بالنظر إلى نتائج استطلاع رأي "الناس حول الحرب"، هل يمكن القول إن العالم أصبح أقل إنسانية؟
من الصعب القول إن العالم أصبح أقل إنسانية، خصوصاً مع وجود عوامل تفاؤل عديدة حملتها نتائج الاستطلاع. وأهمها استمرار إيمان أكثرية من شملهم الاستطلاع بوجوب وضع حدود للعنف في الحروب وحماية المدنيين ورفض استهداف كوادر الصحة والمستشفيات. كما جددت النتائج إيمان المواطنين حول العالم بأهمية القانون الدولي الإنساني، ودوره في الحد من دموية الحروب.
أظهرت النتائج أرقاماً مُقلقة على صعيد قبول الرأي العام للتعذيب. ما هو تعليقكم؟
بالفعل، فقرة التعذيب أثارت حالة من القلق والمفاجأة لدينا، لأنه ورغم رفض أكثر من نصف من شملتهم الدراسة للتعذيب، وجدنا قبولاً واسعاً للتعذيب بهدف الحصول على معلومات عسكرية، وهو أمر خاطئ، لأن مبدأ التعذيب مرفوض، ويتسبب باستمرار دورة الوحشية والانتقام ويُصعّب من المصالحة الوطنية في مرحلة ما بعد النزاع. كما أثبتت دراسات موضوعية عديدة أن انتهاج التعذيب لا ينعكس إيجاباً على الصعيد العسكري.
كيف تتعاملون مع المناطق الأكثر حساسية على الصعيد الإنساني في مناطق عملكم، لا سيما في حلب والغوطة وتعز والموصل؟
المنطلق الأول لعملنا الإنساني هو بناء حوار مع مُختلف أطراف النزاع لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين. ورغم الأهوال التي أظهرتها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي خلال العام الحالي، فقد تمكنّا من خرق خطوط القتال أكثر من 50 مرة وإيصال المساعدات للمدنيين المحاصرين، نتيجة للحوار القائم مع أطراف النزاع. هناك صعوبات قائمة طبعاً بسبب تعدد أطراف النزاع وتنوع توصيفاتها التي لا نتبناها. لكننا حريصون على قبولنا من مختلف أطراف النزاع لضمان سلامة طواقمنا وإيصال المساعدات.
كيف تقيمون اتفاق البلدات السورية الأربع (الفوعة وكفريا مقابل الزبداني ومضايا) بصفتكم جهة شاركت في ضمان الاتفاق من الناحية الإنسانية؟
نحن نتعامل مع أمر واقع، وهو وجود مدنيين محاصرين في البلدات الأربع لديهم احتياجات إنسانية عديدة. والاتفاق المُبرم هو ذو طابع سياسي، لكنه نجح في تأمين جزء من المساعدات المطلوبة. وأحد أبرز السلبيات في هذا الاتفاق هو تقييد العمل الإنساني بقيود سياسية وطائفية مرتبطة بطبيعة النزاع القائم، وليس بالحاجات الإنسانية للمدنيين المُحاصرين.
هل برأيكم سيؤدي تصاعد اليمين في الولايات المتحدة وأوروبا إلى تراجع الدعم المادي والمعنوي للعمل الإنساني؟
لا يزال إجراء تقييم كهذا مبكراً، لكنني أستطيع القول إن العامل الأساسي والحاسم في استمرار تقديم عملنا الإنساني هو اعتماد الحيادية وعدم التحيّز. وهي قيم ساعدتنا على تأمين ميزانيتنا طوال 150 عاماً (تاريخ عمل الصليب الأحمر الدولي). وأود الإشارة إلى أن ميزانيتنا لا تزال مدعومة ومستقرة حتى يومنا هذا.