05 نوفمبر 2024
ما وراء التصعيد الروسي والأسدي على إدلب
يشي التصعيد العسكري غير المسبوق، الذي تقوم به قوات النظامين، الروسي والسوري، في مناطق عديدة من محافظة إدلب، بأنه يمهّد لشن هجوم عسكري واسع النطاق على ما تبقّى من مناطق المعارضة في شمالي سورية، على الرغم من أنها مشمولة باتفاقات خفض التصعيد وباتفاقات روسية تركية، بوصفها من المفترض أنها ضمن "المنطقة المنزوعة السلاح" حسب اتفاق سوتشي، الموقع في17 سبتمبر/ أيلول 2018 بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين.
وتأتي الهجمات على مناطق إدلب، إلى جانب القصف البري للقاذفات والمقاتلات الروسية وبراميل النظام المتفجرة، كي تستكمل إفشال النظام اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، مع بروز عوامل جديدة مؤثرة، لم تكن في الحسبان من قبل. ويبدو أن النظامين، الروسي والأسدي، يريدان التمهيد لمعركة إدلب الكبرى، والتي تتحدث عنها وسائل إعلام النظام، وتقسيمها إلى مراحل، عبر إعادة السيطرة، كمرحلة أولى، على الطريقين السريعين M4 وM5، الرابطين بين حلب واللاذقية وحلب وحماة وصولاً إلى دمشق، ما يعني اجتياح مدن وبلداتٍ ذات كثافة سكانية، مثل معرّة النعمان وسراقب، ولذلك يتركز القصف الجوي الروسي الهمجي على معرّة النعمان وسراقب وما حولهما.
ولا يخفي الروس ترويج الحسم العسكري الذي اتخذوه مع نظام الأسد ونظام الملالي الإيراني، بحجة أن الفصائل المسلحة المتطرّفة رفضت الانسحاب من المناطق التي تم الاتفاق عليها مع الجانب التركي في اتفاق سوتشي، ولذلك يحمّلون الأتراك مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهم حيال هذه الفصائل، الأمر الذي يفسّر تركيز هجمات التحالف الروسي الأسدي الإيراني على المناطق المدنية، والذي خلف نزوح عشرات آلاف المدنيين في الأيام القليلة الماضية، توجهوا إلى الحدود التركية السورية، بغية زيادة الضغط على الجانب التركي. ويشير الصمت التركي حيال التصعيد الروسي الأسدي، إلى جانب الصمت الدولي، إلى دلالات عديدة، بشأن التفاهمات والاتفاقيات ما بين ساسة أنقرة وموسكو، وهم الذين تجمعهم تقاطعات المصالح وتشابكاتهما بين بلديهما، وأثرت كثيرا على القضية السورية وملفات المنطقة الشائكة.
وبالعودة إلى ما قام به النظامان الروسي والأسدي، من حملات سابقة، منذ اجتراح مسار
أستانة، ضد المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية والفصائل المتشدّدة، والتي أسفرت عن خسارة المعارضة معظم المناطق التي كانت في عداد "خفض التصعيد"، وآخرها خسارة مدينة خان شيخون ومناطق أخرى في ريف حماة الشمالي، فإن مقاربات عدة تُظهر أن الصمت التركي على مجازر النظامين الروسي والأسدي في معرّة النعمان وسراقب، وسواهما، في أيامنا هذه، بغية حصارهما وقضمهما، من خلال السيطرة على المناطق المحيطة بهما، يعيد النقاش بشأن دور الطرف التركي، بوصفه أحد أضلاع مثلث أستانة، وضامنا للاتفاقات والتفاهمات بين أطرافه، وعن مدى قدرة تركيا على لعب دور مانع أو على الأقل معيق لهجمات النظامين الروسي والأسدي.
علاقات تركيا مع كل من النظام الروسي ونظام الملالي الإيراني يحكمها منطق المصالح، وتقاطع هذه المصالح مع مصالح الدول الأخرى الخائضة في القضية السورية، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي وسواها. وقد ظهر ذلك جلياً في عملية نبع السلام، وفي سواها من العمليات، إذ ليس صحيحاً التعويل على دور تركي لوقف الهجمات التي تقوم بها قوات النظامين، الروسي والأسدي، ومعها مليشيات نظام الملالي الإيراني، على مناطق المعارضة السورية، كما أن التعويل على دور أوروبي خاطئ كذلك.
وأثبتت التغيرات في مسار السياسة الخارجية التركية، خلال السنوات القليلة الماضية، أن الهاجس الأمني بات المحدّد الأساس لتوجهات هذه السياسة في سورية، وظهر ذلك من خلال
عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" في غربي الفرات، ثم "نبع السلام" في شرقي نهر الفرات، والتي أنهت إمكانية قيام أي كيان كردي في شمالي سورية لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) في سورية، وجعلت النظام السوري، وفق رؤية هذه السياسة التركية، أقل تهديدا لأمنها من تهديد إدارة هذا الحزب الذاتية. ولذلك لجأ الساسة الأتراك إلى إبرام تفاهمات مع نظرائهم في النظامين، الروسي والإيراني، ومع الأميركيين، وحصلوا وفقها على ما يؤمن لهم نفوذهم في تلك المناطق، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للوضع في مناطق إدلب وما حولها، وبات مغايراً لما كان عليه بعد هجمات النظامين، الروسي والأسدي، وأسفرت في مرحلتها السابقة عن السيطرة على اللطامنة ومورك والتمانعة وخان شيخون وسواها، ونزوح أكثر من نصف مليون مدني.
