تشهد مدينتا عدن والمكلا، جنوب شرق اليمن، استنفاراً أمنياً متصاعداً مع تكرار هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتركيزها على استهداف تجمّعات الراغبين بالالتحاق بالجيش والأمن، حصدت عشرات القتلى والجرحى في أحدث هجومين شهدتهما عدن، أمس الإثنين، فيما تعيش المكلا حالة استنفار مع توقعات بمزيد من الهجمات لتنظيمي "القاعدة" و"داعش".
وفي بيان له بث على شبكة الإنترنت، أعلن "داعش" تبنيّه التفجيرين، وقال إن الأول نفّذه انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً ويُدعى أبو علي العدني، الذي فجّر نفسه وسط تجمّع، وصفهم التنظيم بـ"جنود الردة"، فيما وقع التفجير الآخر بـ"عبوة ناسفة على بوابة معسكر بدر"، بمنطقة خور مكسر. ووصف "داعش" الأهداف بأنها تابعة لـ"الجيش اليمني المرتد".
ووقع التفجيران في عدن بعد نحو أسبوع على هجوم انتحاري مماثل وقع في مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، حين فجّر انتحاري نفسه وسط تجمع لطالبي الالتحاق بمعسكر النجدة. ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات. كما أعلن "داعش" حينها تبنّيه الهجوم، مشيراً إلى أن "الانتحاري يُدعى أبو البراء الأنصاري". وهي ثاني عملية انتحارية تبنّاها التنظيم في حضرموت خلال أيام، بعد أن نفّذ انتحاري يدعى حمزة المهاجر، في 12 مايو/أيار الحالي هجوماً استهدف معسكر الدفاع الساحلي في المكلا، ونتج عنه سقوط قتلى وجرحى.
وكان "داعش" قد دشن عملياته التي تُركّز على استهداف تجمّعات المجندين من عدن، بتفجير انتحاري في تجمّع لطالبي التجنيد في 17 فبراير/شباط الماضي في معسكر رأس عباس في عدن، ما أدى إلى مقتل وإصابة نحو 60 مجنداً، فيما أعلن "داعش" اسم الانتحاري ويدعى أبو عيسى الأنصاري، واصفاً الجنود بأنهم "مرتدون".
ويستغل "داعش" أوضاع جنوب وشرق اليمن، حيث تشهد المدن حركة تجنيد عقب الحرب، التي انهارت على ضوئها الأجهزة الأمنية والعسكرية. كما أن التنظيم كان قد أصدر تحذيراً لسكان المناطق هناك في 13 فبراير الماضي، من "مغبة الالتحاق بالجيش والشرطة" لحماية ما وصفها "القوانين الوضعية". واعتبر أن سكان المناطق "هدف مشروع له لعملياته التفجيرية".
وحول تركيز التنظيم على استهداف مراكز التجنيد، اعتبر باحث متخصص بشؤون الإرهاب في اليمن، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تنظيم داعش ربما يعتقد أن هذا التهديد سيحول دون إقبال الشباب على التجنيد في صفوف قوات الأمن والجيش، خصوصاً في الجنوب الذي يتجه الآن لتجنيد عدد كبير من الشباب في الأجهزة الأمنية والعسكرية التي ستتولى فيما بعد مهمة محاربة الإرهاب". وأضاف أن "الوصول إلى هذه المراكز سهل، لأن خبراتهم الاحترازية (أي المجندين) لا زالت متواضعة، ولهذا السبب تجمّعوا في مناطق سبق وأن شهدت عمليات مماثلة".
ومن اللافت أن تنظيم "داعش" هو من يتبنى مختلف الهجمات الانتحارية، في حين أن تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب والمعروف بـ"أنصار الشريعة" هو الأكثر نفوذاً في المناطق الجنوبية. وعلى الرغم من اختلافه مع "داعش" حول بعض الأهداف، إلا أن استهداف المجندين ومن يلتحقون بالأجهزة العسكرية والأمنية يعتبر هدفاً مشتركاً للجماعتين، وفقاً لما تقوله العديد من البيانات والتصريحات المنسوبة لقياديين.
في غضون ذلك، تشهد مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، استنفاراً أمنياً وعسكرياً في مداخل المدينة والعديد من المواقع داخلها، مع تكرار الاشتباكات مع خلايا محسوبة على "القاعدة"، الذي سيطر على المدينة لمدة عام كامل، وانسحب مع تقدم القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي أواخر أبريل/نيسان الماضي.
وشهدت المكلا أمس الأول اشتباكات عنيفة بين مجموعة مسلحة تابعة لـ"القاعدة" وقوات حكومية انتهت بمقتل 13 من مسلحي التنظيم وضابط وجندي من منتسبي ما يعرف بـ"قوات النخبة الحضرمية"، وانفجرت سيارة مفخخة كانت معدة للتفجير في أحد المنازل. وقال بيان لقيادة المنطقة العسكرية الثانية إن المسلحين كانوا يستعدون لتنفيذ هجمات فجر الأحد.