منذ طفولته لاحظ والدا الفنان محمد آل رشي حبه للموسيقى، فكان صوت الناي وسيلتهم لإيقافه عن البكاء. اكتشفوا ذلك في إحدى الأمسيات العائلية حين عزف صديق العائلة الموسيقي عبد السلام سفر على نايه ليدهش الجميع بتوقف محمد عن البكاء والاستماع إلى العزف حتى انتهائه، ومع مرور السنين لم يخف على والده أن محمد يمتلك أذناً موسيقية تلتقط النغمات والإيقاعات بسرعة.
الموسيقى والتمثيل
تابع شغفه بالموسيقى، فطلب من والده أن يشتري له غيتارا وبدأ يتدرب لوحده بكل إصرار لإتقان العزف على هذه الآلة، قرر ترك مقاعد الدراسة في مرحلة التعليم الثانوي مفاجئا والديه بهذا القرار"أخبرتهم حينها بأني لا أجد جدوى من إكمال دراستي وذلك لعدم وجود كليات أو معاهد تناسب تطلعاتي وبسبب نظام التعليم القمعي في سورية، لم أترك لهم خيارا حينها، أقنعتهم بأني لا أحب دراسة أي فرع من فروع الجامعة وبأني أود التفرغ للعزف على الغيتار".
تعرف حينها على الموسيقي خالد خالد تدربا معا وشكلا فرقة صغيرة لتنضم إليهم فيما بعد حلا عمران كمغنية. لم تكن أجواء الفن بعيدة عن حياة محمد آل رشي فقد رافق والده الفنان القدير عبد الرحمن آل رشي كثيرا إلى موقع التصوير. شكلت تجربة المعهد المسرحي الصدمة الأولى في حياة محمد، إذ دخله ذاك الشاب الحالم الذي يعشق المثاليات وتجذبه الصور الوردية في الحياة، لتتكسر تلك الصور شيئا فشيئا على عتبة المعهد وداخل جدرانه، "المعهد كان احتكاكي الأول الحقيقي بالواقع، كنت خجولا جدا وتلك كانت مشكلة إلى أن بدأت شيئا فشيئا أعود إلى الواقع وأفهم ما يحدث حولي، الأساتذة هناك كانوا ديكتاتوريين بعض الشيء فكنا كطلاب نقع بمطب محاولة إرضاء الأستاذ من خلال المشاهد التي نقدمها، مما يجعلنا نفكر بما يحبه الأستاذ بدلا من تقديم ما نحبه نحن، وبذلك نفقد المتعة التي هي برأيي شرط أساسي للإبداع".
ولكن وبنفس الوقت وجد محمد في المعهد فرصة حقيقية له في الكثير من الأحيان للقراءة والبحث والتجريب، وفرصة لتطوير أدواته كممثل.
تخرج محمد آل رشي من قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1995 بعرض "خادم سيدين" لغولدوني بإشراف الفنان جمال سليمان، ليكون دخوله الوسط الفني فيما بعد بمثابة صدمة ثانية في حياته "تخرجت وفي مخيلتي صورة مختلفة عن الفن لاكتشف مع الوقت أن أفكاري كانت خيالا محضا لا شبه بينها وبين واقعنا الفني، فمعظم عملنا كممثلين يكون في التلفزيون وكونه بطبيعته مكانا تجاريا فنادرا ما تسنح الفرصة للممثل أن يقدم نفسه بشكل مميز".
شارك محمد بالعديد من المسلسلات لعل أهمها "حمام القيشاني" إخراج هاني الروماني و"صلاح الدين الأيوبي" إخراج حاتم علي و"الانتظار" و"أهل الغرام" إخراج الليث حجو و"الظاهر بيبرس" إخراج محمد عزيزية، إلا أنه ومع مرور الوقت اكتشف بأن المسرح يشبهه أكثر رغم عمله بعدة عروض مسرحية لم تشبع شغفه لتشابه آليات العمل فيها بآليات العمل التلفزيوني إلى أن شارك بمسرحية " المهاجران" تأليف البولندي سوافومير مروجيك ترجمة وإخراج سامر عمران ودراماتورجيا أسامة غنم.
يعمل الفنان محمد آل رشي اليوم على ترجمة نص" الغرب المتوحش" بالتعاون مع صديقه وزميل دراسته الفنان رمزي شقير على أمل إنتاجه قريبا وبدء التدريب عليه مع ممثلين سوريين.
إقرأ أيضاً:لاجئون سوريون في مهرجان كولن التنكري
الثورة السورية
أثر موقفه من الثورة السورية على علاقته بوالده، فكما الكثير من أبناء جيله لم يرد الفنان عبد الرحمن آل رشي لابنه التورط بما يجري بدافع الخوف عليه ولمعرفته بما يمكن لهذا النظام أن يفعله بمن يختلف معه، يقول "كان والدي يعتبر تدخلي بمثابة ورطة، اختلفنا كثيرا ولكني كنت أكيدا أن كل ما يقوله نابع من خوفه علي، فكل من عرفه كان يعرف تماما رأيه الحقيقي بالنظام السوري ومعارضته الدائمة له، وأكبر دليل أنه في لحظاته الأخيرة على فراش الموت كان يردد جملة واحدة " بدن يقتلوه لمحمد"، تشاجرنا كثيرا فأنا لم أستطع أن أسايره في ما يقول وهو لم يعترف بأن ما يقوله كان نابعا فقط من خوفه علي، والدي كان من جيل عاش حياته بطريقة مختلفة كان الصمت عنوانها، اليوم أفهمه تماما فقد حاول أن يعيش حياته بأقل الخسائر ولم يرغب كما أبناء جيله بأن يحل الدمار في آخر لحظة".
