تهتم العديد من الصحف الغربية بإعادة إحياء ذكرى "مذبحة رابعة" عبر تسليط الضوء على وقائعها الدامية؛ بدأتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية التي سبقت الصحافة العربية بتقرير نشرته في الثاني من أغسطس/ آب الحالي، وفيه ترصد الكاتبة راشيل أسبدن ما حدث للمتظاهرين يوم الفض، عبر قصة فتاة "شاهدة عيان"؛ تقول أسبدن:
"جثمت رقية خلف جدار من أكياس الرمل، ترمش بعينيها لتتخلص من العرق الذي يندفع إلى عينيها، كانت الشمس فوق الرؤوس مباشرة، ورائحة حرق البلاستيك النفاذة تخنق أنفاسها وتكوي حلقها. صيحات وصرخات ارتفعت متناثرة على وقع إطلاق النار وهدير مراوح طائرات الهليكوبتر، وضجيج الجرافات المدرعة.
- لاتتحركي حتى أخبرك بذلك" هكذا قال الرجل للفتاتين، ثم جرى مبتعدا.
رقية أومأت برأسها صامتة وانتظرت. أغلقت عينيها، وقبضت بيدها بإحكام على يد الفتاة الأخرى. لحظة هدوء قصيرة.. كان ذلك يعني إعادة تعبئة الجنود لأسلحتهم. كانت تعلم أن عليها أن تبدأ بالجري والهروب في شكل منحن (زجزاج) حتى يصعب على القناصين إصابتها.
عندما فتحت عينيها وجدت الآخرين؛ كباراً ومراهقين وأطفالاً صغاراً، رابضين في زوايا الجدران وبجوار السيارات وخلف الحواجز المصنوعة من أحجار الأرصفة.. تحت أي شيء يمكن أن يوفر لهم الحماية من الرصاص المنهمر من أطراف الميدان ومن القناصة المتمركزين على أسطح المنازل والبنايات وحولها.
عندئذ وقف رجل ملتحٍ قوي البنية، وفرد ذراعيه واسعتين في تحد، مواجها الميدان وهاتفا "لن أزحف"، "الله أكبر"، أغلقت رقية عينيها ثانية، لكنها سمعت جمجمة الرجل تتفتت عندما أصابتها رصاصة قناص!
-"الآن".
قالها شاب صائحاً عليهم؛ ثم اندفعوا وراءه يتأرجحون يميناً ويساراً بحثاً عن ملجأ في شارع جانبي، رقية كانت في الخامسة عشرة فقط من عمرها ولكن الفتاة الأخرى كانت أكبر منها سنا وأثقل وزنا؛ أصابتها رصاصة في ساقها.. زحفت الفتاة الأمتار الأخيرة لتنضم إليهم؛ تجرجر خلفها ذيلا من الدماء!".
يذكر أنّ راشيل أسبدن هي مؤلفة كتاب "ثورة جيل"؛ الذي يتحدث عن الثورة المصرية، وفيه تقول: إن حركة "تمرد" التي جمعت ملايين التوقيعات المزعومة لحمل (الرئيس محمد) مرسي على ترك كرسي الرئاسة، كانت مدعومة من رجال نظام مبارك الأقوياء من العسكريين ورجال الأعمال الذين أرادوا رحيل مرسي والإخوان.
أرشيف الصحافة الغربية يحتوي على العديد من المواد المرتبطة بعملية الفض الدامية، ففي الذكرى الثانية للأحداث تنشر صحيفة "ديلي ميل" (10 أغسطس/آب 2014) مقالاً بعنوان "النهاية الدموية للاحتجاج تقسم مصر"؛ وفيه يقول المحرر: "في البداية جاء الغاز المسيل للدموع، ثم بسرعة بدأت قوات الشرطة المصرية في فتح نيران الأسلحة الرشاشة، كل خمس دقائق –وفقاً للطالب محمد الإدريسي- تقتحم الشرطة الحاجز بالرصاص ويتلقى زميل واقف إلى جواره رصاصتين في العنق أو الكتف.
تضيف "ديلي ميل": إن المشهد في يوم الفض كان بداية لأكبر مجزرة في تاريخ مصر الحديث، عندما اقتحمت الشرطة مكان تجمع أنصار مرسي، ثم قتلت ما لا يقل عن 624 شخصاً خلال 12 ساعة فقط في ميدان رابعة العدوية، بالرغم من أن منظمات حقوق الإنسان تقول إن عدد القتلى يفوق هذا الرقم بعدة مئات.
بينما ترصد "الديلي نيوز" (23 أغسطس/آب 2014) توابع عزل الرئيس مرسي مروراً بأحداث فض رابعة، أن مصر تشهد تراجعا في حرية التعبير عما كان أيام مبارك أو مرسي. وقالت الصحيفة في المقال ذاته: إن فض رابعة وما جرى فيه هو جريمة ضد الإنسانية.
