08 نوفمبر 2024
مذبح الغوطة مفتاح الحرب الأخيرة
لا مبالغة في القول إن هناك قراراً دولياً بالتخلص من آخر معاقل المعارضة السورية في محيط العاصمة دمشق، مهما كانت الفاتورة البشرية والعمرانية، فقد تحركت روسيا، عبر سلاحها الجوي، بعد أن أعلنت، من بوابة حميميم "المحتلة"، استعدادها للمشاركة - الإدارة المباشرة للعمليات العسكرية التي يخوضها النظام ضد الفصائل المعارضة، ومن يقف إلى جانبها من المدنيين في غوطة دمشق الشرقية.
بسرعة دموية تقدم النظام في الغوطة، وتقدّم المجتمع الدولي أيضاً في الإدانات العاجزة! ولا تكفّ دعوات المعارضة في الخارج عن إطلاق التهم والإدانة بحق النظام وحلفائه، سواء في مواقع التواصل الافتراضية أو على منابر الرياض، أمّا على الأرض فالقرار لروسيا! المرجح أن ما تم بحثه في أستانة كان التركيز على التغيير الديموغرافي، تحت مسميات "خفض التصعيد"، فأرسلت تركيا قواتها إلى أرياف إدلب وحلب، لتثبيت النقاط المزعومة، حيث لا تزال "هيئة تحرير الشام" و"جبهة تحرير سورية" تقتتلان لاختلافاتٍ في "البغي الجهادي". وأمام ذلك غرقت تركيا في اجتياح عفرين، كما تناور، بين حين وآخر، برشقات متبادلة مع قوات النظام قرب حلب، فأين "خفض التصعيد"؟
وأرسلت روسيا قوات الأسد إلى الغوطة مع مليشيات إيران لابتلاع الجغرافيا والحاضنة
المعارضة، بعد أن علمت بنيّة الولايات المتحدة ضرب مواقع للنظام في سورية، بسبب استخدامه السلاح الكيميائي أخيرا، وبالتالي دفع روسيا إلى عربة تصفية الحسابات إلى ملعب المعارضة المسلحة التي لا تمتلك قدرة الدفاع عن المدنيين المعارضين في بلدات الغوطة، لتضع الرأي العام أمام خيار المصالحة الأسدية، بعد أن أرضت تركيا باجتياح عفرين وزجّها مع الولايات المتحدة قريبا لاجتياح منبج، وإرسال استفزازات عسكرية لها عبر قوات النظام، إضافة إلى دفع مليشيات الأخير إلى دير الزور وأرياف الرّقة للاصطدام مع القوات الأميركية والفصائل الكردية.
تلعب موسكو بالبطاقة الأخيرة في المنطقة، تريد الهيمنة علنا على قرار النظام في دمشق، بدليل مسرحية خروج بشار الأسد بسيارته الخاصة من قصر الروضة في دمشق نحو الغوطة الشرقية من طريق النشابية، حسب ما تحدث الأسد نفسه للكاميرا، وحده أيضاً (...) وكأنه على دراية بما يحدث في ميدان المعارك! حسب ما سرّبت مصادر موالية للنظام منذ أيام، تبين أن روسيا حدّت من تهديدات الريف القريب، المتبقي من المعارضة، ثم راحت تزرع المليشيات الشيعية في محيط العاصمة لتمسك بذراع إسرائيل. ولم يرق هذا الأمر للإدارة الأميركية، وربما نحن مقبلون على حرب فاصلة لتثبيت نقاط الاحتلال الدولي لسورية، والتخلص من أطراف الصراع السورية – السورية بشكل تام، واستبدالها بحلفاء جدد للدول اللاعبة بالدعم العسكري والاستخباراتي على الأرض، والسرعة في سقوط المناطق بيد القوى "الضامنة" يشير بوضوح إلى أن خللا حدث مع الولايات المتحدة، فيتم الهجوم على قواتها في الشمال، وقصف الفصائل المعارضة السورية التي تدعمها في الجنوب، ولعل التحرك أخيرا إلى عمّان من أجل اجتماعات عاجلة لقادة الفصائل جنوب سورية في غرفة "الموك" التي تقود العمليات العسكرية للمعارضة، بإشراف أجهزة استخبارات دولية، إشارة أخرى إلى أن الأمور تتداعى بسرعة نحن الأسوأ.
