وتحولت محافظة الأنبار، التي تعادل ثلث مساحة العراق الإجمالية؛ خلال الأشهر القليلة الماضية إلى أَشبه بورشة عمل ضخمة، إذ تُجرى عمليات تأهيل وإنشاءات على مستوى البنى التحتية في المحافظة، وكذلك ترميم المنشآت المدمرة، عبر جهود ذاتية لحكومتها المحلية وصندوق إعادة الإعمار، مع تراجع واضح في مؤشر الفساد مقارنة بمحافظات أخرى.
إلا أنّ المشكلة الرئيسة التي لا تزال تعاني منها المحافظة هي تنصل الحكومة الاتحادية في بغداد من وعود تعويض المواطنين عن منازلهم المدمرة، أو دفع تعويضات عن الأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية التي كبدت السكان خسائر ضخمة في الأرواح بلغت عشرات آلاف الضحايا والمصابين، فضلاً عن المختفين الذين لم يُعرف مصيرهم حتى الآن.
وفي لقاء مع "العربي الجديد"، بمكتبه في مدينة الرمادي العاصمة المحلية للأنبار، قال الدليمي إنهم "يعولون على تعديل قانون التعويضات الذي أقره البرلمان، أخيراً، من أجل حل المشكلة".
وأشار إلى أن "عدد المشمولين بالتعويضات، بالنسبة للذين تضرروا من احتلال داعش أو العمليات العسكرية، كبير جداً"، مبيناً أن "قانون رقم 20 الخاص بالتعويضات لم يكن يتناسب مع العدد الكبير للضحايا المشمولين بالقرار، لكن بعد تغيير بعض الفقرات من قبل البرلمان ننتظر الآن تطبيقه على الواقع". وأكد أن "الملف بشكل عام لا يلبي الطموح، لكن الأعداد الكبيرة في المحافظة وفي الموصل وفي ديالى وفي بغداد وفي تكريت أثّرت على نسبة المعوَّض عليهم من أبناء المحافظة".
وبيّن الدليمي أنّ "الدمار الذي تعرضت له الأنبار طاول بنى تحتية موجودة منذ تأسيس المحافظة بشكلها الحالي عام 1930. وبلغت نسبة الدمار أكثر من 80 في المائة على مستوى البنى التحتية بدعم من صندوق إعادة الإعمار ومنظمات المجتمع الدولي وكذلك موازنة المحافظة المتواضعة".
على صعيد آخر، رفض الدليمي توجيه أي اتهام مسبق بشأن سلسلة المقابر الجماعية التي عثر عليها، أخيراً، حول الفلوجة بمناطق لم يحتلها "داعش"، أو في مناطق بأعالي الفرات ويعتقد أنها لضحايا تم اختطافهم من قبل مليشيات مسلحة، قائلاً إنه "لا يتهم أي جهة، فالمدينة كانت خاضعة لسيطرة "داعش"، وهناك لجان كبيرة تشكلت من وزارة الداخلية والصحة ولجان متخصصة في هذا الموضوع، وأعتقد أن هذه اللجان توصلت إلى نتائج أمام الحكومة العراقية الآن".
وقال أيضاً إنّ "ملف آلاف المختطفين من سكان محافظة الأنبار في الرمادي وهيت والصقلاوية والفلوجة، هو ملف معروف على مستوى البرلمان والحكومة المركزية وهناك إجراءات من قبل الحكومة المحلية وأيضاً المنظمات الدولية".
وعن عودة النازحين، أوضح أن "أبرز أسباب عدم عودتهم إلى مدنهم خاصة في المناطق الغربية، يعود إلى نقص الخدمات والعبوات الناسفة والدمار في المنازل والمخلفات العسكرية المختلفة وبالتالي لا توجد إمكانية لإعادة النازحين في تلك المناطق مثل بعض مناطق راوة ومناطق أخرى في القائم"، معتبراً أن "ملف النازحين شهد تقدماً من حيث تناقُص أعدادهم بالمحافظة".
معبر عرعر مغلق بأمر سعودي
وعن تأخر فتح معبر عرعر مع السعودية، قال الدليمي إن "الطموح كان أن يُفتح المعبر في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي وبشكل رسمي بعد انتهاء العمل والتأهيل بالمعبر، وجرى تحديد أكثر من موعد افتتاح بعدها كونه جاهزاً عملياً وقانونياً لبدء العمل"، مستدركاً: "لكن التأجيل جاء من الجانب السعودي، وقد يكون ذلك بسبب الأحداث التي مر بها العراق منذ بدء التظاهرات بشكل خاص والوضع الأمني بشكل عام".
وكشف الدليمي عن خبر طال انتظاره في الأنبار بما يتعلق بـ"القصاصة الأمنية"، وهي بمثابة جواز مرور السكان بين مدينة وأخرى، وتسبب تعطلاً لهم لساعات طويلة على منافذ دخول المدن قائلاً: "كان هناك اجتماع مع قائد عمليات الأنبار (الجيش) وتقرر أن ترفع القصاصة الأمنية في الرمادي والفلوجة وسترفع تباعاً، كذلك حظر التجوال أيضاً سيكون هناك رفع للحظر بشكل كامل في الفلوجة والرمادي والمناطق غير الحدودية (مع المحافظات الأخرى)، ونشعر بأن الوضع الأمني جيد اليوم"، مؤكداً بالوقت ذاته أن حل مجلس محافظة الأنبار من قبل البرلمان كان من الإيجابيات الكبيرة.