في اليوم التالي للأحداث (15 أغسطس/آب 2013) ذكرت "نيويورك تايمز": أن قوات الأمن المصرية اجتاحت المعتصمين من مؤيدي مرسي في اعتداء بسياسة الأرض المحروقة؛ أسفر عن مئات القتلى ومشعلا موجة من العنف في مصر.
اقــرأ أيضاً
"جثمت رقية خلف جدار من أكياس الرمل، ترمش بعينيها لتتخلص من العرق الذي يندفع إلى عينيها، كانت الشمس فوق الرؤوس مباشرة، ورائحة حرق البلاستيك النفاذة تخنق أنفاسها وتكوي حلقها. صيحات وصرخات ارتفعت متناثرة على وقع إطلاق النار وهدير مراوح طائرات الهليكوبتر، وضجيج الجرافات المدرعة.
- لاتتحركي حتى أخبرك بذلك" هكذا قال الرجل للفتاتين، ثم جرى مبتعدا.
رقية أومأت برأسها صامتة وانتظرت. أغلقت عينيها، وقبضت بيدها بإحكام على يد الفتاة الأخرى. لحظة هدوء قصيرة.. كان ذلك يعني إعادة تعبئة الجنود لأسلحتهم. كانت تعلم أن عليها أن تبدأ بالجري والهروب في شكل منحن (زجزاج) حتى يصعب على القناصين إصابتها.
عندما فتحت عينيها وجدت الآخرين؛ كباراً ومراهقين وأطفالاً صغاراً، رابضين في زوايا الجدران وبجوار السيارات وخلف الحواجز المصنوعة من أحجار الأرصفة.. تحت أي شيء يمكن أن يوفر لهم الحماية من الرصاص المنهمر من أطراف الميدان ومن القناصة المتمركزين على أسطح المنازل والبنايات وحولها.
عندئذ وقف رجل ملتحٍ قوي البنية، وفرد ذراعيه واسعتين في تحد، مواجها الميدان وهاتفا "لن أزحف"، "الله أكبر"، أغلقت رقية عينيها ثانية، لكنها سمعت جمجمة الرجل تتفتت عندما أصابتها رصاصة قناص!
-"الآن".
قالها شاب صائحاً عليهم؛ ثم اندفعوا وراءه يتأرجحون يميناً ويساراً بحثاً عن ملجأ في شارع جانبي، رقية كانت في الخامسة عشرة فقط من عمرها ولكن الفتاة الأخرى كانت أكبر منها سنا وأثقل وزنا؛ أصابتها رصاصة في ساقها.. زحفت الفتاة الأمتار الأخيرة لتنضم إليهم؛ تجرجر خلفها ذيلا من الدماء!".
يذكر أنّ راشيل أسبدن هي مؤلفة كتاب "ثورة جيل"؛ الذي يتحدث عن الثورة المصرية، وفيه تقول: إن حركة "تمرد" التي جمعت ملايين التوقيعات المزعومة لحمل (الرئيس محمد) مرسي على ترك كرسي الرئاسة، كانت مدعومة من رجال نظام مبارك الأقوياء من العسكريين ورجال الأعمال الذين أرادوا رحيل مرسي والإخوان.
أرشيف الصحافة الغربية يحتوي على العديد من المواد المرتبطة بعملية الفض الدامية، ففي الذكرى الثانية للأحداث تنشر صحيفة "ديلي ميل" (10 أغسطس/آب 2014) مقالاً بعنوان "النهاية الدموية للاحتجاج تقسم مصر"؛ وفيه يقول المحرر: "في البداية جاء الغاز المسيل للدموع، ثم بسرعة بدأت قوات الشرطة المصرية في فتح نيران الأسلحة الرشاشة، كل خمس دقائق –وفقاً للطالب محمد الإدريسي- تقتحم الشرطة الحاجز بالرصاص ويتلقى زميل واقف إلى جواره رصاصتين في العنق أو الكتف.
تضيف "ديلي ميل": إن المشهد في يوم الفض كان بداية لأكبر مجزرة في تاريخ مصر الحديث، عندما اقتحمت الشرطة مكان تجمع أنصار مرسي، ثم قتلت ما لا يقل عن 624 شخصاً خلال 12 ساعة فقط في ميدان رابعة العدوية، بالرغم من أن منظمات حقوق الإنسان تقول إن عدد القتلى يفوق هذا الرقم بعدة مئات.
بينما ترصد "الديلي نيوز" (23 أغسطس/آب 2014) توابع عزل الرئيس مرسي مروراً بأحداث فض رابعة، أن مصر تشهد تراجعا في حرية التعبير عما كان أيام مبارك أو مرسي. وقالت الصحيفة في المقال ذاته: إن فض رابعة وما جرى فيه هو جريمة ضد الإنسانية.
في اليوم التالي للأحداث (15 أغسطس/آب 2013) ذكرت "نيويورك تايمز": أن قوات الأمن المصرية اجتاحت المعتصمين من مؤيدي مرسي في اعتداء بسياسة الأرض المحروقة؛ أسفر عن مئات القتلى ومشعلا موجة من العنف في مصر.