إضافة إلى ذلك، خرجت تقارير إلى العلن من بيت النظام الإيراني، تلمّح إلى استياء من تصرفات موسكو في الإسراع بالحسم غير المتوافق مع حلفائها، على ما يبدو، علماً أن مصادر موالية للأسد نشرت معلومات عن رسائل وجّهت من وزارة الدفاع الروسية إلى الحرس الثوري الإيراني "لمضاعفة أعداد قواته في سورية"، وكأن استراتيجية التحرك بيد موسكو وحدها، وإعلان معركة الغوطة هو أحد الانقلابات المفاجئة التي عطبت تمدد إيران في سورية، وجعلتها تطلق شائعات تزدري عبرها فاتورة التدخل الكبيرة في الحرب السورية، حيث أشار عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، جواد قدوسي، إلى خلافاتٍ في الحكومة الإيرانية بشأن إلغاء تمويل الحرس الثوري والتخلي عن النظام السوري.
لعل صورة الطفل الخارج حديثاً من إحدى بلدات الغوطة، عبر الممرات التي فتحتها القوات
الروسية لعبور المدنيين إلى مناطق سيطرة النظام، هي أكثر تعابير المشهد السوري ألماً، إذ حُمّل الصغير صورة لبشار الأسد في يد، وفي الأخرى حقيبة مهترئة لوطنه الممزّق من الموت وأحلام الحرية، كان يظهر وحده خارجاً بالغبار والرعب.
وأن تبقى صورة الأسد حاضرةً، على الرغم من كل الدم والضحايا والشتات، هذا ما يهم النظام وإعلامه. وبالتالي، إمّا أن تخرجوا من الغوطة، مهما كانت أعماركم وأحلامكم وبيدكم صورة القاتل لتشكروه لأنه خلّصكم من استبداد الفصائل واقتتالها وأعادكم إلى طغيانه شبه أحياء عبيد! أو ألا تخرجوا إلا صور أشلاءٍ بتوقيع القصف الروسي، بينما بنادق التفاوض المعارضة تطوي حرباتها تحت قراراتٍ أممية مزعومة لوقف إطلاق النار الذي لن يحدث قبل فناء كل معارض، مدنياً كان أم مقاتلاً ضد الأسد في ريف العاصمة وباقي البلاد.
ربما ستكون الغوطة المفتاح الدولي للتوازن الذي كسرته موسكو، تخوّفاً من طيش الإدارة الأميركية الجديدة، إدارة تخلّت عن وزير خارجيتها، ريكس تيلرسون، لأنه اعترض على توجهات الرئيس دونالد ترامب في السياسة الخارجية، كيف إذاً ستكون المعاملة مع الدول المحورية العابثة ببوابة الامتيازات في السعير، سورية؟ قد يراها بعضهم حرباً باردة، لكن كل هذا الدم السوري الحار النازف بسرعة لن يجعلها إلا جحيماً يكبر، من دون أن يثير الإنسانية الدولية الخانعة للتصريحات النووية. أمّا الغوطة فتبدو بمرارة تلحق بأخواتها من المدن السورية إلى هندسة شعب المصالحات، وتأهيل الأحياء التائبة عن الثورة، حسبما تريد "ديموغرافية" فلاديمير بوتين.
بسرعة دموية تقدم النظام في الغوطة، وتقدّم المجتمع الدولي أيضاً في الإدانات العاجزة! ولا تكفّ دعوات المعارضة في الخارج عن إطلاق التهم والإدانة بحق النظام وحلفائه، سواء في مواقع التواصل الافتراضية أو على منابر الرياض، أمّا على الأرض فالقرار لروسيا! المرجح أن ما تم بحثه في أستانة كان التركيز على التغيير الديموغرافي، تحت مسميات "خفض التصعيد"، فأرسلت تركيا قواتها إلى أرياف إدلب وحلب، لتثبيت النقاط المزعومة، حيث لا تزال "هيئة تحرير الشام" و"جبهة تحرير سورية" تقتتلان لاختلافاتٍ في "البغي الجهادي". وأمام ذلك غرقت تركيا في اجتياح عفرين، كما تناور، بين حين وآخر، برشقات متبادلة مع قوات النظام قرب حلب، فأين "خفض التصعيد"؟
وأرسلت روسيا قوات الأسد إلى الغوطة مع مليشيات إيران لابتلاع الجغرافيا والحاضنة
تلعب موسكو بالبطاقة الأخيرة في المنطقة، تريد الهيمنة علنا على قرار النظام في دمشق، بدليل مسرحية خروج بشار الأسد بسيارته الخاصة من قصر الروضة في دمشق نحو الغوطة الشرقية من طريق النشابية، حسب ما تحدث الأسد نفسه للكاميرا، وحده أيضاً (...) وكأنه على دراية بما يحدث في ميدان المعارك! حسب ما سرّبت مصادر موالية للنظام منذ أيام، تبين أن روسيا حدّت من تهديدات الريف القريب، المتبقي من المعارضة، ثم راحت تزرع المليشيات الشيعية في محيط العاصمة لتمسك بذراع إسرائيل. ولم يرق هذا الأمر للإدارة الأميركية، وربما نحن مقبلون على حرب فاصلة لتثبيت نقاط الاحتلال الدولي لسورية، والتخلص من أطراف الصراع السورية – السورية بشكل تام، واستبدالها بحلفاء جدد للدول اللاعبة بالدعم العسكري والاستخباراتي على الأرض، والسرعة في سقوط المناطق بيد القوى "الضامنة" يشير بوضوح إلى أن خللا حدث مع الولايات المتحدة، فيتم الهجوم على قواتها في الشمال، وقصف الفصائل المعارضة السورية التي تدعمها في الجنوب، ولعل التحرك أخيرا إلى عمّان من أجل اجتماعات عاجلة لقادة الفصائل جنوب سورية في غرفة "الموك" التي تقود العمليات العسكرية للمعارضة، بإشراف أجهزة استخبارات دولية، إشارة أخرى إلى أن الأمور تتداعى بسرعة نحن الأسوأ.
إضافة إلى ذلك، خرجت تقارير إلى العلن من بيت النظام الإيراني، تلمّح إلى استياء من تصرفات موسكو في الإسراع بالحسم غير المتوافق مع حلفائها، على ما يبدو، علماً أن مصادر موالية للأسد نشرت معلومات عن رسائل وجّهت من وزارة الدفاع الروسية إلى الحرس الثوري الإيراني "لمضاعفة أعداد قواته في سورية"، وكأن استراتيجية التحرك بيد موسكو وحدها، وإعلان معركة الغوطة هو أحد الانقلابات المفاجئة التي عطبت تمدد إيران في سورية، وجعلتها تطلق شائعات تزدري عبرها فاتورة التدخل الكبيرة في الحرب السورية، حيث أشار عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، جواد قدوسي، إلى خلافاتٍ في الحكومة الإيرانية بشأن إلغاء تمويل الحرس الثوري والتخلي عن النظام السوري.
لعل صورة الطفل الخارج حديثاً من إحدى بلدات الغوطة، عبر الممرات التي فتحتها القوات
وأن تبقى صورة الأسد حاضرةً، على الرغم من كل الدم والضحايا والشتات، هذا ما يهم النظام وإعلامه. وبالتالي، إمّا أن تخرجوا من الغوطة، مهما كانت أعماركم وأحلامكم وبيدكم صورة القاتل لتشكروه لأنه خلّصكم من استبداد الفصائل واقتتالها وأعادكم إلى طغيانه شبه أحياء عبيد! أو ألا تخرجوا إلا صور أشلاءٍ بتوقيع القصف الروسي، بينما بنادق التفاوض المعارضة تطوي حرباتها تحت قراراتٍ أممية مزعومة لوقف إطلاق النار الذي لن يحدث قبل فناء كل معارض، مدنياً كان أم مقاتلاً ضد الأسد في ريف العاصمة وباقي البلاد.
ربما ستكون الغوطة المفتاح الدولي للتوازن الذي كسرته موسكو، تخوّفاً من طيش الإدارة الأميركية الجديدة، إدارة تخلّت عن وزير خارجيتها، ريكس تيلرسون، لأنه اعترض على توجهات الرئيس دونالد ترامب في السياسة الخارجية، كيف إذاً ستكون المعاملة مع الدول المحورية العابثة ببوابة الامتيازات في السعير، سورية؟ قد يراها بعضهم حرباً باردة، لكن كل هذا الدم السوري الحار النازف بسرعة لن يجعلها إلا جحيماً يكبر، من دون أن يثير الإنسانية الدولية الخانعة للتصريحات النووية. أمّا الغوطة فتبدو بمرارة تلحق بأخواتها من المدن السورية إلى هندسة شعب المصالحات، وتأهيل الأحياء التائبة عن الثورة، حسبما تريد "ديموغرافية" فلاديمير بوتين.