انتشرت الكثير من الإشاعات حينها بأن والده تبرأ منه، إلا أن محمد أصر على نفيها دوما، "تلك رواية عارية عن الصحة أطلقها النظام أو ربما شبيحته كأداة للضغط علي وكمحاولة لإذلالي حينها".
اقتحم الأمن السوري منزله في دمشق مرتين، لم يجدوه في المرة الأولى إلا أنه لا ينسى صوت ابنته جودي الذي وصله مرتجفا عبر الهاتف وهي تخبره بأنهم هناك بالعشرات بعتادهم الكامل يبحثون عنه، ليعتقلوه في المرة الثانية ويسوقوه إلى أحد الأفرع الأمنية في دمشق،"اعتقلت لمدة ثلاثة أيام كانت فترة قصيرة لم أتعرض خلالها لما تعرض له المعتقلون السوريون، إلا أن هذه التجربة تركت بالغ الأثر في نفسي، تجربة بشعة بكل تفاصيلها. وأبشع ما فيها أنهم أعتقلوني أمام بناتي وزوجتي وما زالت تعابير وجوههم الخائفة يومها عالقة في ذاكرتي حتى اليوم".
بعد كل الضغوط والتهديدات التي تعرض لها محمد من الأمن وشبيحة النظام في دمشق قررالانتقال مع عائلته إلى بيروت حيث أقام فيها فترة من الزمن، ولا تزال تلك الفترة عالقة في ذاكرته رغم رحيله عنها، "كنت أتخيل أنه من الممكن لبيروت أن تصبح مدينتي بعد دمشق، إلا أن أملي فيها خاب، ليس بسبب أهلها بل بسبب السياسة التي حصرت الناس هناك بممرات ضيقة وبشعة، انقسام اللبنانيين مؤلم ومحزن، نحن لدينا ديكتاتور أما هم فلديهم عشرات الديكتاتوريين".
إقرأ أيضاً:أبو مرزوق في العناية واختناق أبو عصام
يعيش محمد اليوم مع عائلته في فرنسا بمدينة مرسيليا، اختار تلك المدينة لوجود أصدقاء مقربين له فيها شجعوه على المجيء إليها بعد كل ما تعرض له من ضغوطات وتهديدات من الأمن السوري.
الموسيقى والتمثيل
تابع شغفه بالموسيقى، فطلب من والده أن يشتري له غيتارا وبدأ يتدرب لوحده بكل إصرار لإتقان العزف على هذه الآلة، قرر ترك مقاعد الدراسة في مرحلة التعليم الثانوي مفاجئا والديه بهذا القرار"أخبرتهم حينها بأني لا أجد جدوى من إكمال دراستي وذلك لعدم وجود كليات أو معاهد تناسب تطلعاتي وبسبب نظام التعليم القمعي في سورية، لم أترك لهم خيارا حينها، أقنعتهم بأني لا أحب دراسة أي فرع من فروع الجامعة وبأني أود التفرغ للعزف على الغيتار".
تعرف حينها على الموسيقي خالد خالد تدربا معا وشكلا فرقة صغيرة لتنضم إليهم فيما بعد حلا عمران كمغنية. لم تكن أجواء الفن بعيدة عن حياة محمد آل رشي فقد رافق والده الفنان القدير عبد الرحمن آل رشي كثيرا إلى موقع التصوير. شكلت تجربة المعهد المسرحي الصدمة الأولى في حياة محمد، إذ دخله ذاك الشاب الحالم الذي يعشق المثاليات وتجذبه الصور الوردية في الحياة، لتتكسر تلك الصور شيئا فشيئا على عتبة المعهد وداخل جدرانه، "المعهد كان احتكاكي الأول الحقيقي بالواقع، كنت خجولا جدا وتلك كانت مشكلة إلى أن بدأت شيئا فشيئا أعود إلى الواقع وأفهم ما يحدث حولي، الأساتذة هناك كانوا ديكتاتوريين بعض الشيء فكنا كطلاب نقع بمطب محاولة إرضاء الأستاذ من خلال المشاهد التي نقدمها، مما يجعلنا نفكر بما يحبه الأستاذ بدلا من تقديم ما نحبه نحن، وبذلك نفقد المتعة التي هي برأيي شرط أساسي للإبداع".
ولكن وبنفس الوقت وجد محمد في المعهد فرصة حقيقية له في الكثير من الأحيان للقراءة والبحث والتجريب، وفرصة لتطوير أدواته كممثل.
