11 نوفمبر 2024
محمد صلاح خائن وعميل
أحمد زويل، محمد البرادعي، عصام حجي، علاء الأسواني، بلال فضل، محمد أبو تريكة، وغيرهم. شخصيات مصرية نالت شهرة واسعة، وحققت مكانة متميزة في مجالات مختلفة، على المستويين الوطني والعالمي. وشأن كل المشاهير والرموز في أي بلد، صار هؤلاء مصدراً لتباهي مصر بأبنائها المبدعين الموهوبين.
وما يجري في مصر حالياً مع نجم الكرة، محمد صلاح، ليس استثناء من هذا النمط. ففضلاً عن أنه معشوق جماهير الكرة، وأملها في تحقيق أمجاد للكرة المصرية، صار صلاح هدفاً للإعلام المصري الذي يكاد يصنع منه قدّيساً ويختزل مصر كلها فيه. بالطبع، لا غضاضة في البحث عن رمز أو شخص يسعد المواطنين بإنجازاته، ويعلق الناس عليه آمالهم، ويجدون فيه تعويضاً عن إحباط أو تنفيساً عن كبت.
المشكلة في تسييس نجاحه وربط ما يقوم به بالوطن والوطنية وقوة الدولة وحضارتها وتاريخها. في حين أن لا فضل لدولته فيما وصل إليه من نجاح. بل في معظم الحالات، لم يكن هؤلاء الأشخاص الناجحون المبدعون ليحققوا شيئاً مما أنجزوه، لو ظلوا في مصر.
البحث عن بطل والتعلق بشخصية كاريزمية أمر طبيعي، ملازم للطبيعة البشرية، لكن الشعوب الرشيدة تصنع أبطالها، ولا تستوردهم، أو تتمسح فيهم بعد أن يصنعوا أنفسهم خارجها بدعم شعوب أخرى.
لو بقي محمد صلاح في مصر، لكن الآن أسير المنظومة الفاشلة للكرة المصرية. ولولا توفر مقومات النجاح في أنظمة الإدارة والرياضة لما كفي صلاح اجتهاده وموهبته للتألق في سويسرا وإيطاليا وإنكلترا، وربما قريباً إسبانيا.
ثمة مغالطة مزدوجة يروجها الإعلام المصري، وجهها الأول أن نجاح كل مصري في الخارج يجسد عبقرية هذا الوطن، ويمثل نتاجاً "طبيعياً" للريادة المصرية. ووجهها الآخر العكسي أن هذا الشخص الرمز، بنجاحه وإنجازه وعبقريته وطيبته وصدقه وحسن أخلاقه وسمو مبادئه، يصير صنواً للوطن، ونموذجاً مصغراً له. وتُختزل مصر فيه ذلك الاختزال المهين.
مسؤولية المبالغة في تمجيد أشخاص هم في النهاية بشر يصيبون ويخطئون، وخلع سجايا عليهم تجعل منهم أصحاب فضل على بلدهم، ليس العيب في أنها لا تقع على هؤلاء الناجحين. وإنما يسأل عنها محترفو النفاق والشخصنة، أصحاب منطق تأليه كل صاحب منصب وتقديسه، ومنحه صفاتٍ استثنائيةً ترتقي به فوق مراتب البشر.
من خصائص هذا الاختزال المُخل أنه مشروط بالاستمرار في التأييد المطلق، فيظل ذاك الشخص معبراً عن الوطن، طالما كان موالياً وطيعاً لا يعارض أو يجادل. فإن فعل، تسقط عنه مزاياه وسجاياه النبيلة ويفقد وطنيته، ويصبح من الخونة والمتآمرين. كان هذا مصير أبو تريكة والأسواني وحجي والبرادعي وغيرهم.
بعد أن كان كل منهم ملء السمع والأبصار، ويضعه الإعلام فوق الرؤوس، لأنه واجهة مشرّفة لمصر، ورمز وطني، وتجسيداً لعبقرية مصر وعراقة شعبها. نعم هو نفسه ذلك الشعب الذي يبدع في قتل الكفاءات وطردها، وهي نفسها تلك الدولة التي تكرّم الراقصات، ولا تلتفت إلى العلماء أو الناجحين، إلا لو تألقوا في الخارج، ولفتوا انتباه العالم.
حتى الآن، يعيش محمد صلاح في شهر العسل، حيث يحظى بإطراء وتقديس، ويتغنى الإعلام به في وصلات نفاق تقطر شوفينية. وحتى الآن، تجنب صلاح الوقوع في فخ اتخاذ موقف مستقل أو إعلان رأي لا يطابق التوجه الرسمي. وسيستمر محمد صلاح مواطناً صالحاً وبطلاً قومياً، طالما ظلّ متألقاً في مجاله. شريطة ألا يعترض أو يتحفظ على أي شيء في مصر، وإلا انضم إلى قائمة المُمجَدين سابقاً المُطاردين حالياً.
