يواجه قراء مجلة إلكترونية لتنظيم القاعدة تصدر بالإنكليزية "إنسباير"، تحذيرا مسبقا من السلطات البريطانية، بأنهم قد يتعرضون للملاحقة القضائية. جاء ذلك بعد صدور طبعة الربيع من المجلة التي تحرض القراء على مهاجمة أهداف عامة في الغرب، بما في ذلك دورة ألعاب الكومنولث لهذا العام التي تقام في مدينة غلاسكو، ودفعت هذه الدعوات إلى تعزيز الإجراءات الأمنية للملكة، بعد أن دعا تنظيم القاعدة إلى هجمات في المناسبات التي ستحضرها.
ولكن تنظيم القاعدة يستعد الآن لإطلاق مجلة جديدة على الإنترنت، تحت اسم '"ريسيرجنس" وتعني "النهضة" في محاولة جديدة لاستقطاب الشبان المسلمين الساخطين في الغرب. وقد أطلق شريط فيديو، الشهر الماضي، على موقع "يوتيوب" يعلن فيه عن إصدار المجلة التي كان يفترض أن تصدر إلكترونيا، إلا أنه لم يظهر لها أثر بعد. كما أن شريط الفيديو الذي نشر عبر موقع "السحاب" أحد الأذرع الإعلامية للقاعدة، أزيل من قبل إدارة "يوتيوب"، بحجة أن الشريط خرق قوانينها في قواعد النشر التي تمنع الترويج للعنف. ويمزج الشريط بين صوت مالكوم إكس بمقطع من أحد خطاباته في منتصف الستينات، يقول فيه "لو أننا انتبهنا فقط، إلى أنه بمجرد تعلم اللغة التي يفهمونها، ستصلهم الرسالة"، ومقاطع مصورة لهجوم قوات أميركية على أهداف في العراق وأفغانستان.
وترى جهات إعلامية غربية، أن الإعلان عن الصدور يتصادف مع إعلان إدارة أوباما، أنها دمرت تنظيم القاعدة المركزي خلال غارات بطائرات من دون طيار، في منطقة الحدود بين أفغانستان وباكستان.
المجلة هي الأولى من نوعها باللغة الإنكليزية من قبل "القاعدة المركزية"، على الرغم من وجود مجلة "إنسباير" الإلكترونية التي تصدر بالإنكليزية إضافة إلى اللغة العربية، وهي محسوبة على مجموعة القاعدة في الجزيرة العربية، مجموعة أنور العولقي الأميركي المولد الذي قتل في اليمن عام 2011. واعتبر كثيرون في السابق أن الموقع يعد أبرز الجهات للنقاش مع أفكار القاعدة باللغة الإنكليزية، إلا أن الموقع، اتهم أيضا بالتحريض على القتل من خلال نشر بعض اقتراحات متطرفة مثل صنع قنابل محلية.
رأي المختصين: توسعة المؤيدين؟
يرى د. عبدالرحمن الحاج الباحث في حركات الإسلام السياسي، أن القاعدة بدأت تدرك أهمية "صورتها" وأهمية مخاطبة الشعوب الغربية، وتريد أن توسع من تأثير خطابها وتوسع من حجم مؤيديها. فالقاعدة عجزت عن تقديم خطاب إعلامي وسياسي يواكب تطور الثورات العربية، وعلى العكس من ذلك، بدت إلى حد كبير غير مكترثة بتطلعات الشعوب قدر اكتراثها بالدولة التي يتطلعون إليها.
ويعتقد أن القيادات التقليدية للقاعدة الأم عموماً، فقدت التأثير المباشر وبات تأثيرها رمزياً .. بالتأكيد هنالك محاولة لإعادة تأسيس مرجعيتها من خلال خطاب إعلامي أكثر مرونة نسبياً. ومن خلال المجلة الإنكليزية، نحن أمام توجه نحو جمهور كثيرا ما تم تجاهله بشكل مباشر للتأثير على المتشددين في الغرب أو الناطق بالإنكليزية.
عموماً، فشلت القاعدة في تقديم خطاب إعلامي مقبول على نطاق واسع، والكلام للحاج، فاللغة الدينية المستخدمة بقدر ما هي جذابة للمتشددين هي منفرة للآخرين.
تعيش القاعدة محنة الآن، فلأول مرة تقتتل القاعدة مع نفسها، ويفجر أعضاؤها أنفسهم في "أخوانهم".. قد يكون في الخطاب باللغة الإنكليزية أيضاً نوع من الهروب إلى الأمام، بمعنى الهروب من الأزمة في قلب بلاد المسلمين العربية وتصديرها إلى الخارج.
أخيرا يرجح عبدالرحمن الحاج الفشل في الوصول إلى الجمهور المستهدف من خلال هذه المجلة.
من جهته، يعتقد ماغنوس رانستورب خبير الإرهاب في كلية الدفاع الوطني السويدية، أن هذا الاختيار الإعلامي "لافت" لأنه يلعب على استقطاب الشباب من المجتمعات المهاجرة واستخدام التوتر الاجتماعي الذي يعيشونه لتبرير العنف، مثل الشعور بكونهم ضحايا، وهو يعزز مقولة المتطرفين حول أن الغرب في حرب مع الإسلام. ويضيف رانستورب أن "استخدام اللغة الإنكليزية يعني أن المجلة موجهة إلى الجيل الثاني والثالث من المهاجرين في الدول الغربية".
ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺇﻋﻼﻡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ
هل تستغل القاعدة كل التقنيات الحديثة في الوصول إلى الرأي العام؟ هل كانت تجيد استخدام التقنيات الحديثة، عندما أسست لتقاليد إرسال رسائلها عبر الفيديوهات لكسر الخطاب الإعلامي الرسمي والوصول إلى مخاطبة الجمهور؟
يشير كتاب "دور الإعلام الجديد في انتشار ظاهرة الإرهاب" تأليف فليب سيب ودانا جانبك، إلى ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟتي اعتمدها ﺯﻋﻴﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ "ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﻻﺩﻥ" ﻗﺒﻞ ﺭﺣﻴﻠﻪ، فيقول إن ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺇﻋﻼﻡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ تأسست ﻋﺎﻡ 1988، ﻛﺠﺰﺀ ﻣﻦ الهيكل ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ للقاعدة ﺑﻐﺮﺽ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﺀ ﺑﺎلمجاهدين في ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧوا يحاربون الاتحاد السوفياتي. غير ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ تحوﻟﺖ إلى الهجوم ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ المتحدة ﺍﻷميرﻜﻴﺔ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ المملكة ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ.
ﻭﻗﺪ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ، ﻭغيرﻫﺎ ﻣﻦ ﺍلمنظمات ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ في ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺄثير في ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺔ "ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ﻟﻺﻧﺘﺎﺝ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ" التي يعتقد أنها انطلقت عام 2001، والجبهة ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌالمية. كذلك"ﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ" التي ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻮﺯﻳﻊ ﺇﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋبر ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﻋلى جميع الموﺍقع في أنحاء العالم. ﻭﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﺘﻢ ترجمة المواد ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ إلى ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ. كما ﺩﺷﻨﺖ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻣﻮﻗﻊ "ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ" ﻋلى ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻋﺎﻡ 2002، ﻟﻨﺸﺮ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﺎ ﺣﻮﻝ ﻋﻤﻠﻴﺎتها ﺇﺑﺎن الحرب في ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ.