب، حين قال قبل نشر مقال ظريف بيومين، إن تقييم سياسات إيران يكون من خلال أفعالها لا أقوالها.
يتسم المقال بأهمية خاصة في توقيته المُختار بعناية، إذ يتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، السعودية. ويحمل رسائل محدّدة تريد طهران توصيلها علناً قبل انتهاء قمم الرياض. كما أن المقال منشور، أول من أمس (السبت)، أي بعد ساعات من انتهاء الانتخابات الرئاسية في إيران، التي أسفرت عن فوز حسن روحاني بولاية رئاسية ثانية. وبذا يكون مقال ظريف أول خطاب دبلوماسي رسمي من حكومة روحاني في رئاسته الثانية. وعلى الرغم من انشغال روحاني في الانتخابات طوال الأسابيع الماضية، أكد ظريف أن مقاله يعكس السياسة الرسمية لحكومة بلاده.
هذا فيما حول المقال، لكن ما في داخله أهم، فقد بدأ بعنوان يعكس (بالمصطلحات الإيرانية) استكباراً واضحاً. "مستعدون لإهداء السلام إلى المنطقة"، وهو عنوان يحمل رسالة إيجابية، وهي الموافقة على إحلال السلام في المنطقة، إلا أنه يبعث، في الوقت نفسه، إشارة شديدة السلبية والخطورة، فمن يملك "الإهداء" يملك المنع والحرمان. وهو المعنى الذي أجمله العنوان، وفصّله متن المقال، حيث الرغبة الإيرانية، أو بالأدق "الاستعداد" لإهداء السلام إلى المنطقة، مشروط بتلبية ما عرضه ظريف من مطالب ومتطلبات معينة، في مقدمتها أن توقف السعودية الحرب في اليمن، التي اعتبر أنها ضد "الشعب اليمني". وعزا ظريف التوتر الذي ساد في السابق علاقات إيران والغرب إلى ما سماه "مشروع التخويف من إيران" الذي "أبدعه وروّجه الكيان الصهيوني" حسب تعبيره. ويقدّم تجربة المفاوضات مع الغرب التي توّجت بالاتفاق النووي، دليلاً على تهافت ذلك المنطق الذي يشوّه صورة إيران وسياستها.
يقسم ظريف أزمات المنطقة إلى صنفين، الأول نتيجة التدخلات الخارجية، ويشمل أفغانستان والعراق وليبيا. والثاني يسميها أزمات داخلية، ويضم سورية واليمن والبحرين. وهي الدول الثلاث التي تباشر طهران داخلها دوراً سلبياً صريحاً بل وعلنياً، خصوصاً في اليمن وسورية، لكن ظريف لا يعتبره تدخلاً خارجياً.
ليس كل مقال ظريف إملاءاتٍ ومطالب، ففيه أيضاً كثير من الدعاية للسياسة الإيرانية ومحاولات تجميلها، فأشار إلى كل من العراق وأفغانستان، واستشهد بما وصفه اعتراف مسؤولين أميركيين بدور إيراني بناء خصوصاً في مكافحة الإرهاب. ولا يكتفي ظريف بالاستشهاد بالأميركيين، بل يتودّد إلى إدارة ترامب، ويطالب الرئيس الأميركي بالضغط على السعودية. ويستحضر في ذلك تفجيرات "11 سبتمبر"، ليُذكّر الأميركيين بتلك المأساة، ويجدد ربطها ذهنياً بالسعودية، أو تحديداً "برعاياها" في الدول الغربية.
يكرّر مقال وزير خارجية إيران الشعارات التي ترفعها بلاده لتبرير سياساتها وتحركاتها الإقليمية وتجميلهما. ويهادن الولايات المتحدة، ويعلن استعداد طهران صراحة للتعاون مع ترامب. وبينما يحمّل السعودية حصرياً مسؤولية ما يحدث في اليمن وسورية، ويحاول دق إسفين بين الرياض وواشنطن، يتجاهل أن نفوذ إيران في دمشق وصنعاء تجاوز دور أي طرفٍ داخلي أو خارجي. وإن كان من معنى مؤكد يمكن استخلاصه من ذلك كله، فهو أن طهران وعلى الرغم من نغمة الاستكبار التي غلّفت مقال ظريف، إلا أنها تخشى من ذلك التحالف السعودي الأميركي، الذي يضع السياسة الإيرانية على محكّ السلوك والممارسة لا الأقوال. ويبدو أن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، كان يقرأ الغيب، حين قال قبل نشر مقال ظريف بيومين، إن تقييم سياسات إيران يكون من خلال أفعالها لا أقوالها.