31 أكتوبر 2024
متى يوثّق الربيع العربي؟
مرّت ثماني سنوات تقريبا على اندلاع الثورات العربية الجديدة في سياق الربيع العربي، بأحداثها الكثيرة شرقا وغربا على امتداد الخريطة العربية، وما تلاها من تداعياتٍ إيجابية وسلبية، عشناها جميعا عن بعيد وعن قرب، وما زلنا نعيشها بمستويات متفاوتة. ولكننا لم نقرأ ما الذي حدث بالضبط. أعني أن المشهد، على الرغم من مرور هذه السنوات الممتلئة بالأحداث، لا يبدو مكتملا أمامنا، نحن القراء على الأقل.
قبل أسابيع، طلبت مني طالبة جامعية تدرس تخصص العلاقات الدولية في سنتها الأولى في الجامعة أن أرشّح لها كتابا واحدا فقط لتقرأه، فتفهم منه حكاية الربيع العربي من الألف إلى الياء بصفحات قليلة نسبيا، وبلغة مبسّطة يستطيع أن يفهمها الطلاب، كما قالت.
سألتها عن سبب اهتمامها بهذا الموضوع الذي تستطيع متابعته ومعايشته في أفلام وثائقية كثيرة على "يوتيوب" بشكل أسهل وأسرع، فقالت إن أستاذها في الجامعة طلب منها، ومن كل الدارسين في المقرّر معها، إعداد ملخص لحدث الربيع العربي في عشر صفحات تحتوي على أهم الأسباب والنتائج والأحداث والتداعيات.. بالإضافة إلى صفحتين يكتبون فيهما ما يرونه من آفاق محتملة لهذا الحدث في السنوات القليلة المقبلة، على ضوء ما قرأوه وما عايشوه أيضا. فهمت من تلك الطالبة أنها تريد أن تأتي بشيء مختلف عما يمكن أن يكتبه زملاؤها الآخرون، بأيسر الطرق وأسرعها.
في البداية، تخيلت أن المهمة سهلة جدا، وأنني لا بد وأن أجد لها مُرادها بين رفوف مكتبتي، لكنني احترت كثيرا وأنا أفتش لها عن كتابٍ بتلك المواصفات في مكتبتي، في البيت أولا، ثم في مكتبتي الأخرى في العمل، ثم لدى معارفي وزملائي الذين أعرف اهتماماتهم الخاصة بالأمر، ثم في لوائح الكتب الحديثة المتوفرة في مواقع دور النشر العربية على الإنترنت.
وجدت كتبا كثيرة كانت عبارة "الربيع العربي" القاسم المشترك في عناوينها، والغريب أن أغلبها صدر في أول سنتين من السنوات الثماني التي مضت، ما لا يشجّع على أخذها بجدّية. وهناك كتبٌ أخرى تقرأ من عناوينها وأسماء مؤلفيها، أو حتى دور النشر التي أصدرتها، وهي كتبٌ لا يمكن التعويل عليها، بسبب انحيازها الواضح والمكشوف جدا ضد كل الثورات، وأصحابها ومن بشّر بها أيضا.. وخصوصا في مصر.
بعد مضيّ ساعات طويلة من البحث، كانت حصيلتي من عناوين الكتب التي يمكن الاطلاع عليها مبدئيا على الأقل لا تزيد عن ستة عناوين. اكتشفت بعدها مدى افتقارنا لكتب من هذا النوع لتوثيق ما حدث على الأقل، قبل الانغماس في مرحلة التقييم. صحيحٌ أن الحدث، على الرغم من مضي هذه السنوات الثماني ما زال طازجا، ومعظم المحرّكين له والشهود عليه أحياء يُرزقون، لكن الصحيح أيضا أنه يحتاج رصدا وتوثيقا علميا موضوعيا وتاريخيا دقيقا، فمثل هذا الرصد الموضوعي الدقيق والمنزّه عن كل الانحيازات المسبقة ينبغي أن يكون الأساس لأي تقييم أو مراجعة لاحقة لمثل هذا الحدث الكبير في تاريخ الأمة والعالم كله.