وتأتي الهجمات الروسية والأسدية على مناطق معرّة النعمان وسراقب وسواهما من أجل استكمال بسط النفوذ الروسي، وإعادة سيطرة نظام الأسد الإجرامي على تلك المناطق، وذلك بعد أن سيطر الروس على مناطق واسعة في شرقي الفرات، وضمانهم انسحاب مليشيات الوحدات الكردية، مقابل بسط تركيا سيطرتها على المنطقة الممتدة ما بين تل أبيض ورأس
العين، وعزمها على تنفيذ خططها في إنشاء منطقة آمنة فيها.
ويتزامن التصعيد العسكري الروسي والأسدي على إدلب مع بروز خلاف تركي روسي حول الوضع في ليبيا، ظهر مع تبادل الاتهامات بين الساسة الأتراك والروس، بشأن الوضع في كل من إدلب وطرابلس الغرب، ولكن ذلك لم يؤثر على قنوات التواصل للتفاهم بين ساسة البلدين، سواء في الاتصالات الهاتفية بين الرئيسين أردوغان وبوتين، أم خلال التحضيرات للقمة المقبلة بينهما، المزمع عقدها في الشهر المقبل، وسيكون كل من إدلب وطرابلس على أجندة القمة، إلى جانب ملفات أخرى، إقليمية ودولية، والتعاون الاستراتيجي في مجال الطاقة.
ولا يخفي الروس ترويج الحسم العسكري الذي اتخذوه مع نظام الأسد ونظام الملالي الإيراني، بحجة أن الفصائل المسلحة المتطرّفة رفضت الانسحاب من المناطق التي تم الاتفاق عليها مع الجانب التركي في اتفاق سوتشي، ولذلك يحمّلون الأتراك مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهم حيال هذه الفصائل، الأمر الذي يفسّر تركيز هجمات التحالف الروسي الأسدي الإيراني على المناطق المدنية، والذي خلف نزوح عشرات آلاف المدنيين في الأيام القليلة الماضية، توجهوا إلى الحدود التركية السورية، بغية زيادة الضغط على الجانب التركي. ويشير الصمت التركي حيال التصعيد الروسي الأسدي، إلى جانب الصمت الدولي، إلى دلالات عديدة، بشأن التفاهمات والاتفاقيات ما بين ساسة أنقرة وموسكو، وهم الذين تجمعهم تقاطعات المصالح وتشابكاتهما بين بلديهما، وأثرت كثيرا على القضية السورية وملفات المنطقة الشائكة.
وبالعودة إلى ما قام به النظامان الروسي والأسدي، من حملات سابقة، منذ اجتراح مسار
علاقات تركيا مع كل من النظام الروسي ونظام الملالي الإيراني يحكمها منطق المصالح، وتقاطع هذه المصالح مع مصالح الدول الأخرى الخائضة في القضية السورية، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي وسواها. وقد ظهر ذلك جلياً في عملية نبع السلام، وفي سواها من العمليات، إذ ليس صحيحاً التعويل على دور تركي لوقف الهجمات التي تقوم بها قوات النظامين، الروسي والأسدي، ومعها مليشيات نظام الملالي الإيراني، على مناطق المعارضة السورية، كما أن التعويل على دور أوروبي خاطئ كذلك.
وأثبتت التغيرات في مسار السياسة الخارجية التركية، خلال السنوات القليلة الماضية، أن الهاجس الأمني بات المحدّد الأساس لتوجهات هذه السياسة في سورية، وظهر ذلك من خلال
وتأتي الهجمات الروسية والأسدية على مناطق معرّة النعمان وسراقب وسواهما من أجل استكمال بسط النفوذ الروسي، وإعادة سيطرة نظام الأسد الإجرامي على تلك المناطق، وذلك بعد أن سيطر الروس على مناطق واسعة في شرقي الفرات، وضمانهم انسحاب مليشيات الوحدات الكردية، مقابل بسط تركيا سيطرتها على المنطقة الممتدة ما بين تل أبيض ورأس
ويتزامن التصعيد العسكري الروسي والأسدي على إدلب مع بروز خلاف تركي روسي حول الوضع في ليبيا، ظهر مع تبادل الاتهامات بين الساسة الأتراك والروس، بشأن الوضع في كل من إدلب وطرابلس الغرب، ولكن ذلك لم يؤثر على قنوات التواصل للتفاهم بين ساسة البلدين، سواء في الاتصالات الهاتفية بين الرئيسين أردوغان وبوتين، أم خلال التحضيرات للقمة المقبلة بينهما، المزمع عقدها في الشهر المقبل، وسيكون كل من إدلب وطرابلس على أجندة القمة، إلى جانب ملفات أخرى، إقليمية ودولية، والتعاون الاستراتيجي في مجال الطاقة.