مخطوفو "القسام" يعمقون الخلاف المصري الحمساوي: كل الخيارات واردة

23 اغسطس 2015
شكوك كثيرة تحيط بعملية الاختطاف قرب معبر رفح(فرانس برس)
+ الخط -
دخلت العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والسلطات القائمة في مصر، مرحلة جديدة من التوتر غير العلني حتى الآن، بعدما اختطف مسلحون مجهولون أربعة من عناصر كتائب القسام، الذراع العسكرية للحركة، على بعد مئات الأمتار فقط من بوابة معبر رفح البري، من الجهة المصرية. 
ولا تزال ظروف اختطاف الشبان الأربعة غامضة، ومثيرة لكثير من الأسئلة والشكوك، ليس أقلها الاتهام الموجه للخاطفين أو مسهلي عملية الخطف بالتنسيق والترتيب مع جهات أمنية كبيرة قبل الحادثة، وهو ما سهل عملية الخطف للشبان، الذين تمت مناداتهم بأسمائهم قبل أنّ يقتادوا من الحافلة.

اقرأ أيضاً المصالحة الفلسطينية المنسيّة: رؤيتان لا تلتقيان... بانتظار التطورات الإقليمية

وتؤكد مصادر في غزة لـ"العربي الجديد" أنّ المعلومات التي جمعتها حركة "حماس" وشهادات شهود العيان من الحافلة التي تعرضت للهجوم، تؤكد أنّ ما جرى كان تسليماً للأربعة باليد، وليس حادثة اختطاف عادية. واتهمت "حماس" بشكل غير مباشر، جهازاً أمنياً مصرياً بالمسؤولية عن اختطاف الأربعة.
وطرحت الحادثة لدى قيادة "حماس" أسئلة كثيرة عن تحرك الحافلة في وقت متأخر جداً على غير العادة، وفي وقت دخل فيه وقت حظر التجوال للمنطقة. ولم تسفر الاتصالات مع مصر حول حادثة الخطف إلى نتيجة حتى الآن. كما أنّ السلطات المصرية، وفق مصادر "العربي الجديد"، لا تبدو مهتمة كثيراً ومتعاونة في القضية.
ودخلت كتائب القسام، التي ينتمي إليها المخطوفون الأربعة على الخط، بتأكيدها أنّ الحادثة "لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام"، معلنة أنّ تفاصيل الحدث وجزئياته باتت بينّ يدي قيادة الكتائب، ومشيرة في ذات الوقت إلى أنها ستلتزم الصمت تجاه هذا الأمر، ولن تتحدث كثيراً، ولكن "القسام" علّمت العالم أن أفعالها سبقت أقوالها.
وعلى الرغم من أنّ هذا التحذير جاء من الكتائب، فإن متابعين، يرون أنّ موقف "القسام" هو محاولة لقطع الطريق أمام أي محاولة ابتزاز لها في القضية، ويعني أيضاً خروج الملف من إطاره الإنساني، إلى إطاره الأكبر، مع تبنيه رسمياً من الذراع العسكرية لـ"حماس".
يقول القيادي في "حماس" مشير المصري لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتصالات مستمرة مع مصر، وإنّ حركته أجرت اتصالاتها منذ اللحظة الأولى لاختطاف الشبان الأربعة، وأكدت على ضرورة تحمل السلطات المصرية مسؤولياتها والإفراج عنهم في أسرع وقت ممكن.
ويؤكد المصري أنّ الشبان الأربعة جرى اختطافهم في الأراضي المصرية، وعلى بعد مسافة محدودة من معبر رفح، وكانت أسماؤهم معلومة للجهة الخاطفة مسبقاً، وأنّ الحافلة المتواجدين فيها محددة للخاطفين، في دلالة على أن الخاطفين استندوا إلى معلومات استخباراتية متعلقة بالمختطفين، منذ لحظة انطلاقهم من المعبر المصري. ويشير المصري إلى أنّ كل ذلك "يثير علامات استفهام كبيرة عن خلفية الجهة الخاطفة"، مؤكداً أنّ الشبان الأربعة "لهم علاقة بالمشروع الوطني والمقاوم، كما هو شأن شباب غزة، وبعضهم جرحى ذهبوا لتلقى العلاج في الخارج".