عندما قدّمت لي الطالبة بعد ذلك الصفحات التي أعدّتها، حتى أراجعها لها قبل تقديمها لأستاذها، فوجئت بمستوى الورقة المعدّة إعدادا جيدا نسبيا. وعندما سألتها عن المصادر، قالت إنها لجأت، في النهاية، لمواقع صحف أجنبية، بتوصية من الأستاذ نفسه، وأن لغتها الإنجليزية ساعدتها على أداء المهمة بشكل أفضل، فقد وجدت في تلك المواقع ما لم تجده باللغة العربية.. للأسف.
سألتها عن سبب اهتمامها بهذا الموضوع الذي تستطيع متابعته ومعايشته في أفلام وثائقية كثيرة على "يوتيوب" بشكل أسهل وأسرع، فقالت إن أستاذها في الجامعة طلب منها، ومن كل الدارسين في المقرّر معها، إعداد ملخص لحدث الربيع العربي في عشر صفحات تحتوي على أهم الأسباب والنتائج والأحداث والتداعيات.. بالإضافة إلى صفحتين يكتبون فيهما ما يرونه من آفاق محتملة لهذا الحدث في السنوات القليلة المقبلة، على ضوء ما قرأوه وما عايشوه أيضا. فهمت من تلك الطالبة أنها تريد أن تأتي بشيء مختلف عما يمكن أن يكتبه زملاؤها الآخرون، بأيسر الطرق وأسرعها.
في البداية، تخيلت أن المهمة سهلة جدا، وأنني لا بد وأن أجد لها مُرادها بين رفوف مكتبتي، لكنني احترت كثيرا وأنا أفتش لها عن كتابٍ بتلك المواصفات في مكتبتي، في البيت أولا، ثم في مكتبتي الأخرى في العمل، ثم لدى معارفي وزملائي الذين أعرف اهتماماتهم الخاصة بالأمر، ثم في لوائح الكتب الحديثة المتوفرة في مواقع دور النشر العربية على الإنترنت.
وجدت كتبا كثيرة كانت عبارة "الربيع العربي" القاسم المشترك في عناوينها، والغريب أن أغلبها صدر في أول سنتين من السنوات الثماني التي مضت، ما لا يشجّع على أخذها بجدّية. وهناك كتبٌ أخرى تقرأ من عناوينها وأسماء مؤلفيها، أو حتى دور النشر التي أصدرتها، وهي كتبٌ لا يمكن التعويل عليها، بسبب انحيازها الواضح والمكشوف جدا ضد كل الثورات، وأصحابها ومن بشّر بها أيضا.. وخصوصا في مصر.
بعد مضيّ ساعات طويلة من البحث، كانت حصيلتي من عناوين الكتب التي يمكن الاطلاع عليها مبدئيا على الأقل لا تزيد عن ستة عناوين. اكتشفت بعدها مدى افتقارنا لكتب من هذا النوع لتوثيق ما حدث على الأقل، قبل الانغماس في مرحلة التقييم. صحيحٌ أن الحدث، على الرغم من مضي هذه السنوات الثماني ما زال طازجا، ومعظم المحرّكين له والشهود عليه أحياء يُرزقون، لكن الصحيح أيضا أنه يحتاج رصدا وتوثيقا علميا موضوعيا وتاريخيا دقيقا، فمثل هذا الرصد الموضوعي الدقيق والمنزّه عن كل الانحيازات المسبقة ينبغي أن يكون الأساس لأي تقييم أو مراجعة لاحقة لمثل هذا الحدث الكبير في تاريخ الأمة والعالم كله.
عندما قدّمت لي الطالبة بعد ذلك الصفحات التي أعدّتها، حتى أراجعها لها قبل تقديمها لأستاذها، فوجئت بمستوى الورقة المعدّة إعدادا جيدا نسبيا. وعندما سألتها عن المصادر، قالت إنها لجأت، في النهاية، لمواقع صحف أجنبية، بتوصية من الأستاذ نفسه، وأن لغتها الإنجليزية ساعدتها على أداء المهمة بشكل أفضل، فقد وجدت في تلك المواقع ما لم تجده باللغة العربية.. للأسف.