كان يمكن لحياة المحامي الفلسطيني الشاب محمد علان، أن تسير بطريقة مغايرة تماماً لما هي عليه اليوم، كأن يكون مثلاً في إحدى المحاكم الفلسطينية يدافع عن معتقل سياسي أو يدرس ملفا قانونيا، غير أن الاحتلال غيّر مجرى حياته عندما قرر اعتقاله دون تهمة، ليبدأ على إثرها إضرابه المفتوح عن الطعام.
اقرأ أيضاً خضر عدنان: شيخ معارك "الأمعاء الخاوية"
يدخل علان الثلاثاء يومه الـ 42 من الإضراب عن الطعام، مكتفياً بالماء فقط، رافضاً الملح والفيتامينات. يؤكد في رسالة إلى عائلته أن المحاكم الإدارية الإسرائيلية تخلو من القانون؛ لذلك "لم يكن أمامي إلا فرض قانون الأمعاء الخاوية في معركتي مع الاحتلال".
واعتقلت قوات الاحتلال علان في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، ولم يتم توجيه أي تهمة له، إذ تذرعت النيابة العسكرية الإسرائيلية بوجود ملف سري، ولا يمكن الإعلان عن التهم.
علان(30 عاماً) هو محامٍ موهوب وصاعد كما يقرّ القضاة وزملاؤه من المحامين. أوكلت إليه قضايا مهمة رغم عمره المهني القصير، وبات اليوم الأسير والمحامي لقضيته العادلة. كل يوم يمر على إضرابه المفتوح عن الطعام يزداد عناداً وصلابة، ويزداد قمع مصلحة السجون له، بحسب ما يرى المقربون منه.
منذ أن أعلن إضرابه المفتوح عن الطعام في السادس عشر من يونيو/حزيران 2015، تم نقل علان من عزل إلى عزل آخر حتى لا تتوسع حالة الإضراب عن الطعام التي بدأها خضر عدنان في مايو/أيار الماضي وخرج منتصراً منها بعد 57 يوماً في يوليو/تموز الحالي. تم عزل علان والتنكيل به، وتعرض للضرب ولمحاولات وحشية من قبل الاحتلال لدفعه لإنهاء إضرابه عن الطعام، لكنها فشلت.
اقرأ أيضاً: خضر عدنان في خطابه قبل إعادة اعتقاله... رسائل للأصدقاء والأعداء
وقام السجانون برميه داخل زنزانته رغم تدهور وضعه الصحي، وحالة الهزال والضعف العام التي يعاني منها جسده بسبب مضاعفات الإضراب عن الطعام.
كما كان أطباء مصلحة السجون الإسرائيلية طرفاً في التنكيل بالأسير المحامي، إذ عاملوه بقسوة وأهانوه، بعدما رفض الامتثال لأوامرهم والخضوع لفحص طبي. وبعد تدهور وضعه الصحي ونقله إلى عيادة السجن رفض هؤلاء الأطباء حتى النظر إليه، مؤكدين أنه "لا يشكو من أي مرض"، بحسب ما جاء في رسالة علان لعائلته.
وفي معتقل "إيشل"، أمضى علان أصعب أيامه، بحيث تم وضعه في غرفة عزل ضيقة جداً تتآكلها الرطوبة ولا يوجد فيها حتى مرحاض. في حين صادرت مصلحة السجون جميع أغراضه الخاصة، ولم تبق له سوى ملابسه التي يرتديها وفراشاً بسمك (2 سنتمتر).
وبعد إمضائه 32 يوماً في عزل معتقل "إيشل"، تدهور وضع علان الصحي، فتم نقله مطلع الأسبوع الجاري إلى مستشفى "سوروكا"، بحسب ما أوضح محامي نادي الأسير لعائلة علّان.
ويقول شقيق محمد، عميد، لـ"العربي الجديد" إن "شقيقي بات في وضع صحي حرج للغاية، وتم نقله إلى المستشفى بعدما يئست مصلحة السجون الإسرائيلية من قدرتها على إجباره على إنهاء إضرابه المفتوح عن الطعام".
ويضيف: "يصر شقيقي على الإفراج عنه مقابل إنهاء إضرابه عن الطعام، ونعلم كم هو عنيد من الصعب ثنيه عن هدفه".
اعتقال علان الذي ينحدر من قرية عينبوس في محافظة نابلس، هو الثالث، إذ سبق واعتقلته سلطات الاحتلال وحكمت عليه بالسجن لمدة 3 سنوات منذ عام 2003 إلى 2006. وبعد ذلك تم اعتقاله والتحقيق معه لمدة 50 يوماً، وهذه هي المرة الأولى التي يتم اعتقاله فيها والحكم عليه بالسجن الإداري، أي أن مدة اعتقاله ستكون خاضعة لقرار من ضابط الاستخبارات الإسرائيلي، وليست مبنية على أي بيّنة أو تهمة واضحة.
زملاء علان من المحامين وعائلته وكل من يعرفه في سلك القضاء يؤمنون أن علان سينتصر في قضيته العادلة، كما كان ينتصر كل يوم لموكليه أمام المحاكم الفلسطينية.