يعيش المهجرون العراقيون واقعاً مأساوياً بعد غرق المخيمات التي يسكنون فيها بموجات المطر، متهمين الحكومة العراقية بالتقصير المتعمد تجاههم، معلنين عن نيتهم العودة إلى مدنهم برغم سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" عليها.
من جهته، يغري تنظيم "داعش" الأسر المهجرة بالعودة إلى بيوتها، مؤكداً عبر دعوات وجهها من خلال أقارب المهجرين الذين لم يغادروا بيوتهم في مدن بالأنبار وصلاح الدين والموصل، أنه سيعفو عن العائدين.
وأكد عراقيون نازحون لـ"العربي الجديد" استعدادهم للعودة إلى مناطقهم، غير مبالين بما يترتب على عودتهم من نتائج، مشيرين إلى أن ما لاقوه في سكنهم داخل المخيمات أقسى بكثير من معاملة "التنظيم" لهم لو أنهم لم يغادروا بيوتهم.
وقال عباس النجم، 49 عاماً، إنه وعائلته تمنوا الموت مرات كثيرة، بسبب سكنهم في خيمة، مشيراً إلى أن أطفاله تعرضوا لنكسات صحية، وباتوا يعانون من أمراض رئوية، نتيجة الغبار في الصيف والبلل مؤخراً من جراء الأمطار التي غمرت خيمته وحولت المخيم إلى أوحال.
إلى ذلك، ذكر سعد العاني أحد النازحين من محافظة الأنبار أنهم وجهوا دعواتهم للحكومة العراقية قبل قدوم الشتاء لكي يحصنوا أرض مخيماتهم الترابية بمادة الإسفلت كيلا تتحول إلى مستنقعات وأوحال، "لكننا لم نكن نجني إلا الوعود"، مشيراً إلى أن "الخيرين من المواطنين هم من قدم لنا المساعدة، واكتفت الحكومة بالتفرج على مأساتنا"، لافتاً إلى أن المواطنين نقلوهم إلى بيوتهم كما أن بعض المساجد استقبلتهم لحمايتهم بعد أن غرقت خيامهم.
اقرأ أيضاً: العراقيون يخزنون وقود التدفئة والحطب قبل البرد
أما نصير الراوي، 52 عاماً، من نازحي الأنبار أكد أنه على استعداد للرجوع إلى بيته، لافتاً إلى أن أقاربه في الأنبار الذين لم يغادروا منازلهم نصحوه بالعودة في حال تمكن من ذلك، معتبرين أن الرجوع "أقل سوءاً من البقاء داخل المخيمات". وقال لـ"العربي الجديد" إن تنظيم "داعش" أعلن للسكان هناك بأن "من يعود لن يحاسب، على أن يعلن التوبة" مضيفاً أن أقاربه ما زالوا يعيشون في بيوتهم ملتزمين بأوامر التنظيم "بالإكراه"، لكن والحديث للراوي "بالرغم من الهجمات الجوية والمعارك التي تدور في مدينتنا، والتشديد في التعامل من قبل داعش لكن الجميع هناك يسكنون في بيوتهم ولا يعانون من الغرق والإهمال".
ووفقاً لسعدون طاهر الهيتاوي " لم نشعر بذل مثل الذي شعرنا به في المخيمات، الحكومة تعاملنا كأننا لسنا بشرا أو مواطنين. كان من السهل ان يخصصوا لنا أماكن أفضل، كالساحات والمساجد والنوادي، ولو بشكل مؤقت، فالأولى أن يحافظوا على حياة مواطنيهم".
يشار إلى أن مخيمات للنازحين من مدن الأنبار وصلاح الدين والموصل تنتشر في عدد من المدن العراقية، أغلبها أقيمت غرب وجنوب بغداد، تحوي عشرات الآلاف من العائلات. واختارت أسر عراقية الهرب من مدنها بعد سيطرة تنظيم "داعش" عليها، ولجأ الكثير منهم إلى العاصمة بغداد، خاصة الأسر التي تقطن محافظة الأنبار، وتمكن بعضهم من إيجاد سكن له داخل أحياء بغداد، بعد كفالة أقارب له في تلك المناطق، فيما لم يجد الكثيرون سوى المخيمات التي أقيمت لإيوائهم من قبل منظمات إغاثة وميسورين وبعض الجهات الحكومية.
اقرأ أيضاً: مخيمات النازحين تغرقها السيول والفيضانات بالعراق