وتحرص المدارس في حيفا على توجيه الطلاب من مراحل نهاية الابتدائية إلى الثانوية، بهدف توفير حصانة لهم من أي استغلال أو وقوع في فخ التنمر الإلكتروني، باستقدام محاضرين مختصين مهمتهم التوعية بكيفية استغلال الإنترنت والتقنيات المتعلقة به، وسبل الحماية من اعتداءات ممكنة.
إيلي بدران، اختصاصيّ في مجال الإعلام الرّقميّ، هو أحد المحاضرين الذين يضطلعون بهذه المهمة بشقّيها: النّظري والعملي، ويقول لـ"العربي الجديد": "أقدم نوعين من المحاضرات التوعوية، النوع الأول يشمل المحاضرات الموجهة لذوي الطلاب مع المعلمين، ويكون فحواها عن كيفية استخدام الإنترنت، والمشاكل التي يواجهها المعلمون وذوو الطلاب بشكل عام، والتطرق إلى الحلول البسيطة المتبعة. أما محاضرة الطلاب فتتركز على الخصوصية في الإنترنت وكيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعية بالإيجاب والسلب، والتشديد على أهمية أن كل ما يكتب في مواقع التواصل الاجتماعي هو مخلد للأبد ولا يمحى".
وأوضح بدران أنه يركز أيضا على توضيح خطورة التنمر، وهو الاعتداء المتكرر المقصود عن طريق وسائل الإعلام الاجتماعية ومدى تأثيرها على الأفراد والمنظمات والمجتمعات، لافتا إلى أن التنمر الإلكتروني يمكن أن يؤثر سلبا على الصحة العقلية والجسدية للطالب.
ويواجه ضحايا التنمر عزلة اجتماعية كبيرة والشعور بعدم الأمان. كما ويؤدي التنمر إلى ضرر نفسي وجسدي، وفقدان الثقة بالنفس، والخجل والقلق وغياب التركيز والعسر التعلمي، وأحيانا يؤدي إلى الانتحار، بحسب المتحدث.
أما في حالة المعتدي، "يمكن أن تساهم في تطور السلوك المعادي للمجتمع أو الانخراط جنائيا، إضافة إلى خلق بيئة صعبة وغير آمنة سواء كان ذلك في العمل أو في البيت"، يقول بدران.
ولم يخف المحاضر النقص الحاد بالمختصين العرب في هذا المجال، تكون مهمتهم إعطاء محاضرات داخل المدارس العربية بجميع المناطق عامة، لرفع الوعي بقضية التنمر واستخدام الإنترنت الآمن. ويشدد على أنه "يجب أن تكون هذه المحاضرات بطريقة تربوية ممنهجة، مع مختصين في المجال مع عرض حلول للمشاكل القائمة، بدل أسلوب التهديد والترهيب والتخويف".
من جهتها، قالت الناشطة في جمعية التطوير الاجتماعي، فيحاء عوض، لـ"العربي الجديد": إنّ "مشروع التنمر الإلكتروني توعوي شامل في المدارس العربية الحيفاوية، أطلقته الجمعية منذ سنتين. وهدفه رفع الوعي بهذه الظاهرة والتصدي لها من خلال ورشات عمل للطلاب بشقيها التقني والعملي حول موضوع الخصوصية وكيفية استعمال الشبكة، والحد من العنف بشبكات التواصل الاجتماعي، بالاضافة إلى محاضرات وورشات عمل للأهالي يقدمها أخصائيون في مجال الميديا والإعلام الاجتماعي حول أساليب تربوية، لكيفية التعامل مع الأبناء والطلاب في حال التعرض للتنمر ومنعه قبل الوقوع فيه".
وأضافت أنه "سيتوج مشروع التنمر الإلكتروني خلال الشهر الجاري بيوم دراسي للمعلمين يجمع ما بين طواقم المدارس في حيفا، وإصدار رزمة فعاليات تربوية تساعد المعلمين على إقامة فعاليات صفية خلال الدوام يمكنهم تمريرها للطلاب حول الاستخدام الآمن للشبكة، وبالتالي العمل بشكل منفرد في المدارس لتفعيل هذة الرزمة ورفع الوعي".
وتشير معطيات عامة حول استخدام الإنترنت في المجتمع الفلسطيني بالداخل، إلى أن 89 بالمائة من الإسرائيليين يستخدمون الإنترنت، مقابل 78 بالمائة من العرب الفلسطينيين بالداخل. كما أن أكثر من ستين بالمائة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي ويدخلون إليها أكثر من ثلاث مرات في اليوم.
أما عن استخدام البريد الإلكتروني، فأقل من خمسين بالمائة من الفلسطينيين في الداخل يستخدمونه، وعشرون بالمائة يدفعون الحسابات والفواتير عن طريق مواقع إلكترونية "أون لاين" للدوائر الحكومية كالضرائب مثلا.