لا يمكن فصل خطوة تعيين الإعلامي، داوود الشريان، رئيساً لهيئة الإذاعة والتلفزيون أمس، عن التغييرات المتتالية في المملكة العربية السعودية. وفيما تذهب توقعات إلى وضع الخطوة في إطار إجراء تغيير واسع في الـسياسة الإعلامية السعودية، يرى البعض أن السلطات تهدف إلى وضع الشريان تحت جناحها، خاصة أن برنامجه "الثامنة" أثار جدلاً واسعاً في البلاد، وتطرق إلى موضوعات حساسة في البلاد، بينها تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى مناقشة قضايا فساد عدة.
وكان الشريان قد قدّم استقالته من مجموعة "إم بي سي"، مطلع الشهر الجاري، حيث عرض برنامجه "الثامنة". وبثت الحلقة الأخيرة من البرنامج الشهير في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، علماً بأنه بدأ عام 2012، وتطرق إلى مواضيع سياسية واجتماعية عدة وأهم الأخبار في المملكة العربية السعودية.
كما أن عرض البرنامج على "إم بي سي" سيتواصل بعد رحيل الشريان، وفق ما أفادت المجموعة.
ومنذ استقالة الشريان، انتشرت شائعات عدة ترجح تعيينه رسمياً في "هيئة الإذاعة والتلفزيون" التي تضم أكثر من 20 مؤسسة إعلامية تلفزيونية وإذاعية، إلى أن تأكد الخبر أمس.
ولا يمكن فصل هذه الخطوة عن التغييرات المتتالية في السعودية، ومن ضمنها حملة الاعتقالات الواسعة الأخيرة، والتي أثارت قلقاً من تقييد متزايد على الحريات عامة والإعلام خاصة. وكان بين المعتقلين رئيس مجلس إدارة "إم بي سي"، وليد آل إبراهيم، بالإضافة إلى إمبراطور الإعلام، مؤسس مجموعة "روتانا"، الوليد بن طلال، ورجل الأعمال مالك شبكة "إيه آر تي" التلفزيونية، الشيخ صالح كامل.
ولا يمكن تجاهل مقاربة الشريان للأمور الدينية الحساسة في المملكة العربية السعودية، وخاصة قضايا الجهاد والتطرف وغيرها، بعد تعيينه في منصبه الجديد، إذ هاجم، في يناير/كانون الثاني الماضي، الشيخ محمد العريفي، والشيخ سلمان العودة المعتقل حالياً، متهماً الأخير بالتغرير بالشباب السعودي ودفعهم إلى "الجهاد" في سورية.
لذا، قد يصب تعيين الشريان مديراً تنفيذيا لـ"هيئة الإذاعة والتلفزيون" في إطار منحى جديد قد تعتمده المملكة في التعاطي إعلامياً مع القضايا الدينية ورجال الدين، خاصة أن ولي العهد محمد بن سلمان أعلن عن إصلاحات دينية في البلاد وإعادتها إلى "الإسلام المعتدل"، ولم تقنع خطوته كثيرين، واعتبرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، على سبيل المثال، "مجرد تسويق تجاري"، فهل يخدم تعيين الشريان هذا "التسويق"؟
يذكر أن تصنيف المملكة العربية السعودية انخفض 3 مراكز هذا العام، إلى المركز الـ168 من أصل 180 بلداً في مؤشر تصنيف حرية الإعلام الذي تصدره مؤسسة "مراسلون بلا حدود".
(العربي الجديد)