للمرة الرابعة منذ اعتقاله قبل نحو عشرين يوما، مددت محكمة الصلح الفلسطينية في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، اليوم الخميس، اعتقال المخرج والفنان عبد الرحمن الظاهر لمدة 15 يوما أخرى، بناء على طلب النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
وعلى خلاف المرة الماضية، فقد تم عرض الظاهر الذي يُحاكم بتهمة "ذم السلطة"، أمام القاضي في ساعة مبكرة، حيث جددت النيابة طلبها باستمرار اعتقاله، لحين انتهاء التحقيقات، بعد أن قدمت محاضر جديدة لجلسات التحقيق معه، حيث استجاب القاضي لمطلبها.
وقالت رشا السايح زوجة الظاهر لـ"العربي الجديد": "لقد تحدثت مع عبد الرحمن لأقل من دقيقة داخل الجلسة، وكان بحالة صحية سيئة، وبدا عليه التعب والإرهاق الشديد، حيث أبلغني أنه عُرض بالأمس، لأول مرة منذ اعتقاله على طبيب السجن، الذي أوصى بعرضه على لجنة طبية نظرا لوضعه الصحي".
وتابعت: "سنعمل من خلال المحامي على تقديم طلب إخلاء سبيل لعبد الرحمن يوم الأحد القادم، لكن ذلك يتطلب تحركات نقابية وحقوقية واسعة لتشكيل حالة ضاغطة على الجهات المختصة".
وحول موقف نقابة الصحافيين من اعتقاله، قالت السايح في تصريحات صحافية: "زوجي يعمل صحافياً منذ سنوات، وقد توجهنا إلى نقابة الصحافيين للدفاع عنه وإصدار بيانات تدين اعتقاله، إلا أن ذلك قوبل بالرفض، بذريعة أنه لا يحمل عضوية خاصة بالنقابة، وهي محاولة لعدم الوقوف بجانبه، فزوجي لديه عضوية سابقة".
وتابعت: "عبد الرحمن فنان منتمٍ ولا يسيء لوطنه، ولا يجب أن يتم اعتقاله تحت أي سبب كان، وما انتقاده إلا تحت مبدأ حرية الرأي والتعبير".
ونظم صحافيون وسياسيون اعتصاماً ووقفة احتجاجية ضد الاستمرار باعتقال الظاهر، من بينهم النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المنحل حسن خريشة ووزير الأسرى الأسبق وصفي قبها.
ورفع المشاركون لافتات تحض على تعزيز حرية الرأي ورفض ملاحقة الناشطين على خلفية مواقفهم السياسية.
وفي وقتٍ سابق، اعتبرت مجموعة "محامون من أجل العدالة"، في بيانٍ لها، أنّ "استمرار توقيف الظاهر حتى اللحظة مخالف للقانون الأساسي الفلسطيني الذي كفل حرية الرأي والتعبير، وأن ما يُنسب للظاهر لا يخرج عن كونه ممارسة طبيعية لحرية الرأي والتعبير".
وأشارت المجموعة إلى أنّ "توقيف الظاهر تعسفي، وهو استمرار لنهج الملاحقة غير المبررة التي تستهدف إقصاء الناشطين ومصادرة حقهم في التعبير عن الرأي والانتقاد المشروع".
واعتقل جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الظاهر من أمام جامعة النجاح في مدينة نابلس، حيث يعمل موظفاً في مركز الإعلام، وحُوّل ملفه إلى اللجنة الأمنية المشتركة التي تضم ممثلاً عن كل الأجهزة الأمنية.
وكان الظاهر قد انتقد السلطة في منشور عبر حسابه على "فيسبوك"، في الرابع عشر من الشهر الجاري، بشأن الهجوم الذي شنته على دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد إشهارها التطبيع مع الاحتلال، قائلاً: "إن آخر من يحق له التعليق هو السلطة الفلسطينية، على أي دولة شقيقة تقيم علاقات سلام أو علاقات تجارية مع الاحتلال".
من جانبه، أكد ممثل الدفاع عن مجموعة "محامون من أجل العدالة"؛ وفق بيان للمجموعة اليوم، أن التحقيق الذي يجري مع الظاهر في الملف كان آخره يوم أمس، وتمثل في استجوابه للمرة الثالثة أو الرابعة، وتضمن تركيز النيابة العامة في هذا الاستجواب على أنشطة الظاهر التي كان يجريها بحكم عمله كصحافي وفنان ضمن برنامج زينكو وغيره، في الأعوام 2016 و2017، وما تضمنته تلك البرامج من محاكاة للواقع الفلسطيني وانتقادات لسياسيين.
وأشارت "محامون من أجل العدالة" إلى أن النيابة العامة وفي استجواب سابق في هذا الملف كانت قد حققت مع الظاهر في تعريف ومفهوم حرية الرأي والتعبير من منظوره، فيما أشارت "محامون من أجل العدالة" أن ذلك تعتبره انحرافاً جوهرياً عن مسار القضية التي تم توقيف الظاهر بخصوصها، سيّما وأن التحقيق في تهم ساقطة بالتقادم لمرور الزمن المانع من قبولها لا يستقيم مع القوانين والأنظمة المعمول بها ومقتضيات "العدالة الناجزة" التي تسعى إليها النيابة العامة بوصفها ممثلاً للحق العام.
ودعت "محامون من أجل العدالة"، المؤسسات الرسمية والحقوقية إلى ضرورة وقف الاعتداء الحاصل على الحريات الشخصية المكفولة بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، ولجم التدخلات الخارجية التي تؤثر على أداء الجهاز القضائي.