محمد صلاح، وكل مصري ناجح أبدع وتألق مثله في الخارج، هو مواطن صالح ونموذج مشرّف ورمز للشعب والوطن. وفي الوقت نفسه، هو خائن محتمل وعميل متخفٍّ، لم ينكشف بعد، أو خلية نائمة إلى حين.
وما يجري في مصر حالياً مع نجم الكرة، محمد صلاح، ليس استثناء من هذا النمط. ففضلاً عن أنه معشوق جماهير الكرة، وأملها في تحقيق أمجاد للكرة المصرية، صار صلاح هدفاً للإعلام المصري الذي يكاد يصنع منه قدّيساً ويختزل مصر كلها فيه. بالطبع، لا غضاضة في البحث عن رمز أو شخص يسعد المواطنين بإنجازاته، ويعلق الناس عليه آمالهم، ويجدون فيه تعويضاً عن إحباط أو تنفيساً عن كبت.
المشكلة في تسييس نجاحه وربط ما يقوم به بالوطن والوطنية وقوة الدولة وحضارتها وتاريخها. في حين أن لا فضل لدولته فيما وصل إليه من نجاح. بل في معظم الحالات، لم يكن هؤلاء الأشخاص الناجحون المبدعون ليحققوا شيئاً مما أنجزوه، لو ظلوا في مصر.
البحث عن بطل والتعلق بشخصية كاريزمية أمر طبيعي، ملازم للطبيعة البشرية، لكن الشعوب الرشيدة تصنع أبطالها، ولا تستوردهم، أو تتمسح فيهم بعد أن يصنعوا أنفسهم خارجها بدعم شعوب أخرى.
لو بقي محمد صلاح في مصر، لكن الآن أسير المنظومة الفاشلة للكرة المصرية. ولولا توفر مقومات النجاح في أنظمة الإدارة والرياضة لما كفي صلاح اجتهاده وموهبته للتألق في سويسرا وإيطاليا وإنكلترا، وربما قريباً إسبانيا.
ثمة مغالطة مزدوجة يروجها الإعلام المصري، وجهها الأول أن نجاح كل مصري في الخارج يجسد عبقرية هذا الوطن، ويمثل نتاجاً "طبيعياً" للريادة المصرية. ووجهها الآخر العكسي أن هذا الشخص الرمز، بنجاحه وإنجازه وعبقريته وطيبته وصدقه وحسن أخلاقه وسمو مبادئه، يصير صنواً للوطن، ونموذجاً مصغراً له. وتُختزل مصر فيه ذلك الاختزال المهين.
مسؤولية المبالغة في تمجيد أشخاص هم في النهاية بشر يصيبون ويخطئون، وخلع سجايا عليهم تجعل منهم أصحاب فضل على بلدهم، ليس العيب في أنها لا تقع على هؤلاء الناجحين. وإنما يسأل عنها محترفو النفاق والشخصنة، أصحاب منطق تأليه كل صاحب منصب وتقديسه، ومنحه صفاتٍ استثنائيةً ترتقي به فوق مراتب البشر.
من خصائص هذا الاختزال المُخل أنه مشروط بالاستمرار في التأييد المطلق، فيظل ذاك الشخص معبراً عن الوطن، طالما كان موالياً وطيعاً لا يعارض أو يجادل. فإن فعل، تسقط عنه مزاياه وسجاياه النبيلة ويفقد وطنيته، ويصبح من الخونة والمتآمرين. كان هذا مصير أبو تريكة والأسواني وحجي والبرادعي وغيرهم.
بعد أن كان كل منهم ملء السمع والأبصار، ويضعه الإعلام فوق الرؤوس، لأنه واجهة مشرّفة لمصر، ورمز وطني، وتجسيداً لعبقرية مصر وعراقة شعبها. نعم هو نفسه ذلك الشعب الذي يبدع في قتل الكفاءات وطردها، وهي نفسها تلك الدولة التي تكرّم الراقصات، ولا تلتفت إلى العلماء أو الناجحين، إلا لو تألقوا في الخارج، ولفتوا انتباه العالم.
حتى الآن، يعيش محمد صلاح في شهر العسل، حيث يحظى بإطراء وتقديس، ويتغنى الإعلام به في وصلات نفاق تقطر شوفينية. وحتى الآن، تجنب صلاح الوقوع في فخ اتخاذ موقف مستقل أو إعلان رأي لا يطابق التوجه الرسمي. وسيستمر محمد صلاح مواطناً صالحاً وبطلاً قومياً، طالما ظلّ متألقاً في مجاله. شريطة ألا يعترض أو يتحفظ على أي شيء في مصر، وإلا انضم إلى قائمة المُمجَدين سابقاً المُطاردين حالياً.
محمد صلاح، وكل مصري ناجح أبدع وتألق مثله في الخارج، هو مواطن صالح ونموذج مشرّف ورمز للشعب والوطن. وفي الوقت نفسه، هو خائن محتمل وعميل متخفٍّ، لم ينكشف بعد، أو خلية نائمة إلى حين.