ما هي أمنية فتاة يافعة، جميلة وانتحارية، في آخر تسعين ثانية قبل موتها في محطة قطار في بغداد؟ هذه هي قصة فيلم "المحطة" الذي يستعدّ المخرج العراقي محمد الدراجي (1978) بدء تصويره في الشهور القليلة القادمة.
ويتناول الفيلم ما يعتمل في بال حياة، وهي فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها، من تساؤلات وأفكار، وما تلمحه عيناها من مشاهدات، عندما تجد نفسها في وسط محطة القطار في بغداد لهدف محدّد جاءت من أجله.
يقول، الدراجي لـ"العربي الجديد"، إنه يسعى من خلال عمله السينمائي إلى "التأسيس لصناعة سينمائية عراقية مرة أخرى بعد أن غيّبها ركام الحروب والعنف". وفعلاً يُحسد الدراجي على طاقته العجيبة في إنتاجه الدؤوب. تماهت حرفته مع الوجع، فأولى تجاربه انبثقت من رحم الخراب، وهيمنة عدوى القتل، والسرقة في شوارع بغداد. فيلمه الروائي الطويل الأول "أحلام" الذي أنجزه بعد عودته إلى العراق في 2003، صوّره في مواقع تلتهب بجمر الحرب ودخانها.
متاعب الدراجي لم تتوقف عند ما يعترضه في بلد مرهَق كالعراق، بل امتدت لتطال أعماله، ففيلمه "تحت رمال بابل" الذي حصد "جائزة أفضل فيلم عربي" في "مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي" عام 2013، اصطدم بإيقاف عرضه ما إن دخل العراق.
ولأجل صناعة سينمائية احترافية، أسّس الدراجي، مع صديقه المخرج عدي رشيد، "المركز السينمائي المستقل" في بغداد، بعد انطلاقته في المملكة المتحدة وهولندا. المركز الذي يحتوي مكتبة سينمائية وغرف لإقامة ورش عمل، وقاعات للمونتاج والمكساج، أنتج عدداً من الأفلام القصيرة، ويقدّم دورات سينمائية مجانية.
رغم كل شيء يبدو الدراجي متفائلاً: "في السنوات الماضية ظهرت مجموعة أفلام عراقية قصيرة على مستوى عالي من الجودة والحرفة، وذلك يعود إلى مقاييس من الصرامة في العين الشبابية التي راقبت السينما ملياَ وقدمتها كحياة في بلد منهك".
ويذكر أن الدراجي درس الإنتاج السينمائي والتلفزيوني في "أكاديمية وسائل الإعلام" في هيلفيرسيم بهولندا، ليكمل درجتي الماجستير في التصوير السينمائي والإخراج في "كلية السينما الشمالية" في بريطانيا.