من جهته، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تبني كتائب القسام لقضية المختطفين الأربعة، خطوة متقدمة للغاية وغير معهودة من قبل الكتائب وحركة "حماس"، وتحمل دلالات سياسية وعسكرية مستقبلية. ويشير المدهون إلى أنّ امتلاك القسام لبعض المعلومات المتمثلة في الجهة الخاطفة وبعض التفاصيل تعكس تعاملها الجدي مع الملف ورغبة في عدم الاستسلام لمعادلة جديدة تحاول بعض الأطراف فرضها على أهالي غزة.
ويلفت المدهون إلى أنّ الملف لم يعد ملفاً سياسياً، وتحول لملف عسكري وسيحمل ردوداً عسكرية، ليس شرطاً أن تكون عملية إنقاذ وتحرير، بل قد تقدم كتائب القسام على كسر حالة وقف إطلاق النار، في ظل وجود شبهات عن تورط استخباراتي مصري وإسرائيلي في الحادثة. ويوضح المدهون أنّ "كتائب القسام قادرة على إنهاء حالة التهدئة إذا ثبت لها تورط الاحتلال في عملية الاختطاف، بالإضافة لبعض الخيارات الأخرى التي تمتلكها والتي ستلقي بظلالها على العلاقات بين مصر وحماس في غزة".
ويبينّ المدهون أنّ "العلاقة بين حماس ومصر تمرّ بالكثير من التقلبات ما بين عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك والرئيس المعزول محمد مرسي والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي تمر العلاقات في عهده بمرحلة غير مسبوقة من التوتر"، موضحاً أنّ مصر أبدت في الأشهر الأخيرة بعض الإشارات الإيجابية تجاه "حماس"، كفتح معبر رفح وإدخال الأسمنت ومواد البناء عبر المعبر، بالإضافة لعقد لقاءات مع بعض قيادات الحركة ما أوحى بتحسن ملموس في العلاقة. غير أنّ المدهون يستدرك بالقول إنّ احتجاز وكيل وزارة الأوقاف حسن الصيفي في مطار القاهرة قبل أيام، واختطاف الشبان الأربعة في الأراضي المصرية، سيلقيان بظلالهما على هذه العلاقة، ومرحلة الاختطاف ستكون علامة فارقة في العلاقات مع مصر، وخصوصاً إذا لم يتضح مصير المخطوفين. ويشير إلى أنّ التعامل المصري الباهت مع الملف وعدم الإفصاح عن أية تفاصيل متعلقة بالحادثة، قد عقّد الأمر، وسيكون لذلك تداعياته المختلفة على القطاع، وعلى النظام المصري الحالي.
أما المحلل السياسي، حاتم أبو زايدة، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنّ اختطاف الشبان الأربعة "سابقة خطيرة"، وهي الأولى من نوعها على مدار التاريخ، في ظل وجود إشارات ومعلومات متواترة عن تورط جهة أمنية مصرية في حادثة الاختطاف. ويشير أبو زايدة إلى أنّ ما حدث سيكون له أبعاده على العلاقات المستقبلية بين حركة "حماس" في قطاع غزة والنظام المصري الحالي، وخصوصاً إنّ ثبت بشكل رسمي تورط أطراف مصرية في عملية الاختطاف، لأفراد خرجوا بطريقة رسمية وجرى اختطافهم داخل الأراضي المصرية.
وعن حديث قادة "حماس" المتكرر عن تحسن العلاقات مع مصر، يشير أبو زايدة إلى أنّ العلاقات المصرية – الحمساوية "لا تتجاوز العلاقة العامة فقط، ومتوترة للغاية منذ الانقلاب وعزل مرسي"، موضحاً انّ ما جرى في العلاقات بين الطرفين "مجرد إشارات أوحت بتحسن العلاقات مع مصر لكن الأمور معقدة للغاية وفي نفق مظلم للغاية".
ويعتقد أبو زايدة أن تبني "القسام" للملف يؤكد أنّ الكتائب "على علم ببعض المعلومات والتفاصيل الخاصة بعملية الخطف، وهو تلويح وتهديد للنظام المصري، كون العملية تمت على أراضيه في ظل إشارات عن تورط أطراف أمنية بالعملية". ويستبعد أبو زايدة إقدام كتائب القسام على تنفيذ عملية عسكرية داخل الأراضي المصرية من أجل تحرير المختطفين إذا أتيحت لها الفرصة، مشدداً على أنّ "القسام ستفصح عن ما لديها من معلومات وستؤدي بعض الأطراف العربية والإقليمية دوراً لحل هذا الملف".
دلالات
المساهمون