لم تمر أشهر قليلة على استقرار العملة الأميركية مقابل الجنيه المصري، حتى عاودت الصعود، مقتربة من حاجز 18 جنيهاً للمرة الأولى منذ يوليو/ تموز الماضي.
بيانات البنك المركزي تظهر ارتفاع سعر شراء الدولار من 17.59 جنيهاً في الفترة بين مطلع مايو/ أيار الجاري إلى 17.86 جنيهاً في الوقت الحالي، بزيادة قدرها 1.5%.
كذلك ارتفع سعر بيع الدولار من 17.72 جنيهاً في مطلع مايو/ أيار إلى 17.97 جنيهاً حالياً، بزيادة نسبتها 1.4%.
ويقول المركزي المصري، على لسان محافظه طارق عامر، إنه سيتدخل في سوق الصرف إذا واصل الجنيه تراجعه إلى حدود غير مقبولة، وإنه لن يسمح بحدوث تقلبات شديدة في سعر الصرف، سواء صعوداً أو هبوطاً.
عرض وطلب
المحلل الاقتصادي محمد عبد العال (مصري)، قال إن قرار تعويم الجنيه المصري (تحرير سعر صرفه مقابل العملات الأجنبية) في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، "يجعل من المستحيل بقاءه ثابتاً ومستقراً لفترات طويلة، وإنما المنطقي أن يتباين السعر صعوداً وهبوطاً بحسب العرض والطلب".
واعتبر عبد العال في حديث مع "الأناضول" أن "تحركات الدولار أمام الجنيه حالياً من النوع الذي يعكس عوامل موسمية محلية، وأخرى مرتبطة بعوامل خارجية دولية، ولا تعكس أبداً عدم توازن في العرض أو الطلب الكلي على النقد الأجنبي".
كان محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، قد صرّح منتصف الشهر الجاري بأن بلاده جذبت تدفقات بنحو 120 مليار دولار منذ تعويم الجنيه، سواء في شكل سندات دولية أو استثمارات أجنبية مباشرة، أو تحويلات المصريين بالخارج أو السياحة وغيرها.
فاتورة الاستيراد
وأشار عبد العال إلى أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً إلى قرابة 77 ـ 80 دولاراً للبرميل يعني ارتفاعاً في قيمة فاتورة الاستيراد، ما يولّد مخاوف من زيادة الطلب على الدولار.
وقفزت أسعار النفط الخام قبل جلسات عدة صوب حاجز 80 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، قبل أن تنخفض لاحقاً، مدعومة بالتوترات الجيوسياسية المتعلقة بانسحاب أميركا من الاتفاق النووي مع إيران.
وأوضح عبد العال أن التغيرات السياسية على الساحة الدولية، ومنها انسحاب أميركا من الاتفاق النووي مع إيران، أدّت إلى ارتفاع سعر الدولار أمام العملات في الأسواق العالمية.
كان مؤشر الدولار الذي يقيس قيمة العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، صعد قبل أيام عدة إلى 93.83، محققاً أعلى مستوى في 5 أشهر.
وفي 8 مايو/ أيار الجاري، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية على إيران والانسحاب من الاتفاق النووي الموقع في 2015.
وأشار عبد العال إلى تشديد السياسة النقدية (رفع الفائدة) في الولايات المتحدة، وارتفاع قيمة الدولار، في ظل إبقاء المركزي المصري على سعر الفائدة بعد خفضها مرتين على التوالي، إذ إن "تعارض الاتجاهين قد يشكّل بعض التأثير النفسي لمصلحة الدولار".
صعود مؤقت
المحلل الاقتصادي محمد شلبي (مصري) اعتبر بدوره أن صعود الدولار أمام الجنيه المصري "مؤقت ولن يستمر طويلاً".
وأوضح شلبي أنه يتوقع أن يعاود الدولار الانخفاض مجدداً، خاصة مع قرب حصول مصر على الشريحة الرابعة بقيمة ملياري دولار من قرض صندوق النقد الدولي، بعد إجراء المراجعة الثالثة لأداء الاقتصاد.
وأشار شلبي إلى أن مصر في فترة تسلم قروض من الصندوق أو طرح سندات دولية في الخارج بحاجة إلى أن يكون الدولار مرتفعاً، بخلاف حين مواعيد السداد.
وأوضح أن ارتفاع الدولار حالياً ليس مؤشراً على نقص في السيولة الدولارية بمصر، وإنما يعود إلى إقبال المستثمرين على الدولار عالمياً، بالإضافة إلى خروج مستثمرين أجانب من سوق الدين الحكومي.
وتشير تقديرات رسمية إلى خروج نحو 5 مليارات دولار من استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية التي بلغت 23.1 مليار دولار مع نهاية مارس/ آذار 2018.
وتزحف الأموال الساخنة نحو الأرجنتين حالياً، بعدما طرحت أدوات دين بفائدة تبلغ 40% لمواجهة أزمتها الاقتصادية.
استقرار الدولار
وتتوقع وكالة "ستاندرد آند بورز"، في تقرير حديث، أن يستقر الدولار عند 18 جنيهاً في العام المالي 2017 / 2018، وأن يرتفع إلى 19 جنيهاً في العام المالي 2018/ 2019، وأن يواصل الصعود إلى 20 جنيهاً في العام المالي 2019/ 2020.
ويقدر مشروع الموازنة المصرية الدولار مقابل 17.25 جنيهاً في العام المالي المقبل، مقابل 16 جنيهاً في العام المالي الجاري.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقاً لقانون الموازنة العامة.
(الأناضول)