"سندروم الديموقراطية"، "تزلج"، "شوارع عمّان"، "صوّر نفسك"، هذه عناوين لمشاريع فوتوغرافية نفذها المصور الفلسطيني محمد زكريا، والتي تتيح استنباط المزاج الذي تشتغل فيه عدسة الفنان، وها هو يضيف إليها عنواناً جديداً وهو "تذكار"، وتحت هذه الكلمة تنضوي مجموعة من الأعمال التي تعرض حالياً في "دارة الفنون" في عمّان حتى نهاية الشهر الحالي.
أعمال زكريا هنا تبتعد عن مشاريعه السابقة، حيث يقترب أكثر من الألوان بعد أن كان مأخوذاً بالأسود والأبيض كما يبتعد عن التصوير الخالص ليجرّب في الكولاج والرسم، مثلما يميل إلى التجريد بدلاً من الصور المباشرة والواقعية.
ينطلق زكريا من جملة للناقد البريطاني الراحل جون بيرجر؛ "قرّرت بأن المشاهدة تستحق التسجيل"، ليبني مجموعة أعماله الجديدة، إذ يرى في الصور "تجميع لتذكارات افتراضيّة"، وفق ما يقول في بيان المعرض.
الصور جرى التقاطها في عدّة بلدان، هي: الأردن ولبنان وبلجيكا والدنمارك وإيطاليا التي مكث فيها فترة ضمن إقامة فنية في مدينة مودينا.
ومثلما يفعل الكاتب في أدب الرحلات، إذ يرصد المدن ويستكشفها ويبني تصوراً حول هويته وهوية الآخر فيها، ويفتش فيها عن الحميم والغريب، يفعل المصوّر الشيء نفسه، فيدعونا "في رحلته الاستكشافيّة إلى مشاهدة أجزاء من هذه التذكارات كتوثيق لتجاربه".
يشتغل زكريا بشكل أساسي في منطقة التوثيق، ففي "سندروم الديموقراطية" مثلاً، صوّر مجموعة من البورتريهات لشخصيات تظهر في فترات الانتخابات في الأردن، والتي يصفها بأنها "المسرح السياسي"، صور لا تخلو من سخرية ونقد للسلوك الاجتماعي السياسي.
أما في مجموعته "صوّر نفسك" فقد اتبع توصيات من المصوّر والفنان السوري هرير سركسيان، ليصور نفسه في نفس الوضعية والكاميرا والإضاءة يومياً بعد أن يقرأ عناوين الأخبار. وأن يكون التعليق على كل صورة بالعنوان الرئيسي لذلك اليوم. المجموعة محاولة رصد الأثر الذي تتركه الميديا علينا بشكل يومي، هل هو أثر واضح؟ أم أنه رد فعل لا مبالٍ مهما حمل الخبر من معلومات؟
بهذا المزاج يعمل الفنان محمد زكريا، يتحرّك مثل الكاميرا التي يحملها، ويتعرف على العالم من خلالها.