تخرج محمد آل رشي من قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1995 بعرض "خادم سيدين" لغولدوني بإشراف الفنان جمال سليمان، ليكون دخوله الوسط الفني فيما بعد بمثابة صدمة ثانية في حياته "تخرجت وفي مخيلتي صورة مختلفة عن الفن لاكتشف مع الوقت أن أفكاري كانت خيالا محضا لا شبه بينها وبين واقعنا الفني، فمعظم عملنا كممثلين يكون في التلفزيون وكونه بطبيعته مكانا تجاريا فنادرا ما تسنح الفرصة للممثل أن يقدم نفسه بشكل مميز".
شارك محمد بالعديد من المسلسلات لعل أهمها "حمام القيشاني" إخراج هاني الروماني و"صلاح الدين الأيوبي" إخراج حاتم علي و"الانتظار" و"أهل الغرام" إخراج الليث حجو و"الظاهر بيبرس" إخراج محمد عزيزية، إلا أنه ومع مرور الوقت اكتشف بأن المسرح يشبهه أكثر رغم عمله بعدة عروض مسرحية لم تشبع شغفه لتشابه آليات العمل فيها بآليات العمل التلفزيوني إلى أن شارك بمسرحية " المهاجران" تأليف البولندي سوافومير مروجيك ترجمة وإخراج سامر عمران ودراماتورجيا أسامة غنم.
يعمل الفنان محمد آل رشي اليوم على ترجمة نص" الغرب المتوحش" بالتعاون مع صديقه وزميل دراسته الفنان رمزي شقير على أمل إنتاجه قريبا وبدء التدريب عليه مع ممثلين سوريين.
إقرأ أيضاً:لاجئون سوريون في مهرجان كولن التنكري
الثورة السورية
أثر موقفه من الثورة السورية على علاقته بوالده، فكما الكثير من أبناء جيله لم يرد الفنان عبد الرحمن آل رشي لابنه التورط بما يجري بدافع الخوف عليه ولمعرفته بما يمكن لهذا النظام أن يفعله بمن يختلف معه، يقول "كان والدي يعتبر تدخلي بمثابة ورطة، اختلفنا كثيرا ولكني كنت أكيدا أن كل ما يقوله نابع من خوفه علي، فكل من عرفه كان يعرف تماما رأيه الحقيقي بالنظام السوري ومعارضته الدائمة له، وأكبر دليل أنه في لحظاته الأخيرة على فراش الموت كان يردد جملة واحدة " بدن يقتلوه لمحمد"، تشاجرنا كثيرا فأنا لم أستطع أن أسايره في ما يقول وهو لم يعترف بأن ما يقوله كان نابعا فقط من خوفه علي، والدي كان من جيل عاش حياته بطريقة مختلفة كان الصمت عنوانها، اليوم أفهمه تماما فقد حاول أن يعيش حياته بأقل الخسائر ولم يرغب كما أبناء جيله بأن يحل الدمار في آخر لحظة".
انتشرت الكثير من الإشاعات حينها بأن والده تبرأ منه، إلا أن محمد أصر على نفيها دوما، "تلك رواية عارية عن الصحة أطلقها النظام أو ربما شبيحته كأداة للضغط علي وكمحاولة لإذلالي حينها".
اقتحم الأمن السوري منزله في دمشق مرتين، لم يجدوه في المرة الأولى إلا أنه لا ينسى صوت ابنته جودي الذي وصله مرتجفا عبر الهاتف وهي تخبره بأنهم هناك بالعشرات بعتادهم الكامل يبحثون عنه، ليعتقلوه في المرة الثانية ويسوقوه إلى أحد الأفرع الأمنية في دمشق،"اعتقلت لمدة ثلاثة أيام كانت فترة قصيرة لم أتعرض خلالها لما تعرض له المعتقلون السوريون، إلا أن هذه التجربة تركت بالغ الأثر في نفسي، تجربة بشعة بكل تفاصيلها. وأبشع ما فيها أنهم أعتقلوني أمام بناتي وزوجتي وما زالت تعابير وجوههم الخائفة يومها عالقة في ذاكرتي حتى اليوم".
بعد كل الضغوط والتهديدات التي تعرض لها محمد من الأمن وشبيحة النظام في دمشق قررالانتقال مع عائلته إلى بيروت حيث أقام فيها فترة من الزمن، ولا تزال تلك الفترة عالقة في ذاكرته رغم رحيله عنها، "كنت أتخيل أنه من الممكن لبيروت أن تصبح مدينتي بعد دمشق، إلا أن أملي فيها خاب، ليس بسبب أهلها بل بسبب السياسة التي حصرت الناس هناك بممرات ضيقة وبشعة، انقسام اللبنانيين مؤلم ومحزن، نحن لدينا ديكتاتور أما هم فلديهم عشرات الديكتاتوريين".
إقرأ أيضاً:أبو مرزوق في العناية واختناق أبو عصام
يعيش محمد اليوم مع عائلته في فرنسا بمدينة مرسيليا، اختار تلك المدينة لوجود أصدقاء مقربين له فيها شجعوه على المجيء إليها بعد كل ما تعرض له من ضغوطات وتهديدات من الأمن السوري.